رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

من هو الفنان والكومبارس؟ ومن هو الإعلامى وصانع المحتوى؟ الإجابة على هذا السؤال تكشف لنا العديد من المشكلات التى أحدثت خلطا فى المعايير والمفاهيم من حولنا هذة الكلمات التى حولت حياتنا من الفن إلى المتعة ومن الإعلام إلى الإعلان، وسرقت منا الإعلام بمفهومه الحقيقى واختطفت منا الفن بمعناه ورسالته الوجدانية والفكرية.. إن الفن هو متعة ورسالة وجمال يسمو بالإنسان ومشاعره ويطهره من الآلام وينير طريقه نحو الأمل ويشفى صدره حين يتعاطف مع بطل أو بطلة مر يوما بذات المأساة أو جزءا منها، فهنا تبدأ رحلة التعاطف والتمازج مع الموقف والبطل خلال مشاعر متعددة من حب وخوف وأمل.. متجنبا أن يسير ذات مساره المأسوى ويعيش قصته التراجيدية، أما فى الكوميديا فإن المتلقى يرى العيوب والأخطاء بوضوح وبصورة مجسمة كاريكاتورية ساخرة تجعله يتجنبها ويرفضها ويبتعد عنها وهو يضحك ويسخر ويتطهر من عيوبه ونقائصه.. وهنا يكون للفنان قيمة ودور سواء كاتبًا أو مخرجًا أو مصورًا أو ممثلًا يعرف ماذا يقدم لجمهوره من معنى ومتعه.. أما الكومبارس فهو خلفية درامية يردد رسائل الكاتب أو يساعد الفنان فى إظهار وتوصيل رسالته وفى الغالب هذا الكومبارس عامل مساعد وليس أساسيا فى الفن ومن الممكن الاستغناء عنه لأنه فاصل ونواصل.. على الجانب الآخر فإن الإعلامى من المفترض أنه موسوعى المعرفة يملك أدوات ومهارات التواصل لينقل الخبر والفكر ويحفز المتلقى للتفكر والتدبر ويحاور ويناور ويقود مجموعات من العقول بحرفية ومهنية ويكتب ويعد ويختار ماذا يصل إلى جمهوره بوعى وحرفية تمكنه من تشكيل السلوك والرأى العام لصالح مجتمع يبحث عن المعرفة والخبر والمعلومة وأيضًا الأفكار والخبرات لينهض من كبوته وغفوته وجهله وإخفاقه.. أما صانع المحتوى الجديد أو «التيك توكر» كان بداية يوظف من أجل الترويج والإعلانات عن منتجات أو سلع إنسانية أو حيوانية أو مواقف شاذة وغريبة ثم تحول إلى ما يسمى بالترند أو نسب المشاهدة.. وهذا ما أصابنا اليوم بعد أن تحول الفنان إلى كومبارس فى ساحة الإعلان حيث المال يقرر ويحدد ما يفرض عليه من أدوار بغية جلب المزيد من الأموال للمنتج الذى حول الفن إلى سلعة وشباك تذاكر وإيرادات.. وحتى يروج لسلعته أصبح الفنان ضيفًا على الحفلات والأفراح والمهرجانات الفاشلة والتجمعات وموائد المطاعم الجديدة يعلن عن أكل أو سلعة أو حتى عن ذاته ويقوم بأفعال غريبة لجذب الإنتباه والصور والمحصلة صفر فى الفن والرسالة والمتعة الفكرية والوجدانية.
أما السادة صناع المحتوى و«التيك توكر» فقد تصوروا أنفسهم إعلاميين وفنانين وكل ما يقدموه هو الغرابة والشذوذ والإباحية منتظرين النقطة من الجمهور بزيادة أعداد المشاهدة أو الترند والنقود التى هى من وكالات مشبوهة لغسيل الأموال.. هل نعتبرهم صناع محتوى؟ وأى محتوى هذا الذى يقدمونه إلا من رحم ربى.. فعدد الذين يقدمون محتوى ثقافى أو تعليمى أو تاريخى يعد على أصابع اليد الواحدة.. ومن يقدم محتوى سياسى محظور وينتظر العقاب.. إذا أسلم وأربح محتوى هو الطعام والشراب والعقار وكل ما هو حسى ومادى وغريب من العرى إلى الرقص والإسفاف والابتذال والسوقية.. كيف تحول الفن والإعلام هذا التحول إلا إذا كان هناك من يشترى ومن يبيع ومن يشاهد ومن يصور ومن يصفق.. كلنا مدانون.. نحتاج إلى قوانين تضبط الإعلام وبدائل لهذا المحتوى المسئ؛ أيضًا نحتاج إلى وقفة من النقابات الفنية والإعلامية مع من يتجاوز ويخطأ فى حق المجتمع والجمهور.. نحتاج إلىً نهضة فنية وصحوة ثقافية وإعلامية لتغيير مسار وتعديل أفكار وقناعات المتلقى والفنان والإعلامى، فلا نحتفى ونهتم ونصور وننشر أخبار تافهة ومثيرة؛ ولا نقدم الجوائز والدروع إلا لمن يستحق ممن قدم فنًا حقيقيًا ورسالة إنسانية وكان له تأثيرا إيجابيا وليس سلبيا.. مجتمعنا يعيش أزمة أخلاق ومعيار وقيمة وفكر وسلوك.. علينا تقع المسئولية وعليهم الانتباه لنعبر هذا المنعطف المنزلق الخطر.