رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

"كان بيحلم يبقى دكتور.. دلوقتي بيصارع الموت في العناية المركزة"

الطالب طه ضحية زملائه
الطالب طه ضحية زملائه

داخل غرفة متواضعة، في منزل صغير بمنطقة القطاوي بشبرا الخيمة، تتدلّى ورقة بخط يد شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة، كتب عليها: "هابقى دكتور طه.. استنوني".
لكن الحلم انكسر قبل أن يكتمل.
"طه نشأت"، طالب الثانوية العامة، ضحية الغدر بعد أن رفض أن يغش، فخرج من الامتحان الأخير محمولًا على الأكتاف.. ليس احتفالًا، بل غارقًا في دمه.

"ابني خرج من اللجنة بيضحك.. ورجعلي بين الحياة والموت"

تحكي والدته، وهي تمسك بكتبه وتشم أوراقه وكأنها تبحث عن أنفاسه:
"طه ماكنش طفل عادي.. كان شايل هم نفسه وهمنا.. يقول لي: هبقى دكتور وأشيلك فوق راسي.. كل ما نعدي من قدام كلية الطب يقولي: دي بتاعتي يا ماما، استنيني عند بابها وأنا لابس البالطو الأبيض."

ثم تنظر للفراغ وتقول بانكسار:
"خرج من الامتحان بيضحك.. بيصور مع صحابه، بيقولي: خلصت يا ماما، ادعي لي بس أجيب مجموع يفرّحك.. وبعد نص ساعة، كنت شايفاه وسط دم، مضروب بسكين في صدره ودماغه، وداخل العمليات بين الحياة والموت."

مشادة صغيرة.. وانفجار غدر

تعود القصة إلى مشادة حدثت قبل أسبوع، حين طلب زميله منه أن يسمح له بالغش داخل اللجنة، لكن طه قالها بوضوح: "مش هغش.. ولو مش عاجبك، استناني بره".
مرت الأيام، وانتهت الامتحانات، وخرج الطلاب يحتفلون، لكن الغدر كان بانتظارهم.

"كانوا واقفين مستنيينه.. اللي ضربه ماكنش لوحده، كانوا أكتر من واحد، معاهم سكاكين.. أول ما طه خرج، هجّموا عليه وطعنوه قدام المدرسة.. الناس كلها شافت، بس محدش قدر يلحقه"، تقول الأم وهي تضغط على صدرها من الألم.

"كان حافظ الجدول أكتر من اسمه.. دلوقتي مش عارف هو فين"

طه، الطالب المجتهد الهادئ، يرقد الآن داخل غرفة العناية المركزة، بين الأجهزة والأنابيب، بعدما تلقى طعنة نافذة في الرئة، وشرخًا في الجمجمة، وجروحًا في الرأس.

والده، الذي يعمل باليومية، يتحدث بصوت مكسور:
"ابني كان نفسه يفرحني.. ماكنش بيروح درس غير لما يخلص شغل البيت، كان شايلنا على كتافه.. حلمه يدخل كلية الطب أو الجيش.. دلوقتي نفسه يتنفس بس، وبيسألني: هو أنا هموت يا بابا؟"
ثم يغالب دموعه: "كل يوم نسمع عن غدر.. بس لما الغدر يدق بابك، بتحس إنك عريان ومكشوف في وش الدنيا.. ابني اتدبح علشان قال كلمة حق.. اتضرب علشان نضيف."

"اللي ضربه حر.. وابني محبوس بين الأجهزة"

منذ لحظة الحادث، لم تغادر الأم المستشفى، تقول:
"كل يوم أقول لنفسي يمكن أصحى ألاقيه بيقوم.. بس هو لسه نايم.. عينيه بتفتح بالعافية، وصوته بيهمس: أنا فين يا ماما؟"
وتتابع بنداء موجع: "أنا مش عايزة غير حق ابني.. اللي حاول يموّته لازم يتحاسب.. طه كان بينام على الكتب، ماكنش بيأذي نملة.. اتضرب علشان محترم ورافض الغلط.. إحنا مش أغنيا، بس حلمه كان كبير.. ودمه غالي."

نداء لكل قلب حيّ: أنقذوا حلم طه

في بيت الأسرة، ما زالت أدواته كما تركها: الكتب، الأقلام، الجدول،  وورقة معلقة على الجدار كتب فيها بخطه: "كل خطوة بتقربني من الدكتور طه".

لكن خطواته توقفت فجأة.
وغرفته لم تعد تسمع صوته، بل صوت الأجهزة فقط.
---

طه نشأت.. ليس مجرد طالب، بل قصة شرف في زمن اللامبالاة.
رفض الغش، فطعنه الغدر.
حلمه معلّق بين السماء والأرض.. ينتظر عدالة تنقذه، أو على الأقل، تنصفه.