رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

تأملات

منذ أن اندلعت الحرب على غزة اثر عملية طوفان الأقصى والعيون كلها موجهة الى الدول العربية باعتبارها الطرف الذى ربما تتحدد على اساس طبيعة موقفه مسارات الحرب بل الأمور برمتها فى المنطقة. لا اتصور ان من رتب للطوفان، سواء كان مخطئا أم غير مخطئ، لم يضع فى حسابه أن جزءا من وقف وصول الأوضاع الى سوء خاتمتها هو التدخل العربى. صرخات الفلسطينيين، كما أشرنا فى كتابات سابقة، كلها كانت وربما ما زالت رغم خفوت مستواها فى الفترات الأخيرة، كانت تعول على العرب. للحقيقة والإنصاف فإن محاولة وضع الأنظمة العربية كلها فى سلة واحدة ظلم كبير لبعضها، وإصابة للحقيقة فى البعض الآخر.

بشكل عام يمكن القول إنه ربما لم يشهد الفضاء العربى حينا من الدهر كان التشرذم على اشده اكثر مما نشهده وهو ما انعكس بالطبع فى الموقف مما يجرى فى غزةـ حتى إنه بات من اللافت للنظر أن دولا أخرى غير عربية ولا يربطها بنا صلة ذات معنى كان لمواقفها صدى اكبر بمراحل مما نراه على صعيد عروبتنا. المؤسف، وهو قول تؤكده شواهد عدة وممارسات على الأرض أن بعض العرب تواطؤوا على أبناء جلدتهم من العرب ممن يجرى ابادتهم فى غزة وهذا الأمر اصبح يدخل فى عداد السرديات النمطية التقليدية التى لا تذهل طفلا ولا تدهش رجلا كبيرا ضيع عمره فى أوهام القومية العربية.

لكل ذلك قد يبدو الحديث عن موقف عربى فعال مما يجرى فى غزة من عمليات تمثل إبادة منهجية حتى فى المنظور الرسمى لعدد من الأنظمة العربية، امرا يمثل حلما بعيد المنال، وطرحًا مثاليًّا ليس له صلة بالواقع. لكن اذا كان بالعقل يحيا الإنسان فإن ميزة ما جرى من أحداث بعد الطوفان اذا كان لها ميزة، هو انها تبدى لنا حجم الطموحات الإسرائيلية ومساعى الهيمنة فى عملية صفرية تؤول بمقتضاها كل مقدرات القوة للدولة العبرية وكل عوامل الضعف للدول العربية. أى متابع يمكن له أن يدرك حجم التوحش الإسرائيلى، بغض النظر عن مصادر هذا التوحش وما اذا كانت مؤقتة أم دائمة. مؤدى ذلك أن النازلة لاحقة بالجميع حال انتصار المشروع الإسرائيلى وأى تصور غير ذلك نوع من خداع الذات وهو ما يتطلب نوعا من الدفاع عن النفس وليس الغير ما يعنى التكاتف لمواجهة هذا التوحش.

السؤال هنا والذى يطرحه البعض بصيغة تعجيزية وماذا يفعل العرب؟ يحاول البعض الآخر تعقيد المشهد ودفعنا لحالة اليأس والشعور بالعجز بالتلويح بأن أى موقف عربى فعال يعنى الحرب طارحا التساؤل «يعنى تريدنا أن ندخل فى حرب مع إسرائيل؟» وهو تصور ساذج، فليس بالحرب وحدها تدار العلاقات بين الأمم فى وقت الأزمات.

فى ظنى، وليس كل الظنون إثمًا، أنه فى ظل اهتراء ميزان القوى الشكلى والنفسى بيننا وبين إسرائيل، وحتى بمعايير ونظرة الانهزاميين لوضع هذا الميزان، فإن المقاومة السلبية ربما تكون هى أفضل سلاح بشرط توافر إرادة المقاومة. احد ابرز مظاهر هذه المقاومة هو وقف التطبيع مع الكيان وعدم الانخراط فى مشروعات تطبيع جديدة. وحتى بالنسبة للدول التى التزمت بالتطبيع بمقتضى معاهدات فرضتها ظروف الصراع مثل مصر والأردن، فإن التجربة المصرية فى تبريد السلام أو تجميده ربما تكون نموذجا وإن كانت تقتضى بعض الخطوات الأخرى. ربما تبدو الخطوة رمزية ولكن العارفين بطبيعة المشروع الإسرائيلى ومساعيه للاندماج فى المنطقة ربما يدركون أنها ربما تكون بمثابة السهم الذى يوجه الى كعب أخيل الإسرائيلى. المهم أن تصدق النيات وتعلو الهمم.. اللهم آمين!

 

[email protected]