بعد وفاة 6 أطفال ووالدهم فى المنيا
المبيدات الزراعية.. قاتل مع سبق الإصرار والترصد

المبيدات الحشرية.. «القاتل الصامت» أنواع متعددة واستخدامات بشرية لإنهاء الحياة طوعًا وكرهًا وإهمالًا، رغم الرقابة على تداولها وتحذيرات الاستخدام، والجهل بخطورتها يفضى إلى الموت أحيانًا، إضافة إلى الاستسهال فى التعامل مع المبيدات فى المنازل مع غياب ثقافة الوعى بخطورتها.
«الوفد» تسلط الضوء على مخاطر المبيدات الحشرية بمختلف أنواعها واستخداماتها على صحة الإنسان والكائنات الحية والمياه والتربة والبيئة عمومًا، حيث تنقسم المبيدات الحشرية إلى عدة أنواع، منها: مبيدات عضوية مصنعة من نباتات تشمل «مجموعة البيريثرويدات- عضوى مصنع» يستخلص من نبات الأقحوان، و«النيكوتين» من نبات التبغ، أو معادن طبيعية مثل: الكبريت، أو كائنات حية دقيقة، مثل: البكتيريا والفطريات النافعة، تستخدم أغلب منتجاتها فى مكافحة الآفات والحشرات وتعزيز التنوع البيولوجى.

البحوث الزراعية:
أوضح الدكتور هشام سرور، أستاذ بمعهد بحوث وقابة النباتات، المسئول عن مكافحة الآفات الحشرية بالمبيدات، بالمركز القومى للبحوث، أن المبيدات الحشرية هى مواد كيميائية أو بيولوجية تستخدم للمكافحة الحشرية، سواء كانت منزلية، مثل: البق والنمل والبعوض والذباب أو زراعية وتسمى الحشرات هنا آفات لأنها تضر بالمحاصيل الزراعية، وتستخدم لمكافحة الحشرات أو الآفات فى مراحل نموها المختلفة لأنها تضر بالمحصول، وبالتالى فإن غذاء الإنسان ومنذ الأزل هو صراع وجود بين الإنسان والحشرات على الغذاء.
وقسم الدكتور هشام سرور، أنواع المبيدات الحشرية، إلى مبيدات حشرية جهازية وتلامسية الأولى مبيدات تنتقل عبر أنسجة النبات وتقتل الحشرات التى تتغذى عليها، والثانية تلامسية وتعمل عن طريق الرش المباشر، وتخترق الحشرة من خلال سطحها الخارجى (الكيوتين)، وهناك مبيدات حشرية معدية لابد تصيب الحشرات عند ابتلاعها وتقضي عليها، وهناك مبيدات حشرية طبيعية: مستخلصة من مصادر طبيعية، مثل النباتات، وتعتبرهذه مشروعنا البحثي، لمواجهة خطر انتشار المبيدات الكيميائية، وتعد المستخلصات النباتية أقل سمية للإنسان والبيئة.
وواصل مسئول عن مكافحة الآفات الحشرية بالمبيدات، أن المبيدات الحشرية تنقسم إلى عدة أنواع حسب المادة الفعالة، أو المادة المؤثرة، ومنها: المبيدات العضوية: مستخلصات من النباتات مثل (النيم)، المبيدات الفسفورية: تحتوى على الفسفور والكبريت، المبيدات الكارباماتية: تحتوى على حمض الكارباميك وتعتبر من المبيدات الآمنة نسبياً على البيئة والإنسان، المبيدات البيرثرويدية: تتميز بأنها أقل سمية وآمنة للإنسان، المبيدات الكلورونية: ونتيجة أثرها المدمر على البيئة الآن أصبح أغلبها محظور.
وقسم الدكتور سرور المبيدات حسب الاستخدام إلى: مبيدات زراعية تستخدم فى حماية المحاصيل الزراعية من الآفات، ومبيدات صحة عامة تستخدم فى مكافحة الحشرات الضارة بالصحة العامة مثل البعوض والنمل والصراصير، ومبيدات حيوية مشتقة من مواد طبيعية مثل البكتيريا والفطريات وتستخدم فى المكافحة الحيوية.

النفتالين:
أكد «سرور» أن النفتالين «مبيد حشرى تسبب فى مقتل 6 أطفال ووالدهم بمحافظة المنيا، هو مبيد متطاير يستخدم لمقاومة حشرة العثة، وهى حشرة منزلية تصيب الملابس نتيجة التخزين، فحبيبات النفتالين عبارة مركب هيدروكربون يعنى يتكون هيدروجين وكربون على شكل حلقة بنزين، ولكن متطاير يقضى على حشرة العثة بمجرد أن تستنشقها وبالنسبة للإنسان استنشاقها على المدى الطويل يسبب السرطان وتسبب مبدئيًا اضطرابًا فى ضربات القلب واختلال فى غازات الدم، حيث مركب النفتالين يحل محل بعض الغازات وبخاصة الأكسجين يؤدى دوخة وعدم تركيز ولو ابتلعت توقف عمل الكلية وتؤدى للوفاة، فلا بد من استخدامها بحذر وغرف مغلقة لا ينام فيها إنسان.

معمل المبيدات:
قالت الدكتورة هالة أبو يوسف، مدير معمل المبيدات بوزارة الزراعة، إن المبيدات الحشرية شديدة الخطورة، ولكنها أحد مستلزمات الزراعية واستخدمها السليم يؤدى إلى نتيجة فى مكافحة الآفات مع مراعاة تجنب مخاطرها.
وأضافت أن حوادث تناول المبيدات الحشرية أو التسمم والانتحار بها مسئولية الأشخاص، والمبيدات شديدة الخطورة لا يتم التصريح باستخدامها، ودائمًا ما نشدد على استخدام الملابس الواقية أثناء رش أو استخدام المبيدات فى الزراعة، والتخلص من ملابس الواقية.
رش الخضراوات:
وأوضحت مدير معمل المبيدات أن الأسرة التى تعرضت لمبيد حشرى بشكل مباشر عن طريق الاستنشاق أو تناول خضراوات أو فواكه مرشوشة وتحمل متبقيات المبيدات، ومن الطبيعى أن تحدث وفيات، خاصة لدى الأطفال، نتيجة الاستسهال فى التعامل وعدم اتخاذ احتياطات الأمان.
وأشارت إلى أن أى مبيد حشري له فترة تحلل متبقيات ما قبل الحصاد من آخر عملية رش حتى حصاد المحصول، وخلال هذه الفترة تكون هناك متبقيات للمبيدات على المحاصيل، سواء خضراوات أو فاكهة أو حبوب أو محاصيل البلح والذرة، ويتم خلال تلك الفترة تحلل كامل لمتبقيات المبيدات على المحاصيل.

حبة الغلة:
وأضافت «أبو يوسف» أن الانتحار بحبة الغلة «قرار وليس وسيلة»، فهى مصنوعة لحفظ الغلة والحبوب، والاستخدام الخاطئ مسئولية الأشخاص، مؤكدة أن هناك رقابة والاستخدام يكون تحت محاذير شديدة، ولا يمكن بيعها أو تداولها فى الأسواق وليس لها بديل، ويتم استيرادها واستخدامها تحت إشراف وزارة الزراعة ولجنة مبيدات الآفات الزراعية والمعمل المركزى للمبيدات، والكمية المستوردة تكون بناء على احتياجات الاستخدام التى تحددها الوزارة.

أوروبا:
وقال الخبير الزراعي، الدكتور حمدي فهمي الحبشي، إن مادة النفتالين التى تسببت فى وفاة 6 أطفال ووالدهم، «سامة» وليس لها ترياق، وتندرج تحت قائمة المبيدات الحشرية الخطرة، وهى تعمل على تعطيل إنتاج الطاقة داخل خلايا الجسم، ما يؤدى إلى تدهور كامل وموت الأنسجة، حتى إن استخدمت بجرعات قليلة ويكفى نصف جرام لقتل إنسان بالغ.
وأضاف أن المبيدات الحشرية الزراعية تنقسم إلى عدة أقسام رئيسية بناء على طريقة عملها ومكوناتها، وتشمل مبيدات جهازية تعمل عن طريق امتصاصها من قبل النبات وتنتشر فى أنسجته ما يجعلها فعالة ضد الحشرات التى تتغذى على العصارة النباتية، ومبيدات تلامسية، وتقتل الحشرات عند ملامستها للمبيد، ومبيدات جهازية، وهى تجمع بين التأثيرين السابقين مثل بعض أنواع المبيدات الفسفورية العضوية التلامسية.
وتابع الخبير الزراعى، أن هناك تقسيمًا آخر للمبيدات حسب طبيعتها الكيميائية، ومنها: مبيدات عضوية تتكون من مواد عضوية مثل مبيدات البايرثرويدات والنيوتنبكوتيدز، ومبيدات غير عضوية تتكون من مواد غير عضوية كيميائية، مثل مركبات النحاس والكبريت، وتستخدم لمكافحة الأمراض الفطرية والبكتيرية، ومبيدات حيوية وهى الاتجاه الحديث لدول العالم المتقدم لاستعمالها بديلًا، وهى تستخدم كائنات حية دقيقة أو منتجاتها فى مكافحة الآفات الزراعية مثل بعض أنواع البكتريا والفطريات التى تسبب أمراضًا للحشرات.
وأوضح أن المبيدات الحشرية الزراعية التى تحتوى على مادة الكلورفينابير عديدة وتنتمى إلى فئة البيرول، التى تقوم بتعطيل إنتاج الطاقة فى الحشرة، ما يؤدى إلى شللها وموتها، وتستخدم فى مكافحة مجموعة متنوعة من الآفات الزراعية والعناكب والأكاروسات والحشرات والذباب والبعوض واليرقات والعث والفراشات والتربس والمن.
مبيدات النيونيكوتينويد:
وأكد أن دول العالم المتقدم تحرم استخدام المبيدات الحشرية الزراعية، وأصبح استخدام العديد من المبيدات محظورًا فى أوروبا، خاصة الضارة بالبيئة وصحة الإنسان مثل: مبيدات الكلوثيانيدين وايميداكلوبريد وشياثوكسام، التى تنتمى لعائلة مبيدات النيونيكوتينويد، وتم حظرها منذ 2013، حسبما أعلنت المفوضية الأوروبية.
وقد أعلن الاتحاد الأوروبى عن تقليل استخدام كل المبيدات الحشرية الزراعية إلى النصف بحلول عام 2030، لكثرة التأثيرات السلبية على الإنسان والحيوان والكائنات الحية، مثل: النحل والأسماك والطيور والبيئة التى يحيا بها الإنسان، كما أن المفوضية الأوروبية حظرت مبيدات الكلوربيريفوس وتم حذفها من قائمة المبيدات المسموح بها فى التشريعات الزراعية.
متبقيات المبيد الحشري:
وأكد أن معظم الدول النامية، تواجه مشاكل كبيرة فى تصدير حاصلاتها الزراعية، سواء من الفاكهة أو الخضراوات والمحاصيل الزراعية، بسبب وجود آثار للمبيدات الحشرية الزراعية على الثمار والمحاصيل، ما يعرضها للخسائر الفادحة، متابعًا: خلال الفترة من فبراير 2021 حتى مارس 2025، رفضت 103 حاويات مصرية بسبب احتواء الصادرات الزراعية على متبقيات المبيد الحشرى المحتوى على مادة الكلوربيريفوس، رغم تعهد مصر بإيقاف استخدامه فى عام 2021.
مخاطر المبيدات:
يسبب التعرض المنتظم للمبيدات الحشرية أمراضًا مزمنة خطيرة، مثل: السرطانات والربو وأمراض الجهاز التنفسى، وقد تظهر الأعراض بعد سنوات، وقد تسبب تلفًا جينيًا لدى الأطفال ينتج عنه فرط حركة أو صرع أو خلل الإدراك.
وللمبيدات الحشرية تأثيرات سريعة الاستجابة، حيث يسبب التعرض المباشر لها للسعال والقيء والإسهال وتهيج الجلد والعينين والإغماء، وأخيرًا الموت فى حال تعرض الأطفال للمبيدات الحشرية، لأنهم فى طور النمو ولديهم حاسة شم قوية ونشاط مفرط.
وتعتبر المبيدات الفسفورية العضوية من أخطر المبيدات الحشرية ويجب حظرها، لأنها تسبب ضيق التنفس والتبول فى الفراش والتشنجات والضمور العصبى، وتسبب مبيدات البيريثرويد التسمم لدى بعض الأشخاص، وتسبب تشوهات الأجنة وتضر بأعصاب اليدين مسببة الرعشة.
كما تضر المبيدات بالتربة بسبب وجود حشرات نافعة للتربة، ويؤدى الإفراط فى استخدام المبيدات إلى موت هذه الكائنات الحية واختلال التوازن البيولوجى.
المبيدات الكيميائية:
تضم المبيدات الكيميائية عدة أنواع، منها: مبيدات الآفات وتكافح التيماتودا «ديدان التربة»، ومبيدات حشرية، منها العضوى مثل: البيرثرويدات، وغير العضوى مثل: الفوسفات العضوى، يستخلص من الملاثيون، والمبيدات الكاربامية، ومنها: البريمور واللانتى والكاربارى، مبيدات الفطريات والحشرات والحشائش الضارة «الجليفوسات»، ولها تأثيرات سلبية على صحة الإنسان والحيوان والبيئة والكائنات الحية.
المبيدات المتخصصة:
تضم المبيدات المتخصصة أنواعًا كثيرة تستخدم فى مكافحة البق والقراد والنمل والصراصير، ومن أشهر المبيدات الحشرية استخدامًا فى المنازل: الملاثيون والسيفلوثرين والبيرثرويدية وماجيك فوس ولمبادا ماجيك ومبيد فيبرونيل، جميعها «خطر على صحة الإنسان».
مبيدات «قاتلة» شائعة الاستخدام:
وندر (Wonder):
قاتل الأشقاء الــ6 وأبيهم بمحافظة المنيا أخيرًا، وهى كرات النفتالين، وهى مادة كيميائية تستخلص من قطران الفحم لمكافحة العثة والحشرات فى الملابس والأقمشة المخزنة، وتستهدف الجهاز العصبى المركزي، وتسبب الموت، وليس لها ترياق.
انمار جارد:
مبيد آفات بيروثرويدى «مستحلب مركز قابل للاستحلاب» يحتوى على 5% من المادة الفعالة لامبدا- سيهالوثرين، يكافح الحشرات والآفات التى تهدد المحاصيل الزراعى.
مبيد اميداكلوبرايد:
من فئة النيونيكوتينويد «المبيدات الحشرية الاصطناعية» يكافح حشرات القطن والخضراوات وفواكه الحمضيات ومحاصيل الأرز والذرة ومعالج آفات البذور وحقن التربة والأشجار، وهو شديد الفتك بالإنسان والحيوان والبيئة، لأنه يستهدف الجهاز العصبى وله تأثيرات طويلة الأمد بسبب تغلغله الكبير فى النبات، ويجب مراعاة فترة الأمان (من آخر عملية رش حتى الحصاد)، ويسبب تلوثًا بيئيًا فى التربة والمياه، وهو محظور الاستخدام فى دول الاتحاد الأوروبى.
ومبيد الإيميداكلوبرايد، متداول وشائع الاستخدام فى مصر، وهو مادة فعالة تستخدم لمكافحة الحشرات الماصة فى مختلف المحاصيل، ويتميز هذا المبيد بأنه سيستماتيك أو جهازى، لأنه يؤثر على الجهاز العصبى المركزى، ويؤدى إلى الشلل والموت، ويعمل على استهداف مستقبلات النيكوتين فى الجهاز العصبى للحشرة ما يعطل وظائفها ويؤدى إلى موتها، أما فى حال تناوله الإنسان فإنه يؤثر على الجهاز العصبى ويحدث اضطرابًا فى المستقبلات، ما يؤدى إلى شلل، وفى حال كانت الجرعة كبيرة تؤدى إلى الوفاة.
مبيد سايبرماكس:
مبيد حشري يستخدم للقضاء على حشرات الديدان بأنواعها وحفار الساق والمن والتربس، ويجب مراعاة فترة الأمان 14 يومًا، ويحتوى على المادة الفاعلة سايبرمثرين 10٪، وهو سائل مركز قابل للاستحلاب لمكافحة الذبابة البيضاء، ويعمل بالملامسة ويصيب المعدة مباشرة.
مبيد فيبرول ١ لتر:
مبيد حشري يستخدم للقضاء على حشرة سوسة النخيل ويرقات سوسة النخيل، كما يمكنك استخدامه لعمل محلول وتغطيس الفسائل بعد فصلها لضمان قتل الحشرات الموجودة وحماية الغرس لفترة تصل لـ٧٢ ساعة، وهو متوافر فى زجاجات سعة 1 لتر تحتوى على المادة الفعالة فيبرونيل 5%، وشديد الخطورة على الإنسان والكائنات والبيئة.
مبيد نيماسول:
مبيد نيماتودا «كيميائي قاتل» يستخدم لمكافحة النيماتودا «الديدان» فى التربة لحماية المحاصيل من أضرار الآفات، ويحتوي على المادة الفعالة فوثيازيت بنسبة 10% على شكل حبوب (GR)، ويجب مراعاة فترة الأمان (من آخر عملية رش حتى الحصاد) 60 يومًا على الأقل لضمان تبدد بقايا المبيد.
مبيد أكاروسى مدمكتين:
مبيد حشري أكاروسى يكافح الآفات الضارة مثل العناكب، التربس، وصانعات الأنفاق، ويستهدف الجهاز العصبى، ويحتوى على المادة الفعالة مدمكتين 5% فى شكل عبوة نصف لتر، وآثاره طويلة الأمد.