قرار إسرائيل المتهور في غزة.. مطامع ديمغرافية خلف ستار الحرب

تشهد الساحة الإسرائيلية جدلاً واسعًا بعد موافقة الكنيست على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتقدم عسكريًا في قطاع غزة، رغم التحذيرات الداخلية والخارجية، ويرى محللون سياسيون أن القرار يعكس حالة "اليأس" التي وصل إليها نتنياهو بعد أكثر من 22 شهرًا من العمليات العسكرية، حيث فشل في تحقيق أهدافه المعلنة، بينما لا تزال المقاومة الفلسطينية صامدة، وتتكبد إسرائيل خسائر بشرية وعسكرية يومية.
ووفقًا للمحللين، فإن الهدف الحقيقي للخطة ليس احتلال غزة بشكل دائم، بل إعادة رسم خريطتها الديموغرافية، فقد دفعت إسرائيل في مراحل سابقة أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين إلى جنوب القطاع، وتسعى حاليًا لمواصلة هذه السياسة بمسميات مختلفة مثل "المدينة الإنسانية"، مع احتمالية استهداف تهجير أكثر من مليون فلسطيني نحو الجنوب.
مطامع ديمغرافية
وفي السياق قال الدكتور إكرام بدر الدين، استاذ العلوم السياسية، إن القرار الإسرائيلي باحتلال غزة وموافقة الكنيست الإسرائيلي عليه لا يتعلق باحتلال دائم، حيث تتواجد القوات الإسرائيلية داخل القطاع منذ فترة طويلة، بل يهدف بالأساس إلى إعادة التوزيع البشري والديموغرافي في المنطقة.
وأضاف بدرالدين في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد" إن الهدف النهائي هو إبعاد الفلسطينيين عن المشهد، ونزع سلاح غزة بالكامل، واستعادة الأسرى الإسرائيليين، وذلك بعد سعي إسرائيل إلى دفع أعداد كبيرة من الفلسطينيين قد تتجاوز المليون نحو المناطق الجنوبية من القطاع، عبر سياسات متعددة ومسميات مختلفة، منها ما يُطلق عليه "المدينة الإنسانية".
التهجير تحت مسمى “الهجرة الطوعية”
وحذر، استاذ العلوم السياسية من أن إسرائيل قد تلجأ إلى تهجير قسري للفلسطينيين، حتى لو وصفته بـ"الهجرة الطوعية"، وهي في الحقيقة إجبار للسكان على اللجوء إلى دول أخرى، مضيفًا أن هذا السيناريو يثير مخاوف كبيرة من دفع الفلسطينيين نحو الحدود المصرية، وهو ما تعتبره القاهرة تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي وانتهاكًا لمعاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل.
تداعيات خطيرة على العلاقات المصرية الإسرائيلية
واستطرد أستاذ العلوم السياسية " في حال تنفيذ أي تهجير قسري باتجاه سيناء، يتوقع أن تتفاقم التوترات بين القاهرة وتل أبيب، إذ سيتضمن ذلك خرقًا واضحًا لبنود معاهدة السلام، التي تحدد مناطق انتشار القوات ونوعية تسليحها في سيناء، وقد يؤدي إلى أزمات إقليمية واسعة، في ظل سعي إسرائيل لتشكيل إدارة مدنية مؤقتة في غزة، لا تتبع السلطة الفلسطينية ولا حركة حماس، بهدف إبعاد الفلسطينيين عن إدارة شؤون القطاع بشكل كامل".
قرار يائس ومتهور
فيما وصف الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية، قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي لاحتلال قطاع غزة بأنه "قرار يائس ومتهور" ستكون له تداعيات خطيرة.
وأشار، غباشي في تصريحات خاصة لـ " بوابة الوفد" ، إلى أنه بعد مرور 20 شهرًا من العمليات العسكرية، لم يتمكن نتنياهو من تحقيق أهدافه المعلنة؛ فالأسرى ما زالوا تحت الأرض، والمقاومة الفلسطينية لا تزال صامدة، في حين تتكبد إسرائيل خسائر بشرية وعسكرية يوميًا، وقد جاء طرح فكرة احتلال القطاع رغم اعتراض رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير وعدد كبير من الأطراف داخل إسرائيل، فضلًا عن الرفض الدولي والإقليمي.
وأوضح، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية أن نتنياهو يعتقد بوجود شبكة أنفاق ضخمة في القطاع يمكن من خلالها تحرير الأسرى الإسرائيليين، غير أن ذلك يُعد أمرًا شبه مستحيل من الناحية العملية.
غزة مدينة صامدة رغم الانهيار الإنساني
وحول مستقبل القطاع، أكد الدكتور مختار غباشي، أن غزة اليوم خارجة عن إطار الحياة الطبيعية، إذ لا يتبقى فيها سوى المقاومين والأهالي المتمسكين بأرضهم وعرضهم، وسط خذلان دولي وإقليمي في حمايتهم أو إيصال المساعدات الإنسانية لهم. فما يصل من غذاء ودواء لا يكفي حتى لسد جوع الأطفال.