فتوى تهز القلوب: الإفتاء تحذر من حرمة التطاول على الصحابة الكرام

في فتوى تاريخية جديدة تقطع الطريق على محاولات التشكيك والطعن في جيل حمل لواء الدعوة وبلغ رسالة الإسلام، أصدر فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد – مفتي الجمهورية – فتوى صارمة تؤكد على حرمة التطاول على الصحابة الكرام أو الانتقاص من قدرهم، موضحة أن ذلك لا يُعد مجرد إساءة لفظية، بل هو طعن مباشر في الدين نفسه ومساس بمصداقية نقل الوحي الشريف.
الصحابة.. صفوة الصفوة وخيرة الأمة
أكد البيان أن الصحابة رضي الله عنهم هم خير البشر بعد الأنبياء، اصطفاهم الله لصحبة نبيه ﷺ ونقل شريعته ونصرة دعوته.
وقد زكاهم القرآن الكريم في مواضع عدة، منها قوله تعالى:﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100]وقوله عز وجل:﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: 29].
ونقل البيان عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود قوله: "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد ﷺ خير قلوب العباد فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه"، وهو ما يرسّخ مكانتهم الفريدة وعدالتهم التي أجمع عليها أهل السُّنة والجماعة.
التطاول عليهم.. طعن في الدين وردٌّ لشهادة الله
أوضحت الفتوى أن الطعن في الصحابة لا يقف عند حد الإساءة لشخصيات تاريخية، بل هو في حقيقته تكذيب لشهادة الله فيهم، ومخالفة صريحة لنصوص القرآن والسُّنة التي أثبتت لهم الفضل. فقد أثنى الله تعالى على إيمانهم وجهادهم، وبشّرهم بالجنة، بل جعل محبتهم علامة الإيمان وبغضهم علامة النفاق.
قال رسول الله ﷺ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغضُ الأَنصَارِ» (متفق عليه).
إجماع العلماء: سبّهم كبيرة محرمة
أجمعت الأمة، كما يؤكد البيان، على أن سبّ الصحابة أو الانتقاص منهم من الكبائر المحرّمة، فقد قال الإمام أحمد بن حنبل: "خير الناس، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئًا من مساويهم، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه".
كما صرّح القاضي عياض أن سبّ الصحابة كبيرة تستوجب اللعن والطرد من رحمة الله، فيما اعتبر الإمام النووي أن ذلك من الفواحش العظيمة.
النبي ﷺ يحذّر: «اللهَ اللهَ في أصحابي»
استعرض البيان أحاديث نبوية تؤكد خطورة التطاول عليهم، منها قوله ﷺ:«اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله» (أحمد والترمذي).
وفي حديث آخر متفق عليه قال ﷺ:«لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه».
فتوى دار الإفتاء: خط أحمر لا يُمس
شددت دار الإفتاء في ختام بيانها أن التطاول على الصحابة ليس مجرد انحراف فكري، بل هو خطر عقدي وسلوكي يهدد إيمان المسلم، لأنه طعن في من نقلوا الدين وبلغوا الشريعة.
وأكدت الفتوى أن واجب الأمة هو الترضي عنهم جميعًا، والثناء عليهم، والاقتداء بهم، مع الإمساك عما شجر بينهم، ورفض الروايات المشبوهة التي تحاول تشويه صورتهم.
بعبارات واضحة وحاسمة، أعلنت دار الإفتاء أن حرمة التطاول على الصحابة الكرام خط أحمر، ومن يتجرأ على خوضه إنما يقع في معصية كبرى وجرأة على الدين نفسه، مؤكدًا أن توقير الصحابة وتعظيمهم ليس خيارًا شخصيًّا، بل ركيزة من ركائز العقيدة الإسلامية وصون لجناب الشريعة.