الإفتاء تحذر: الأبناء يتأثرون بسلوك الآباء أكثر مما يُقال لهم

حذّرت دار الإفتاء المصرية من خطورة الإهمال التربوي والسلوكي من قِبل الوالدين، خاصة خلال مرحلة المراهقة التي تُعد أكثر المراحل حساسيةً وتأثرًا لدى الأبناء.
وأكدت أن انحراف الأبناء في الأخلاق والعادات والتصرفات، غالبًا ما يكون نتيجة غياب القدوة الحسنة داخل البيت، مطالبة الآباء والأمهات بأن يكونوا "على قدر عالٍ من الأخلاق والسلوك" ليغرسوا في نفوس أولادهم المبادئ القويمة.
وفي منشور لها عبر صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء فيه: "قد يتعرض الأبناء –خاصة في مرحلة المراهقة– إلى التأثر السلبي في أخلاقهم، وعاداتهم، وتصرفاتهم بالتصرفات الخاطئة، وذلك يستلزم جهدًا حثيثًا من الآباء والأمهات لحماية أبنائهم، وهذا يستلزم أن يكون الأبوان على قدرٍ عالٍ من الأخلاق والسلوك؛ حتى يكونوا قدوة حسنة لهم في ذلك".
التربية بالأفعال لا بالأقوال
في هذا السياق، يؤكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في أحد لقاءاته: “الأبناء لا يتأثرون بالكلام المجرد قدر تأثرهم بالفعل”.
فلو رأوا في الأب صدقًا، وفي الأم رحمة، وفي البيت عدلًا، كانوا أقرب للخير من غيرهم. أما إذا رأوا عكس ما يُقال لهم، فسيميلون للتيارات المنحرفة التي تملأ فراغهم التربوي.
خبراء التربية: المراهق يرى في والده وأمه الصورة الأولى للكون
يرى التربوي الدكتور محمد جابر، أستاذ أصول التربية، أن المراهق في بداية حياته لا يملك أدوات التمييز الكاملة، لذا فإن الصورة التي تُطبع في ذهنه أولًا تكون من داخل الأسرة، قائلًا:"إذا رأى الابن أباه يكذب، ثم ينصحه بعدم الكذب، فهو لن يثق في كلامه، وإذا سمع والدته تغتاب الناس، ثم تحذره من صحبة رفقاء السوء، فلن يستجيب، المراهق يراقب، ويقلد، ويختزن، وهذا جوهر التربية بالموقف لا بالكلمات.
قدوة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية
لقد كان النبي ﷺ أبلغ مثال في غرس القيم من خلال القدوة العملية، وليس التلقين. فقد ورد في صحيح البخاري أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أُفٍ قط، ولا قال لي لشيءٍ: لم فعلت كذا، أو هلّا فعلت كذا."
وفي هذا درس عظيم في الرحمة والتسامح والصبر التربوي، وهو ما يحتاجه الآباء بشدة في تعاملهم مع أبنائهم، خصوصًا في العصر الرقمي الذي تغيب فيه الضوابط.
نصائح دار الإفتاء لحماية الأبناء من الانحراف السلوكي
من واقع الفتاوى والمشاركات التوعوية، قدمت دار الإفتاء المصرية عدة توصيات، أبرزها:
أن يكون الآباء قدوة صادقة في أفعالهم وسلوكهم داخل المنزل وخارجه.
متابعة الأبناء دون مراقبة خانقة، من خلال الحوار والمصارحة والثقة المتبادلة.
غرس القيم الدينية بالتدريج، مع شرح الحكمة منها، لا التلقين الجاف.
حماية الأبناء من المحتوى السيئ على الإنترنت، عبر الرقابة الواعية لا المنع التام.
عدم التناقض بين ما يُقال في التربية وما يُمارَس داخل البيت.
دعاء لحفظ الأبناء من الفتن
ختامًا، إليك هذا الدعاء المأثور المأخوذ من كتب السنة والمأثورات، يمكن لكل أم وأب ترديده: "اللهم احفظ أولادي من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ومن فوقهم، وأعوذ بك أن يُغتالوا من تحتهم. اللهم ارزقهم صحبة الأخيار، وابعد عنهم صحبة السوء، واهدهم لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت".