جورجيا ميلوني على غلاف "تايم": "أدافع عن هوية أوروبا.. وأنا لست ما يتهمونني به"

في خطوة جديدة تضعها تحت الأضواء الدولية، خصّت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مجلة تايم الأمريكية بحوار مطول تصدّر غلاف العدد الجديد تحت عنوان: "إلى أين تقود جورجيا ميلوني أوروبا؟"، لتُعيد بذلك المجلة تأكيد مكانتها بين أكثر الشخصيات تأثيرًا عالميًا.
خلال المقابلة، أكدت ميلوني تمسكها بالدفاع عن "الثقافة والهوية والحضارة الأوروبية"، مشيرة إلى ضرورة مقاومة ما وصفته بـ"العولمة المُوحِّدة". وفي لحظة مباشرة ومثيرة، خاطبت الصحفي قائلة:
> "هل ترى شيئًا من الفاشية فيما أقوم به في الحكومة؟"
ضد العولمة... ولكن مع وحدة أوروبا
شددت رئيسة الوزراء على دعمها لفكرة التكامل الأوروبي، لكنها عبّرت عن رفضها لـ"العولمة التي تذيب الفوارق الثقافية".
كما تطرقت إلى التحديات التي واجهتها كامرأة في السياسة، قائلة إنها واجهت "صورًا نمطية سخيفة"، لكنها ترفض فرض ما أسمته بـ"الحصص" كحل للتمييز.
من خلفية يمينية... إلى قيادة وطنية
وفي تصريحات نقلها أحد أبرز مستشاريها، جيوفانباتيستا فازولاري، تم التأكيد على أن حزب "فراتيللي ديتاليا" الذي أسسته ميلوني أصبح "البيت الجامع لليمين الوطني المعتدل، بعيدًا عن الانتماءات السابقة".
وأعربت ميلوني عن دعمها الكامل للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مؤكدة ضرورة استمرار الدعم الأوروبي لأوكرانيا.
مواجهة الاتهامات
وفي ردّها على الانتقادات التي تربطها بخلفيات اليمين المتطرف، قالت:
> "اتهموني بكل شيء، من الحرب في أوكرانيا إلى موت المهاجرين في البحر المتوسط. ليس لأنهم يملكون حججًا، بل لأنهم لا يملكون سواها. لست عنصرية، ولا معادية للمثليين. أنا لست كل ما يقولون عني".
وعن مفهومها للهوية القومية، أوضحت ميلوني أن "الوطنيّة التي تؤمن بها هي وسيلة للدفاع عن الذات في مواجهة العولمة التي لم تنجح".
وُلدت ميلوني في حي غارباتيلا بالعاصمة الإيطالية روما، وهو حي يسكنه الطبقة العاملة ذات الميول اليسارية، وعاشت طفولة صعبة بعدما هجرها والدها فرانشيسكو، وهو يساري من جزيرة سردينيا، عندما كانت في عامها الأول، لينتقل إلى جزر الكناري.
تربت ميلوني على يد والدتها آنا، وهي يمينية من صقلية، في شقة متواضعة مساحتها 45 مترًا مع أختها الكبرى آريانا وأجدادها. دُمر منزل العائلة في حريق عندما كانت طفلة، مما زاد من تحديات نشأتها، عانت ميلوني من التنمر بسبب وزنها الزائد ولهجتها الرومانية الثقيلة، مما شكّل شخصيتها المتحدية ودفعها لإثبات نفسها، تصف نفسها بـ"ابنة الشعب"، مشيرة إلى جذورها المتواضعة وتغلبها على الصعوبات بالشجاعة والإيمان.
وبدأت ميلوني مسيرتها السياسية في سن الخامسة عشرة عام 1992، بانضمامها إلى "جبهة الشباب"، الجناح الشبابي للحركة الاجتماعية الإيطالية (MSI)، وهي حركة ذات جذور فاشية جديدة تأسست بعد الحرب العالمية الثانية. تولت لاحقًا رئاسة "جبهة الشباب" عام 2004، وأصبحت زعيمة "حركة الطلاب" التابعة للتحالف الوطني (AN)، الحزب الذي خلف MSI واتجه نحو المحافظة الوطنية. في عام 1998، انتُخبت عضوًا في مجلس مقاطعة روما حتى 2002، وفي 2006 أصبحت أصغر نائبة في البرلمان الإيطالي ونائبة رئيس مجلس النواب.
في عام 2008، عُينت ميلوني وزيرة للشباب في حكومة سيلفيو برلسكوني الرابعة، لتصبح أصغر وزيرة في تاريخ الجمهورية الإيطالية حتى استقالة الحكومة عام 2011، وشاركت في تأسيس حزب "إخوة إيطاليا" عام 2012 مع جويدو كروسيتو وإيجنازيو لا روسا، بعد استقالتها من حزب العمال الديمقراطي بقيادة أنجيلينو ألفانو. في 2014، انتُخبت رئيسة الحزب، وقادته لتحقيق نجاح ملحوظ في الانتخابات العامة 2022 بنسبة 26% من الأصوات.
وتُعرف ميلوني بمواقفها اليمينية المتشددة، مع التركيز على شعار "الله، الوطن، العائلة"، الذي يعكس قيمها المحافظة. تدعم العائلة التقليدية وتعارض الإجهاض والموت الرحيم، كما تتبنى سياسات مناهضة للهجرة، حيث اقترحت فرض حصار بحري على ليبيا لمنع وصول المهاجرين.
اتهمت ميلوني الاتحاد الأوروبي بتنفيذ نظرية "الاستبدال العظيم"، وهي نظرية مؤامرة تدعي استبدال السكان الأوروبيين بالمهاجرين. مع ذلك، أبدت دعمًا قويًا لحلف الناتو وأدانت الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، متعهدة بدعم كييف بالأسلحة.
وعلى الرغم من جذور حزبها الفاشية، ترفض ميلوني وصفها بالفاشية، مؤكدة أنها أيديولوجيا من الماضي، ومع ذلك، أثارت مواقفها الجدل، خاصة بعد إشادتها عام 1996 ببينيتو موسوليني، وفي 2020 بجورجيو ألميرانتي، المؤسس المشارك لـ MSI.
حاولت ميلوني النأي بنفسها عن المتطرفين مثل روبرتو جونغي لافاريني، المعروف بـ"البارون الأسود"، لكن شعار حزبها، اللهب ثلاثي الألوان، لا يزال يثير تساؤلات حول صلتها بالفاشية الجديدة.