رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

محمد عبدالحكيم العضو المنتدب لقطاع البحوث بشركة «أسطول لتداول الأوراق المالية»:

ضغط استحقاق الديون.. قيد يعرقل عجلة الاقتصاد

محمد عبدالحكيم
محمد عبدالحكيم



3 مستهدفات تعزز نمو القطاع

 


لا مكان للضعفاء فى مضمار الأقوياء. وحدهم من تجرأوا على اقتحام المناطق الوعرة، وسلكوا الدروب غير الممهدة، هم من سطروا أسماءهم على جدران المجد، وكتبوا حكايات النجاح بحروفٍ من عزمٍ.. لا تقاتل لمجرد الصراع، بل اجعل أمامك القمة، امضِ بخطى ثابتة وسط العواصف، واجه بلا تردد، حوّل الألم إلى دافع، لا تنظر إلى الطريق السهل، فالأحلام لا تتحقق بالعشوائية، بل بالتخطيط والسعى المستمر.. وكذلك محدثى لا يرضى أن يكون فى المنتصف.. فالمقاتل الحقيقى لا يرى فى القمة حلما، بل قدرًا ينتظره.
اصنع لنفسك أهدافا واضحة، ونظّم خطاك نحوها بثبات، وحدها الأهداف المنظمة هى من ترفعك نحو القمة، وتمنحك الثبات حين يتهاوى من حولك الآخرون، لا تخشَ السقوط،، ففى كل عثرة درس، وفى كل خطأ هدية خفية وعلى هذا كانت رحلته منذ الصبا.
محمد عبدالحكيم العضو المنتدب لقطاع البحوث بشركة أصول لتداول الأوراق المالية.. لا يقيس خطواته بالخوف، بل بالإيمان. يسير بثبات وسط العواصف، تعلم كيف يبنى مجده مهما كانت المطبات، فى فلسفته الأخطاء ليست نهايات، بل بدايات.
فى قلب الزمالك، الجزيرة التى ينساب منها عبق التاريخ.. على ضفاف النيل الذى يروى الحكايات القديمة، تقف المبانى الشامخة، محاطة بالماء شرقًا وغربًا، فى الطابق السابع عشر، حيث تنتهى الضوضاء ويبدأ السكون، يمتد ممر ضيق صمم بذوق رفيع ودقة، على جانبيه.. تتناثر لمسات فنية تنبض بالأناقة، وديكورات تنقل الزائر إلى عالم آخر، حيث الجمال فى كل تفصيلة، والهدوء يفرض سلطته.
عند نهاية الممر، تظهر غرفة بسيطة، تكشف عن جوهر رجل لا يحتاج للبهرجة لفرض هيبته.. مكتب بسيط ومقعد واحد، وركنان يضمان جهازين للحاسب، يتابع من خلالهما أدق تفاصيل عمله، بعض القصاصات الورقية المرتبة بعناية، كأنها جنود مصطفة فى طابور نظامى، تعكس روحه المنظمة وحرصه على التفاصيل.. إلى جانب تلك القصاصات، تستقر أجندة ذكريات، أوراقها مثقلة بحكايات الكفاح، وصفحاتها تسجل ملحمة كتبتها يد لا تعرف التردد، وعقل لا يقبل الهزيمة.. كل سطر فيها شهادة على تحمل المسئولية، وكل تاريخٍ محفور فيها يروى عن يوم انتصر فيه على مطبّ، وتجاوز عقبة، وتعلم من عثرة.
فى كلماته تتجلى حكمة العارف، وفطنة الخبير الذى لم تتركه الأيام يمرّ إلا وقد علّمته فن القراءة ما بين السطور. صياغته متقنة، وعندما يقترب من الملفات المعقدة، لا يهاب وعورتها، بل يفككها بهدوء الجراح، رؤيته لا تعرف العشوائية، بل تقوم على توازن محكم بين الواقع والممكن، بين ما هو كائن وما يجب أن يكون. يتحدث بلغة تنأى عن التهويل، وتحاكى العقل قبل العاطفة، متمسكًا بنهج موضوعى يعكس عمق التجربة، ورسوخ النظرة الاستراتيجية.. يقول إن الدولة، ومنذ بدء تدفق الاستثمارات الخارجية عبر مشروع «رأس الحكمة»، شرعت فى استكمال المسار الإصلاحى، مدفوعة بأمل التعافى واستعادة الزخم. إلا أن مطلع عام 2025 جاء بمشهد أكثر تعقيدًا، فرضته التحديات المتصاعدة، وعلى رأسها أزمة الديون الخارجية التى ألقت بثقلها على قدرة الاقتصاد على الانطلاق، وسط استحقاقات متزايدة باتت تمثل عبئًا ضاغطًا على كاهل الحكومة.
هذا الواقع فرض معادلة جديدة، تتطلب قرارات أكثر جرأة، وإجراءات مكثفة تهدف إلى استعادة ثقة المستثمر الأجنبى، وتعزيز موارد الدولة الدولارية فى وقت تزداد فيه التوترات الجيوسياسية، التى بدورها ساهمت فى إبطاء عجلة النمو، وتكبيل انطلاقة الاقتصاد، لكنه، برغم كل ذلك، لا يفقد بوصلته ولا تفاؤله.
< إذن كيف ترى تعامل الحكومة مع التحديات الداخلية؟
- بهدوء الواثق، وبنبرة متفائلة، يجيبنى قائلاً: «إن التعامل الحكومى مع التحديات الداخلية لم يكن منعزلاً عن ضغط المتغيرات الخارجية، التى فرضت واقعاً معقداً، بإعادة ترتيب الأولويات، وأحياناً، على تأجيل بعض الإصلاحات التى كان من المخطط المضى فيها بوتيرة أسرع، ومن ضمنها التراجع المؤقت عن الاستمرار فى سياسة التيسير النقدى، وكذلك التباطؤ فى خفض أسعار الفائدة، وهى أدوات كان من الممكن أن تدفع النشاط الاقتصادى، لولا أن الظروف فرضت حسابات أخرى. كما أن خطة تخارج الدولة من بعض استثماراتها، وفتح المجال أمام القطاع الخاص لتحقيق بيئة تنافسية عادلة، شهدت هى الأخرى نوعًا من البطء».
تابع أن «الحكومة تواجه معضلة شائكة فى ملف التضخم، الذى أصبح كالعقدة فى نسيج الاقتصاد، يصعب فكه دون أن تتأثر باقى الخيوط. فالإبقاء على مستويات تضخم مستقرة يتطلب أدوات مالية ونقدية مرنة، وهو أمر معقّد فى ظل ارتباط الحكومة بشروط صندوق النقد الدولى، خاصة فيما يتعلق بتحرير أسعار الطاقة والمحروقات، مما يضع البنك المركزى تحت ضغط استكمال دورة خفض الفائدة، والعمل على تقليص عجز الموازنة، وعدم الاستمرار فى طباعة النقود التى تزيد من معدلات التضخم».
الاستفادة من الأخطاء وهو ما يؤمن به ويجعله أكثر تفاؤلا بأن الاقتصاد، رغم التحديات المتراكمة، لا يزال يملك من الأدوات ما يمكنه من تجاوز العقبات، حيث يرى أن استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ليس خيارًا، بل ضرورة استراتيجية، قادرة على ضخ الروح فى شرايين الاقتصاد، وتوفير العملة الصعبة التى تعزز من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، مشيرا إلى الأدوار الحيوية التى بات يلعبها كل من قطاع العقارات والسياحة، باعتبارهما محركين رئيسيين للنمو، خاصة فى ظل تنامى الطلب، ومع تسارع عملية تخارج الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص، سيسهم فى إعادة تشكيل المشهد الاقتصادى، وانطلاقته.
< لكن ماذا عن رؤيتك حول استكمال إجراءات التيسير النقدى وخفض أسعار الفائدة؟
- لحظات صمت وتفكير، وكأنه يعيد ترتيب الأفكار قبل أن يجيبنى قائلا: «إنه متوقع أن تستكمل السياسة النقدية مسارها نحو التيسير النقدى خلال ما تبقى من عام 2025، مع تقديرات تشير إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة تدريجيًا بمعدل إجمالى قد يصل إلى نحو 6% على مدار العام، وهو ما يعكس رغبة واضحة فى تحفيز الاستثمار، وتنشيط دورة الاقتصاد، خاصة فى ظل الحاجة إلى تخفيف عبء التمويل على القطاعين العام والخاص».. لكن سرعان ما يستدرك، دون أن يغفل ما يعكر صفو ذلك بقوله «رغم ذلك فإن المتغيرات الخارجية تظل اللاعب الأكبر على رقعة السياسة النقدية، وعلى رأسها ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات عالميًا، وهو ما يفرض ضغوطًا على معدلات التضخم المحلية، ويحد من قدرة البنك المركزى على المضى قدما فى خفض الفائدة بوتيرة أسرع».
كلماته دقيقة، مدروسة، فى حديثه عن ملف الاقتراض الخارجى، تبدو بصمته الفكرية واضحة، فى إعادة توجيهه وتحويله إلى استثمارات إنتاجية تخلق عوائد حقيقية، وتنعكس بشكل ملموس على الاقتصاد الوطنى. ومن هذا المنطلق، يُثمن ما حققته الدولة مؤخرًا من خطوات جادة لتحويل الديون إلى استثمارات، وإعادة هيكلة مسارات التمويل بما يخفف من أعبائها المستقبلية، لكن الأكثر أهمية فى رؤيته هو تركيزه الواضح على الاستثمار المحلى، الذى يصفه بـ«اللاعب الرئيسى» فى معادلة النمو، إذ يرى فيه الضمانة الأهم للاستقرار الاقتصادى على المدى الطويل. فتنمية الداخل، كما يقول، ضرورة تخلق فرص عمل، وتعزز من القيمة المضافة، وتضع حجر الأساس لاقتصاد أكثر قوة واستقلالًا.
لا شعارات ولا تهوين، بل تحليل ناضج، فى تناوله لملف السياسة المالية، يرى أن هذا الملف شهد مرونة كبيرة، خاصة فى الإعفاءات الضريبية، وهو ما يسهم فى استقطاب الممولين، ويعمل على تنشيط الاستثمارات، كونها ميزة تنافسية، ترجح كفة الاستثمار الوطنى، بالإضافة إلى دور هذه المرونة فى تحفيز الإنتاج، والعمل المستمر على استقطاب الاقتصاد غير الرسمى الذى تبنته الحكومة منذ فترة، وإدراجه ضمن منظومة الاقتصاد الرسمى، فى إطار خطة الشمول المالى والتوسع فى تنفيذه، شرط أن يتم دعم هذا الاقتصاد، بحزمة محفزات تشجيعية.
يغلف حديثه بالدقة.. حين يتناول ملف السياسة المالية، فإن منطقة يستند إلى تحليل ناضج، ورؤية متوازنة، يرى أن هذا الملف، الذى لطالما كان مرهونًا بالتحديات، قد شهد خلال السنوات الأخيرة درجة غير مسبوقة من المرونة، تجلت بشكل واضح فى سياسات الإعفاءات الضريبية، التى اعتبرها أحد أبرز المحفزات لاستقطاب الممولين الجدد، وإعادة دمج شرائح طالما ظلت خارج نطاق المنظومة الضريبية الرسمية، خاصة أن هذه المرونة تمثل ميزة تنافسية حقيقية، تُرجّح كفة الاستثمار الوطنى أمام المنافسة الإقليمية والدولية، وتُسهم فى تنشيط السوق، وخلق مناخ أكثر جاذبية للاستثمار والإنتاج، بالإضافة إلى ضرورة دعم الاقتصاد غير الرسمى بحزمة محفزات حقيقية، تتنوع ما بين تيسيرات تمويلية، وخدمات تنظيمية، وبيئة أعمال مرنة، حتى يشعر هذا القطاع بأنه لم يُجبر على الانضمام، بل شُجّع على ذلك بحكمة واحتواء.
حصيلة طويلة من التجارب، صاغتها السنين وصقلتها المواقف، فكوّنت لديه رؤية عميقة، وخبرة نادرة تتجلى بوضوح كلما تناول أحد الملفات الاقتصادية، وعلى رأسها ملف الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لا يكتفى بسرد الواقع، بل يُحلله ويقرأ خريطة المنافسة الإقليمية والدولية بوعى الخبير لا المتابع، خاصة أن المنافسة على «تورتة» الاستثمارات فى المنطقة باتت أشد ضراوة من أى وقت مضى، فالجميع يرفع الشعارات ذاتها: «حوافز»، و«فرص»، و«سهولة فى الإجراءات»، لكن الفرق كما يؤكد يكمن فى القدرة الحقيقية على التنفيذ، والالتزام، والمرونة.
رغم هذا الزحام الاستثمارى، يرى أن السوق المصرى لا يزال يملك مقومات نادرة يصعب تكرارها: موقع جغرافى استثنائى، قاعدة استهلاكية ضخمة، بنية تحتية متطورة، وتنوع قطاعى قادر على استيعاب استثمارات ضخمة، من الزراعة إلى التكنولوجيا، مرورًا بالصناعة والسياحة والطاقة، لكن التميز وحده لا يكفى كما يقول بل يتطلب تخطيطًا للفرص الواعدة، يُحدّد بدقة مكامن القوة، ويوجه الجهود نحو القطاعات التى تملك إمكانيات النمو الحقيقى، خاصة الصناعات التحويلية، وقطاعات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والصناعات التصديرية، التى باتت مفتاحًا لاستقطاب المستثمر طويل الأمد، ويشدد على أن الاستثمار الأجنبى لا يمكن أن يزدهر دون شريك محلى قوى، ولهذا يدعو إلى اهتمام أكبر بالمستثمر المحلى، عبر إزالة المعوقات، وتخفيض الأعباء الضريبية، وتكلفة الطاقة، وتمكينه من التوسع، سواء فى الداخل أو من خلال الأسواق الخارجية، حيث تُكتسب الخبرات، وتُعزّز القدرات.
يظهر وعى دقيق بالتحديات البنيوية التى تعرقل انطلاقة القطاع الخاص، رغم كونه الركيزة الحقيقية للنمو والتنمية، وصاحب النصيب الأكبر فى الناتج المحلى الإجمالى، ورغم ثقله، لا يزال مكبلًا بسلاسل متعددة، أولها معدلات التضخم المرتفعة التى تلتهم هوامش الربح، مرورًا بأسعار الفائدة المرتفعة التى تحول دون التوسع أو الاقتراض، وصولًا إلى عبء الضرائب، الذى يتزايد بلا اتساق مع حجم العائد، ولا يتوقف عند هذه المعوقات فقط، بل يشير بوضوح إلى البيروقراطية، وتعقيد الإجراءات، والفساد الإدارى.
< هل البورصة مؤهلة لاستقبال طروحات؟
- علامات تفاؤل ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «السوق مؤهل تمامًا لاستقبال الطروحات، سواء كانت طروحات حكومية أو صادرة عن القطاع الخاص، فهذه الطروحات لا تمثل مجرد أدوات للتمويل، بل هى محرك حقيقى لتعميق السوق وتوسيعه، خاصة عندما تتنوع القطاعات المطروحة، ويأتى على رأسها القطاع الصناعى، بما يحمله من فرص نمو وارتباط مباشر بالإنتاج والتصدير».. يضيف بنبرة أكثر حسما «ما تحتاجه البورصة هو طروحات بأحجام كبيرة، قادرة على جذب أنظار المؤسسات المالية العالمية، وتعزيز وزن الشركات المدرجة فى المؤشرات الدولية».
التوفيق لا يُمنح لمن ينتظر، بل لمن يتحرك وهو ما يميز الرجل فى رحلته، ونجاحاته المتتالية، فى قطاع البحوث، حيث يستهدف 3 محاور رئيسية تتمثل فى العمل على زيادة عمق التغطية، خاصة أن القطاع يغطى 90% من الأسهم، بالإضافة إلى التواصل مع العملاء، والحفاظ على ما تحقق من نجاحات فى القطاع، بتقديم منتجات وخدمات للعملاء، والمستثمرين.
التحدى لا يخيف بل يكشف عن العباقرة، وهو ما يميز الرجل فى رحلته، يحث أولاده على اقتحام التحديات، مهما كانت، فبدونها لن تدرك النجاح، لكن يظل شغله الشاغل تعزيز الريادة للقطاع.. فهل يستطيع ذلك؟