لعبة الموت تغزو المحافظات
فوضى الإسكوتر الكهربائى تنتظر تشريعات غائبة

تشهد شوارع المحافظات منذ عدة أشهر انتشاراً واسعاً لوسائل النقل الصغيرة، وعلى رأسها «الإسكوتر الكهربائى»، الذى لجأ إليه الشباب كوسيلة بديلة لتجاوز الزحام اليومى وتسهيل الحركة السريعة داخل المدينة.
ورغم ما تحمله هذه الوسيلة من مزايا فى الظاهر، فإن استخدامها العشوائى وغياب الضوابط والقوانين المنظمة له، حوّله إلى خطر حقيقى يهدد حياة المواطنين ويثير ذعرهم، بعدما ارتبط اسمه بسلسلة من الحوادث المؤسفة والجرائم الصادمة، فضلاً عن الدراجات النارية التى يقودها «الدليفرى» لنقل الطلبات إلى خطر حقيقى فى كافة ربوع مدن وقرى الدقهلية، حيث يتعرض الأطفال لحوادث خطيرة نتيجة السير بين السيارات فى الشوارع الرئيسية والفرعية، كما تسبب «الدليفرى» فى مخاطر أخرى حيث يسير بسرعات هائلة متجاوزاً الحدود القصوى ما أدى إلى وقوع حوادث.
فى خطوة لافتة، تقدم المحامى بالنقض أيمن محفوظ ببلاغ رسمى إلى رئاسة مجلس الوزراء يحمل رقم 9444344، يطالب فيه بمنع إسكوتر الأطفال الكهربائى من الشوارع، واصفاً إياه بـ«القنبلة الإجرامية المتحركة» التى تهدد الأمن العام، مشيراً إلى أن هذه الوسيلة تُستورد بكميات ضخمة، ويتم تأجيرها للأطفال وطلاب المدارس، ما جعلها أداة لانتشار جرائم السرقة وتجارة المخدرات والاعتداءات، مؤكداً ضرورة تفعيل قرار وزارة التجارة والصناعة الذى يُنظّم استيراد وبيع الإسكوتر، ويقصر تداوله على محال المستلزمات الرياضية فقط، محذراً من خطورة بطاريات الإسكوتر التى قد تنفجر بسبب سوء الاستخدام، ما يمثل تهديداً جديداً على السلامة العامة.
القلق يحاصر الشوارع

عندما تسير فى شوارع الإسكندرية، تسيطر عليك حالة من القلق وعدم الشعور بالأمان، بعدما تتفاجأ بمرور الإسكوتر بجانبك دون أن تشعر به، ما يجعل المواطنين فى حيرة من الأمر، خشية لحوادث المفاجأة، خاصة التى يتعرض لها الأطفال، ما جعل المدينة الأكثر ازدحاماً أكبر مثال على خطر «الأسكوتر الكهربائى».
فى الفترة الأخيرة تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى مؤخراً مقطع فيديو يُظهر شاباً يقود إسكوتر كهربائياً بسرعة جنونية قبل أن يصدم طفلة كانت تعبر الطريق، ليسقطها أرضاً وسط صرخات المارة، ويفر هارباً من موقع الحادث، هذا المشهد أثار موجة غضب عارمة على السوشيال ميديا، وسط مطالبات بضرورة فرض قيود صارمة على استخدام هذه الوسائل، التى باتت تنتشر بلا أى رقابة أو تنظيم، وتكثف الأجهزة الأمنية جهودها لتحديد هوية السائق، فيما اعتبر الكثيرون الفيديو بمثابة ناقوس خطر يستدعى تحركاً عاجلاً من الجهات المعنية.
فى واقعة أخرى بطريق الكورنيش، تعرضت فتاة لحادث مروع أثناء قيادتها الإسكوتر بعدما قام سائق سيارة ملاكى بفتح باب مركبته فجأة، ما أدى إلى اصطدامها به وسقوطها أرضاً، ولدى محاولتها معاتبته، تعدى عليها السائق ووالده بالسب والضرب، وتمكنت أجهزة الأمن من ضبط مرتكبى الواقعة، وبمواجهتهما أقرا بتفاصيلها، مشيرين إلى أنها جاءت نتيجة اصطدام الدراجة النارية بسيارتهما، وأن الفتاة هى من بدأت بالسب والشتم، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة.
فى نفس السياق لقى أحمد سعيد، طالب الفرقة الرابعة بكلية التجارة جامعة الإسكندرية، مصرعه متأثراً بإصاباته بعد ساعات من تعرضه لحادث دهس وسحل مروع بمنطقة سموحة، حيث كان يعمل عامل توصيل «دليفرى» ويقف بجوار الإسكوتر الخاص به أمام أحد المحال، عندما اصطدمت سيارتان مسرعتان به، فسقط الإسكوتر أمام إحدى السيارات، بينما سقط أحمد أسفلها.
وكشف التقرير الطبى الأول عن أن المجنى عليه وصل إلى المستشفى مصاباً بصدمة نزيفية، وانخفاض شديد فى الهيموجلوبين، واضطراب فى درجة الوعى، مع نزيف بالمخ وكسور متعددة وخلع بالحوض، بالإضافة إلى حروق من الدرجة الثالثة. وأكد شهود العيان أن السائق المتسبب فى الحادث سحل المجنى عليه لمسافة وصلت لنحو 200 متر من موقع الحادث عند دوران فوزى معاذ حتى كوبرى الإبراهيمية، دون أن يستجيب لنداءات الاستغاثة.
وصرحت والدة الضحية بأن نجلها كان يعمل بوظيفتين لإعالة أسرته بعد وفاة والده، قائلة: «ابنى العربية خبطته واتسحل 200 متر.. كسروا عضمه».
أكدت النائبة الوفدية سوسن حافظ، عضو مجلس النواب، أن هذه الوسائل غير مرخصة، ويقودها الصبية والأطفال كأنها لعبة، ما يتسبب فى وقوع حوادث متكررة بسبب القيادة المتهورة.
وأضافت أن البعض يستغل هذه الوسائل فى أعمال غير قانونية، ويقوم بتأجيرها لطلاب المدارس والقُصّر، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً على أمن وسلامة المجتمع.
وطالبت النائبة بضرورة التصدى الحاسم لفوضى الإسكوتر، وسن تشريعات تنظم استخدامه حفاظاً على الأرواح العامة.
وقال الدكتور محمد عبد المنعم، أحد أهالى الإسكندرية، أن الإسكوتر بات سبباً رئيسياً فى العديد من الحوادث التى تستقبلها المستشفيات، مؤكداً أن انتشاره غير المنظم جعله «قنبلة موقوتة» بشوارع الإسكندرية.
وأشار إلى أن الأطفال والمراهقين يستخدمونه كلعبة دون وعى بخطورته، ما أسفر عن وقوع كوارث إنسانية، مؤكداً أن بعض هذه المركبات أصبحت وسيلة لارتكاب جرائم، مثل السرقة وتجارة المخدرات وحتى الاعتداءات الجنسية.
وطالب عبدالمنعم بضرورة إصدار قرار وزارى ينظم استيراد وتداول الإسكوتر الكهربائى المخصص للأطفال «Hoverboard»، ومنع بيعه أو تأجيره إلا من خلال محال متخصصة وتحت رقابة صارمة، نظراً للمخاطر الجسيمة الناجمة عن سوء استخدامه، بما فيها احتمالات انفجار البطاريات نتيجة الاستخدام العشوائى.
قال أحمد سلامة، منسق حقوق الإنسان، إن ترك الإسكوتر فى يد الأطفال دون رقابة أو تنظيم يمثل تهديداً يومياً لأرواح المواطنين، مشيراً إلى أن هذه الوسائل حولت الطرق إلى ساحات للدماء، فى ظل غياب التشريعات والمحاسبة. وأكد أن حوادث الدهس والانقلاب باتت جزءاً من المشهد اليومى، وأن غياب الرؤية التنظيمية قد يحول هذه الوسائل من أدوات حياة إلى أدوات موت.
وناشد سلامة أولياء الأمور بضرورة تحمل مسؤولياتهم ومنع أبنائهم من قيادة هذه المركبات فى الطرق العامة، والعمل على حمايتهم من المخاطر التى تهدد حياتهم.
وقالت إيمان السيد، موظفة، إن حملات التسويق المكثفة على وسائل التواصل الاجتماعى جعلت الإسكوتر يبدو كأنه لعبة مسلية لا تتطلب مسؤولية مرورية.
وشددت على ضرورة إصدار تشريع واضح ينظم استخدام وسائل التنقل الفردية مثل الإسكوتر، خاصة فى ظل دخول أنواع متعددة منها إلى الأسواق المصرية دون أى إطار قانونى يحكم أعمار مستخدميها أو شروط السلامة أو حدود السير المسموح بها.
كوارث مرورية

تحولت مشكلة الاستخدام السيئ لـ«الإسكوتر» الذى يقوده الأطفال فى شوارع الدقهلية، بالإضافة إلى الدراجات النارية التى يقودها «الدليفرى» لنقل الطلبات إلى خطر حقيقى فى كافة ربوع مدن وقرى الدقهلية، حيث يتعرض أطفال لحوادث خطيرة نتيجة السير بين السيارات فى الشوارع الرئيسية والفرعية، كما تسبب «الدليفرى» فى مخاطر أخرى حيث يسير بسرعات هائلة متجاوزاً الحدود القصوى، ما أدى إلى وقوع حوادث أيضاً بالإضافة إلى التلوث السمعى الذى يسببه نتيجة استخدام السماعات الكبيرة التى تزعج الناس نهاراً وليلاً حتى أصبح «الدليفرى» منافساً كبيراً للتكاتك فى الإزعاج، وعلى الرغم من الحملات التى قامت بها أحياء المنصورة مؤخراً فى محاولة للسيطرة على الازعاج الذى يسببه «الدليفرى» إلا أن المشكلة تتفاقم يوماً بعد آخر!!
يقول وليد فودة، أحد أهالى الدقهلية، إن الإسكوتر الذى يقوده الأطفال الصغار فى شوارع المنصورة يمثل خطراً كبيراً على الأطفال، حيث يقوم الصغار بالتجول فى الشوارع الفرعية والرئيسية فى أوقات الذروة مما يهدد أمنهم وسلامتهم، مطالباً أولياء الأمور بمنع هذا السلوك الذى يهدد أبناءهم ويضيف حاتم السيد، أحد المواطنين، أنه يشاهد يومياً عشرات الأطفال من هواة استقلال الإسكوتر يتجولون بحرية بين الشوارع ووسط السيارات بصورة خطيرة، حيث قام عدد من المارة بإنقاذ هؤلاء الأطفال من حوادث كادت أن تعرضهم لإصابات خطيرة ما يتطلب ضرورة منع هذه الظاهرة التى تنتشر أكثر خلال الاجازة الصيفية، حيث يفضل الأطفال ممارسة هذه الهواية رغم المخاطر التى يتعرضون لها
ويؤكد علاء قنديل، أحد الأهالى، أن الدراجات النارية التى يستقلها «الدليفرى» لتوصيل الطلبات أصبحت من الظواهر الغريبة التى تنتشر فى شوارع الدقهلية، حيث إن قائدى هذه الدراجات يسيرون بسرعة كبيرة فى الشوارع ويتسببون فى وقوع حوادث نتيجة الاصطدام بالسيارات، بالإضافة إلى قيامهم باستخدام السماعات الكبيرة ذات الأصوات العالية والخطير فى الأمر بأن «الدليفرى» كما هو معروف يتجول فى كافة الشوارع طوال 24 ساعة، مطالباً بتشديد الرقابة على «الدليفرى» وضبط الدراجات النارية التى تسير بسرعة كبيرة أو التى تستخدم السماعات التى تزعج الناس.
وأشار فؤاد خليل، أحد المواطنين، إلى أن «الدليفرى» أصبح منافساً قوياً للتكاتك فى الإزعاج المستمر من خلال استخدام السماعات الكبيرة وخاصة فى شوارع المنصورة.
وأضاف أن هذه الظاهرة تتكرر يومياً خاصة فى الليل مطالباً بالتصدى لها من خلال حملات يومية مكثفة حيث إن الحملات التى قامت فى الفترة الأخيرة تظل محدودة مقارنة بما يشهده المواطنون من إزعاج يومى متواصل
ويقول عادل يوسف، أحد أهالى الدقهلية، إنه أكثر من مرة كاد يصطدم بدراجات الدليفرى نتيجة القيادة بسرعة عالية، حيث يقود هذه الدراجات شباب من صغار السن وبدون أية ضوابط فكل ما يعنيهم توصيل الطلبات بسرعة كبيرة دون النظر لخطورة السير بسرعة كبيرة فى الشوارع.
وطالب يوسف بحملات مرورية مكثفة من إدارة المرور على شوارع مدن الدقهلية المختلفة لضبط الدليفرى المخالف وتحجيم هذه الظاهرة سواء من يسيرون بسرعات عالية أو من يستخدمون السماعات العالية التى تزعج الناس ليلاً ونهاراً.
تهور .. واستخدام عشوائى

تحوّل «الإسكوتر الكهربائى» من وسيلة تنقّل حديثة وسهلة، إلى مصدر قلق وفوضى مرورية تهدد حياة المواطنين، خاصة فى محافظة المنوفية التى تشهد انتشاراً كبيراً لهذه الوسيلة بين الصبية والأطفال، فى ظل غياب الرقابة، والتشريعات المنظمة لاستخدامها.
وفى مدينة السادات وحدها، تُقدّر أعداد «الإسكوتر الكهربائى» بأكثر من 5 آلاف مركبة، يستخدمها الطلبة يومياً للتنقل بين المدارس والدروس الخصوصية، ما يفاقم من حدة الزحام، ويزيد احتمالات وقوع الحوادث.
يقول مصطفى سلامة، أحد أبناء المنوفية، إن «الإسكوتر الكهربائى» بات مشهداً معتاداً فى مدن المحافظة، بل امتد انتشاره ليشمل محافظات أخرى مثل الجيزة والقاهرة، دون وجود لوائح تحكم استخدامه أو تراخيص تضمن سلامة مستخدميه.
ويضيف: «رغم متعة قيادته، فإن هذه الوسيلة تُعد أخطر من أى وسيلة نقل أخرى، خاصة مع استخدامها العشوائى من قِبل الأطفال والصبية».
فى السياق ذاته، يؤكد أحمد جلال، من مدينة منوف، أن الإسكوتر بات سبباً رئيسياً للازدحام المرورى، ورغم كونه صديقاً للبيئة لاعتماده على الكهرباء، فإنه «ليس صديقاً آمناً للإنسان»، مشيراً إلى أن سرعته التى قد تتجاوز 40 كم/س تجعله أداة خطرة، خصوصاً مع غياب السيطرة الكاملة عليه من قبل قائديه.
ويلفت جلال إلى أن أغلب مستخدمى الإسكوتر لا يرتدون خوذات واقية أو ستر عاكسة للضوء، كما أنهم يسيرون به فى طرق غير مؤهلة، ويدخلون به إلى الشوارع السريعة دون رقابة. من جانبه، يرى ماجد فيهم أن «القيادة المتهورة وغياب الإشارات المرورية فى شوارع ومراكز المنوفية تزيد من خطر حوادث الإسكوتر»، موضحاً أن هذه الوسيلة قد تكون مفيدة من ناحية تقليل استهلاك الوقود، لكنها تحتاج إلى تنظيم صارم لضمان سلامة الجميع.
ويشدد على ضرورة الالتزام بارتداء الخوذة الواقية، وتحديد أماكن السير المخصصة، وعدم استخدام الإسكوتر فى الطرق السريعة أو لفترات طويلة.
الجيزة تتصدى لاستخدامه.. والمحافظات تكتفى بالمشاهدة فى الفترة الأخيرة أصدر المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، توجيهاً لرؤساء الأحياء بالتعاون مع إدارة المرور لضبط الإسكوتر الكهربائى الخاص بالأطفال، بعد تعدد شكاوى المواطنين بشأن الحوادث المتكررة الناتجة عن قيادته من قبل الصبية دون وعى أو رقابة.
وقال محافظ الجيزة، إن الإسكوتر لا يُرخص ولا يُصمم للاستخدام فى الطرق العامة، بل يستخدمه الأطفال كلعبة، ما يجعله سبباً رئيسياً فى الحوادث، فضلاً عن استغلاله فى ممارسات غير قانونية، مشدداً على أن المحافظة لن تتهاون مع أى سلوكيات تهدد الأمن العام وسلامة المواطنين. ونظراً لارتفاع أسعار الوقود، لجأ الكثيرون إلى استخدام الإسكوتر الكهربائى كبديل اقتصادى، دون إدراك لمخاطره، أو الالتزام بتدابير الأمان مثل السرعة المسموح بها أو التدريب المسبق على القيادة.