صواريخ
لا شك أن ثورة الثلاثين من يونيو، هى الحدث الأهم فى القرن الحادى والعشرين وفى تاريخ مصر الحديث، وشكلت لحظة فارقة فى مستقبل هذه الأمة، بعد أن فاجأت العالم بقدرات هذا الشعب العظيم على حماية دولته الوطنية وهويته التاريخية.. ولا شك أيضًا أن هناك خبايا كثيرة سوف تتكشف فى المستقبل ويسطرها التاريخ لجنود مجهولين، وصقور مصرية خاضت معركة ضارية فى مواجهة قوى كبرى ومتعددة خططت لكل أحداث مصر والشرق الأوسط.. وأذكر أننى فى إحدى زياراتى القليلة للولايات المتحدة الأمريكية، جمعنى لقاء بالصدفة مع أحد المسئولين بالإدارة الأمريكية، وعندما علم من الصديق المصرى الذى قدمنى له أننى أنتمى سياسيًا لحزب الوفد المعارض، بدأ الحديث عن أسرار وكواليس مستقبل الشرق الأوسط، وسمعت لأول مرة مصطلح - الشرق الأوسط الجديد - وكثيراً من المعلومات الصادمة حول تفكك دول وسقوط دول أخرى، وتغير معظم الأنظمة العربية وتدجين الغالبية فى المنطقة، مدعيًا أن المستقبل لدولة إسرائيل التى يراها تسير على القيم الأمريكية الأوروبية.
كل هذه المعلومات الصادمة جعلتنى أفكر.. من يستطيع وقف هذا المخطط الشيطانى، وكيف لدولنا فى المنطقة أن تعلم بهذا المخطط، والأهم كيف ستواجهه؟!.. ظل هذا الحديث يشغل تفكيرى إلى أن تم استدعائى للسفر إلى ألمانيا ضمن وفد إعلامى مرافق لزيارة الرئيس إلى ألمانيا فى نوفمبر 2004، وبعد وصول الوفد المصرى الذى يضم عدداً من الوزراء والمسئولين إلى قاعة المؤتمرات فى بون واستقبال المستشار الألمانى شرودر لهم وانتظار وصول الرئيس مبارك، لمحت اللواء عمر سليمان فى حديث جانبى مع الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة، وبدون تفكير توجهت إليه وطلبت الحديث معه فى أمر هام، وبالفعل تحركنا وبدأت أقص عليه ما سمعته حرفيًا، وهو فى حالة إنصات تام حتى انتهيت، ربّت على كتفى وقال جملة واحدة فقط - كل حاجة معمول حسابها ما تقلقش - كانت هذه الجملة أشبه بكوب ماء بارد فى نهار صيف شديد الحرارة، وشعرت بارتياح شديد بعد أن تخلصت من عبء وهموم كانت تشغل تفكيرى ليل نهار عن المخاطر الجمة والمؤامرات التى يمكن أن يتعرض لها الوطن.
مرت الأيام سريعة، وبدأ ما يسمى بالربيع العربى فى تونس، وقتها أيقنت أن المخطط بدأ تنفيذه، وأن مصر ليست ببعيدة، لكن جملة الراحل عمر سليمان لم تفارقنى، وكنت على يقين أن هذا الوطن به رجال يعلمون كل شىء، ويضعون سيناريوهات لمواجهة أية مخاطر تضر بمصر الأبية، ومع اندلاع أحداث 25 يناير وقفز الجماعة الإرهابية على السلطة، وانتشار الفوضى وتوجس الجميع من خطر السقوط، وغزو الجواسيس والإرهابيين من كل الجهات والأشكال والأنواع.. كنت على يقين أن صقور مصر وأحد أهم أجهزة الاستخبارات فى العالم، متيقظ تمامًا، لا يغفل له جفن فى مقاومة كل محاولات الاختراق، وبقى رجاله فى حالة استنفار وتحدٍ لمواجهة كل الجواسيس وأجهزة الاستخبارات المختلفة التى وجدت ضالتها فى هذه الفوضى، واستطاع الصقور كشف ووأد كل المخططات ومد مؤسسات الدولة بالمعلومات والموقف وعلى رأسها القوات المسلحة، حتى حانت لحظة الانفجار الشعبى التى خرج فيها كل المصريين على قلب رجل واحد، تحت حماية الجيش وصقور مصر ليدهشوا العالم بأعظم ثورة أنقذت مصر والمنطقة بكاملها، وأكدت من جديد أن المصريين ما زالوا قادرين على صناعة التاريخ.
حفظ الله مصر