هل ينجح تيك توك في التخفيف من الإدمان الرقمي

في خطوة جديدة لمواجهة الانتقادات المتزايدة بشأن تأثيره على الصحة النفسية لمستخدميه، أطلق تطبيق تيك توك مجموعة من أدوات "الرفاهية الذهنية" بطابع يشبه الألعاب، تهدف إلى تشجيع المستخدمين على اتباع عادات رقمية أكثر توازنًا.
هذه الميزة الجديدة تمنح المستخدمين شارات كمكافآت عند إكمال "تحديات" قصيرة تتعلق بالوعي الذاتي والاستخدام الصحي للتطبيق.
الفكرة الأساسية تقوم على ربط مهام اليقظة الذهنية بمفهوم المكافأة والتقدم الشخصي، وهي صيغة مستوحاة من ألعاب الهاتف التي تمنح اللاعبين جوائز صغيرة لتحفيزهم على الاستمرار. وبالرغم من أن المزج بين مفاهيم اليقظة الذهنية – التي تدعو للهدوء والانتباه – وطبيعة تيك توك القائمة على التحفيز السريع والتمرير المستمر قد يبدو متناقضًا، إلا أن الشركة تعتبر هذه المبادرة خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تقليل التأثيرات السلبية الناتجة عن الاستخدام المفرط للتطبيق.
تشمل المهام الأولية التي أُدرجت في التحديث الجديد اختبارات تفاعلية قصيرة وبطاقات تعليمية تركز على موضوعات مثل التحكم في وقت الشاشة، والتفكير الذاتي، وتنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضحت تيك توك أنها تخطط لتوسيع نطاق هذه المهام تدريجيًا، مع اختبار ميزات إضافية تعتمد على ردود فعل المستخدمين والبيانات السلوكية التي يتم جمعها خلال الفترة التجريبية.
أشارت الشركة إلى أن تصميم هذه الأدوات استند إلى توصيات مجموعة من المستشارين في مجال الصحة النفسية، إلى جانب مجلس شباب تيك توك، الذي يضم مجموعة من المستخدمين الأصغر سنًا الذين يقدمون وجهات نظرهم بشأن تحسين بيئة التطبيق. وتركز المهام على "التعزيز الإيجابي"، بحيث يكون الهدف منها ترسيخ عادات صحية من خلال التكرار والتثقيف والشعور بالإنجاز.
لكن في ظل كل هذه الجهود، يظل هناك تساؤل مطروح حول مدى فعالية هذه المبادرات، خاصة في ضوء التقارير التي نُشرت مؤخرًا حول العلاقة بين استخدام تيك توك القهري والمشكلات النفسية مثل اضطرابات النوم، ضعف التركيز، وتدهور العلاقات الاجتماعية.
ويُقال إن شركة بايت دانس، المالكة لتيك توك، أجرت أبحاثًا داخلية خلصت إلى وجود تأثيرات سلبية ملموسة نتيجة الاستخدام الزائد للتطبيق، وهو ما أثار الجدل بشأن مسؤولية المنصة في الحد من هذه التأثيرات.
بعض النقاد يرون أن الحل الحقيقي لا يكمن في إضافة أدوات "للاسترخاء" داخل تطبيق مصمم لجذب الانتباه، بل في إعادة تصميم تجربة الاستخدام نفسها لتكون أقل استنزافًا نفسيًا. لكن واقع السوق الرقمي اليوم لا يسمح بمثل هذه التنازلات بسهولة، إذ ترتبط خوارزميات الجذب المبنية على الإدمان بشكل مباشر بالإيرادات والإعلانات.
من هذا المنطلق، تبدو أدوات الرفاهية الذهنية في تيك توك محاولة لحفظ التوازن بين حماية المستخدم، والإبقاء على ولائه. فهل تنجح الشركة في إحداث فارق حقيقي؟ أم أن هذه الخطوة ليست سوى وسيلة تجميلية في وجه أزمة أعمق؟ الأيام القادمة ستُظهر مدى استعداد المستخدمين للتفاعل مع هذه التحديات، وهل ستصبح بالفعل جزءًا من ثقافة الاستخدام، أم تُنسى وسط زخم الفيديوهات القصيرة والمحتوى اللا نهائي.