رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

مسار القهوة

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «وإيّاكم والكذِبَ، فإنّ الكَذِبَ يَهْدِى إلَى الفُجُورِ، وإِنّ الفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النّارِ وَمَا يزَالُ العبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرّى الكَذِبَ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذّابا». رواه البخارى ومسلم.

والكذب هو عدم قول الحقيقة، أو تزييفها، أو التغاضى عن قولها، أو تلفيق ما قمت بفعله لغيرك من زملاء العمل فى محاولة للتنصل من فعلتك. والكذب من أقبح الصفات على الإطلاق، ومن الأشياء التى حرّمها الله سبحانه وتعالى، ولقد ورد كثير من نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة التى حرّمته ونهت عنه، فهو من صفات المنافقين، الذين أعدّ الله، سبحانه وتعالى، لهم أشدّ أنواع العقاب يوم القيامة.

ويرى البعض أن للكذب درجات، وأشدها الكذب الأسود، والذى يعد كذبة مكتملة مثل إطلاق شائعة لتدمير حياة شخص. يليها فى الخطورة الكذب الرمادى، وهو نصف الحقيقة، كأن تسرد لصديقك جانبًا من مشكلة مع شخص آخر، فى حين تهمل سرد تفاصيل صغيرة لكنها مهمة. ثم الكذب الأبيض، الذى يتخذ أشكالًا عدة، منها: الكذب بالإغفال، ويقع ذلك إذا قررت عدم ذكر حقيقة مهمة لتجنب إثارة مشاعر الآخرين.

وفى جميع الأحوال لن ينكر أحد أن الكذب سلبى فى مجمله، بما فى ذلك «الكذب الأبيض»، فمهما كانت أهداف هذا الكذب، ومهما تعددت ألوانه فإنه يظل واحدًا، ويعد مرفوضًا فى جميع الأحوال، وكلنا ندرك ذلك، وبقدر ما هو مرفوض، أصبحت ممارسته لا تليق، بوصفه فعلًا غير أخلاقي؛ فحتى وإن كان الهدف من الكذب هو حماية نفسك والتنصل من ارتكابك لخطأ أو جريمة قد تُعاقب عليها فإن ذلك يعد جُبنًا بامتياز!

إلا أن أخطر درجات الكذب عند الإنسان تبدو عندما يتمادى فى الكذب لدوافع نفسية مرضية فيما يسمى بالهوس الأسطوري؛ وهو حالة من الكذب المزمن نتيجة لدوافع قهرية أو عادة، ويسمى الكذب المرضى أو الكذب الخيالى أو الكذب التخيلى، ويُعرَّف الأفراد المصابون بهذا الاضطراب بأنهم «ميثوماني» أو كاذب مرضى، وفى هذه الحالة يمكن أن يكذب الأشخاص المصابون باضطراب الميثومانيا دون أى سبب.

وأيًا كان شكل الكذب أو درجته فلا تصاحب الكذابين، واجتنبهم ما استطعت، فإن خلائق السوء تعدى، والمرء على دين خليله؛ وكما قال صالح بن عبدالقدوس: «ودعِ الكذوبُ فلا يكنْ لكَ صاحبًا... إِن الكذوبَ يَشِينُ حُرًا يُصحبُ».

وقال ابن المعتز: «اجتنِبْ مصاحبة الكذاب، فإن اضطررت إليه فلا تصدّقه، ولا تُعلِمه أنك تكذبه، فينتقل عن وده، ولا ينتقل عن طبعه».

وفى النهاية، فإن الإسلام قد أباح الكذب فى ثلاث حالات فقط، ولا يعدها الإسلام كذبًا، وهي: الكذب للإصلاح بين المتخاصمين، وخداع الأعداء (الأعداء فى المعارك وليس زملاء العمل)، والكذب لإرضاء الزوجة، فعن أم كلثوم بنت عقبة أنها قالت: «ما سمعتُ رسولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، يرخصُ فى شيءٍ من الكذبِ إلا فى ثلاثٍ كان رسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، يقولُ: لا أعدُّه كاذبًا الرجلُ يصلحُ بين الناسِ يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا الإصلاحَ، والرجلُ يقولُ فى الحربِ، والرجلُ يحدثُ امرأتَه، والمرأةُ تحدثُ زوجَها» صحيح أبو داود.

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة

[email protected]