الحكومة دوشتنا كل يوم عن الرقمنة وتحويل التعاملات مع المواطنين من خلال الأونلاين وإنهاء جميع المعاملات عن طريق تطبيقات ومواقع إلكترونية حكومية.
ومن يسمع تصريحات وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن هذا الموضوع يعتقد أن المواطن المصري يستطيع أن ينهي جميع معاملاته في منزله وعندما يحجز موعداً فى أي جهة حكومية تستلزم الذهاب يكون المختص فى انتظاره ما دام هناك موعد محدد لينهي معاملته فى أسرع وقت ما دام جهز كل الأوراق المطلوبة منه قبل الذهاب إلى هناك، لكن كل هذه التصريحات أغلبها للاستهلاك المحلي ومحاولة إقناع شعب تصل نسبة الأمية الأبجدية فيه إلى 20% تقريباً، بأننا مقبلون على ثورة معلوماتية ورقمنة كل شيء فى هذه البلد ولكن الحقيقة المرة، أن رقمنة الحكومة "فشنك"، والموظفون أنفسهم يرفضونها، وكنت كتبت مقالاً سابقاً عن رقمنة التأمين الصحي وموقع حجز المواعيد الذي يتحدث عنه نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة بفخر عندما تحجز موعداً مع استشاري، بعد شهرين تذهب فى الموعد فتكون الكارثة عندما يكون رده: “نحن لا نعترف بهذه المواعيد” أو “إن الطبيب جاء صباحاً وغادر”.. وآخر مرة قيل لي شخصيًا "بلا موقع بلا كلام فارغ دي ناس عايشة الوهم"، طبعاً يقصد المتحدث المسئولين عن التأمين الصحي ووزارة الصحة، ومن قام بعمل هذه النظام من قبل وزارة الاتصالات، لم يدرب الموظفين والأطباء و لا علمهم بأن لهم مواعيد يجب الالتزام بها وعدد محدد للكشف عليها.. ولا يجوز التأخر فى المواعيد كعادة الأطباء فى المستشفيات الحكومية.
أما مواقع الوزارات فى الحكومة فهي من مبرمج واحد الأخطاء نفسها والتعقيد نفسه وعدم مراعاة أن الشعب الذي يريد الخدمة به نسبة كبيرة من الأمية الأبجدية، فضلًأ عن الأمية التكنولوجية ولا يراعي حتى سرعة الإنترنت الضعيفة وغير المستقرة بسبب احتكار شركة واحدة لخدمات التليفون الأرضي والإنترنت.. وجميع تطبيقاتها معقدة وينطبق عليها المثل الشعبي "باب النجار مخلع".
الرقمنة تعني مثل كل بلاد العالم أن توفر للمواطن والموظف فى وقت واحد الجهد والوقت وأن يحصل على الخدمة فى أسرع وقت وبمقابل معقول واحترام كل طرف للآخر فى التعامل ما دام هناك نظام محترم.. لكن ما يحدث فى مصر عكس هذا كله، فهناك من يتضرر من تقديم الخدمات الإلكترونية وهم الفاسدون من الموظفين و"المشهلاتية" الموجودين أمام كل مصلحة حكومية، والمسئولون أنفسهم لن يجدوا مواطنين أمامهم يفرغون فيهم عقد النقص خاصة لأن أغلبهم لم يتولَّ منصبه عن جدارة وكفاءة، إنما بالواسطة أو بقدرته على النفاق والرياء لمن يقدم التقرير حول صلاحيته للوظيفة.
على رئيس الوزراء أن يدخل بنفسه إلى موقع التأمين الصحي ويحجز موعداً فى وحدة التأمين الصحي بالهرم - الجيزة أو مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحي وسوف يرى أن الرقمنة هناك مجرد كلام للاستهلاك المحلي، والأوضاع كما هي فلا خدمة جيدة ولا معاملة حسنة ولا حتى مكان آدمي يجلس فيه الناس فى الانتظار.
وعلى وزير الاتصالات أن يخفف من تصريحاته حول الرقمنة والحكومة الإلكترونية وعن الخطط التي يعلنها لأنها لم ولن تنفذ إذ هي مجرد أحلام تصطدم بالواقع وتتحول إلى وهم وسراب، وتزيد فجوة المصداقية بين الشعب والحكومة.