هل الزواج في شهر محرم حرام شرعًا؟.. "الإفتاء المصرية" تحسم الجدل

في شهر المحرم، يثور تساؤل يتردد بين عدد من الناس حول مدى مشروعية الزواج في هذا الشهر، ومدى ارتباطه بالخرافات أو الموروثات الشعبية المتعلقة بالتشاؤم من إتمام عقد القِران في محرم، خصوصًا لكونه من الأشهر الحُرُم، وارتباطه بذكرى عاشوراء.
وفي هذا السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية بوضوح أن الاعتقاد بعدم جواز الزواج في شهر الله المحرّم هو قول باطل لا أصل له في الشريعة الإسلامية، مشددة على أن هذا الاعتقاد من قبيل الخرافات التي لا تستند لأي دليل شرعي أو حديث نبوي.
وأوضحت الدار أن شهر المحرم شهر مبارك وعظيم، كسائر الأشهر التي يجوز فيها النكاح بلا كراهة ولا حرج، وأنه لا يوجد أي دليل من الكتاب أو السنة يمنع الزواج فيه، ووصفت الاعتقاد بكراهة عقد الزواج في المحرم بأنه "من الموروثات الشعبية الخاطئة التي لا يقرها الدين".
صيام شهر المحرم.. عبادة محببة وسُنة نبوية
وفي سياق متصل، أشارت دار الإفتاء إلى فضل الصيام في شهر الله المحرم، موضحة أنه من أعظم الشهور التي يُستحب فيها الإكثار من الصيام، بعد شهر رمضان، مستندة إلى الحديث النبوي الشريف:"أفضل الصيام بعد رمضان، شهر الله المحرم"
[رواه أبو داود والترمذي].
وأكدت الدار أن صيام المحرم مشروع ومندوب إليه شرعًا، ويُعدّ من العبادات المستحبة التي يُؤجر عليها المسلم أجرًا عظيمًا.
فضل يوم عاشوراء.. وتوضيح حكم الإفطار فيه
ومن أبرز أيام هذا الشهر الكريم، يوم عاشوراء، الموافق للعاشر من المحرم، وهو يوم نجّى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام ومن معه من فرعون وجنوده. وهو يوم سُنة مؤكدة يُستحب صيامه، وقد ورد في فضله حديث النبي ﷺ:"صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يُكفِّر السنة التي قبله"[رواه مسلم].
كما ورد في الصحيحين أن النبي ﷺ صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، وقال: "أنا أحق بموسى منكم"، في إشارة إلى احتفاء المسلمين بفضل الله ونجاة موسى عليه السلام.
هل يجب صيام تاسوعاء أيضًا؟
أشارت دار الإفتاء إلى أن من السنة صيام يوم تاسوعاء (التاسع من المحرم) إلى جانب عاشوراء، وذلك لما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال:"حين صام رسول الله ﷺ يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال: فإني إن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع"[رواه مسلم].
وعليه، فإن صيام التاسع والعاشر من المحرم معًا أفضل وأكمل في اتباع السنة، وإن اقتصر المسلم على صيام العاشر فقط، فله أجر الصيام دون كراهة.
حكم الإفطار في يوم عاشوراء.. وهل يلزم قضاء؟
صيام عاشوراء من الصيام التطوعي (النافلة)، لذا فلا إثم على من تركه أو أفطر فيه، خاصة إن كان بعذر، وهذا ما عليه جمهور العلماء، مستندين إلى قول النبي ﷺ:"الصائم المتطوع أمير نفسه".
ومع ذلك، يرى فقهاء الحنفية أن من شرع في صيام نافلة لا يجوز له الفطر عمدًا، ويجب عليه القضاء إن أفطر، استنادًا لقوله تعالى: "ولا تبطلوا أعمالكم" [محمد:33].
أما من أفطر ناسيًا، فإن صيامه صحيح بإجماع العلماء، لقوله ﷺ:"من أكل أو شرب ناسيًا، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه".
التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء.. سُنة مستحبة
وأعادت دار الإفتاء التذكير بفضل التوسعة على الأهل والأبناء في يوم عاشوراء، مؤكدة أنها من السنن النبوية الواردة، ومما ثبت عن الصحابة، كـ:
جابر بن عبد الله
عبد الله بن مسعود
أبو هريرة
عبد الله بن عمر
وغيرهم رضي الله عنهم.
وقد أجمع فقهاء المذاهب الأربعة على استحباب التوسعة على العيال في هذا اليوم، من طعام أو هدايا أو غير ذلك، لما فيه من إدخال السرور على الأسرة، وهو ما درجت عليه الأمة الإسلامية في مختلف العصور.