للوطن وللتاريخ
المشهد الذي نراه الآن في نهر النيل، خاصة فرع رشيد لا يستحق فقط التدخل العاجل من الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، وإنما كل وزراء حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، ولا أرى أي مشكلة في دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لاجتماع خاص بالحكومة في هذا الشأن.
والقضية هي أن ما أطلق عليه زورًا وبهتانًا "ورد النيل" يمثل الآن مأساة حقيقية للصيادين، وللفلاحين، والحركة في نهر النيل بشكل عام، إلى جانب انتشار الذباب نتيجة الانتشار الكثيف لهذا النبات الذي يمكن أن نطلق عليه" حشائش النيل"، باعتباره الآن يمثل الخطر الأكبر على الكثيرين،بل وعلى الحياة عمومًا.
ومنذ سنوات طويلة ، كان انتشار هذا النبات الملعون في نهر النيل يأتي موسميًا وبتجمعات بسيطة، إلا أن الفترة الحالية وجدنا نوعًا غريبًا من هذا النبات يختلف في الشكل والحجم واللون عن النبات القديم، وهو ما يثير حفيظة ومخاوف الكثيرين ، خاصة النمو السريع له، وبالتالي الاحتياج لكمية مياه كبيرة هي في الأصل يجب الحفاظ عليها لمتطلبات الحياة اليومية.
وتوقفت حركة الصيد تماماً في فرع رشيد، خاصة في مراكز دسوق وفوه ومطوبس بمحافظة كفر الشيخ، والجهود التي تبذل في هذا الصدد لم تكن كافية، سواء من حيث اقتلاع النبات عبر الآلات الثقيلة، أو غياب المواجهة الحقيقية لمعرفة مصدر هذا النبات الجديد الذي يشكل طبقات فوق بعضها البعض على سطح المياه، بجانب النوع القديم.
والمشهد الآن لمن يرى مناطق كثيرة في نهر النيل كأننا أمام أرضًا زراعية وصل فيها المحصول الأخضر لقمة النضج، ويكاد يكون المرء لا يرى لون المياه نفسه في بعض المناطق، نتيجة الانتشار الكثيف لهذا النبات الذي أصبح كابوسًا يطارد كل الأهالي والسكان، والضرر الأكبر للصيادين، والفلاحين، بل منع أرخص وأبسط وسيلة ترفيه للمواطن المطحون لاستنشاق الهواء النظيف بعض الوقت.
والأمر لا يختلف كثيرًا في الترع والقنوات المائية، بسبب الانتشار الكثيف للنبات، الذي أشك بأن استمراره على هذا النحو هو أمر طبيعي،كما أشك في مصدره ، لأقول بكل وضوح أن هذا النبات مؤامرة متكاملة الأركان على مياه مصر ، وإلحاق الضرر بحصتها المائية بشكل مختلف وبطريقة على المدى البعيد تقتل الحياة.
إن الوضع الحالي الذي تعاني منه مصر جراء إصرار الجانب الإثيوبي على ممارساته في بناء وتشغيل سد النهضة، ثم تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً بتمويل الولايات المتحدة الأمريكية لسد النهضة ، يدعونا للخوف والقلق، ومن ثم وجوب توخي الحذر.
وما نعيشه من تصريحات في هذا الملف، تجعلنا نتوقع في لحظة معينة أن هذا النبات صنيعة ومؤامرة للإضرار بمصر، ولا مانع لدى من القول باحتمالية خروج هذا النبات من معامل تستهدف الإضرار بنا، أو السماح للنبات لدخول البلاد عبر بعض الدول الأخرى، لأن استمرار هذا الوضع أمر
مخيف للغاية، سواء على المدى القريب، أو المدى البعيد.
خلاصة القول.إن إيهام المصريين بمصطلح "ورد النيل" أمر مرفوض، فلا هو بورد ولا هو يفيد النيل ومنتفعيه في شئ ، والمواجهة الحالية بمختلف أنواعها لهذا النبات القاتل للحياة ليست على مستوى الحدث، ولا يجب الانتظار لاستمرار إهدار المياه،وتعطيل الحياة بهذا الشكل، في حين تحدثنا الحكومة عن حلحلة الأزمة مع الجانب الإثيوبي بين الحين والآخر ، ونحن لدينا "أكذوبة ورد النيل" في الداخل.حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء ، وللحديث بقية إن شاء الله.