رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

هل أصبح الدولار ضحية لسياسات ترامب؟

الدولار سجّل أسوأ
الدولار سجّل أسوأ بداية له في العام الحالي منذ عام 1973

سجّل الدولار الأميركي بداية كارثية في عام 2025، تُعد الأسوأ منذ 1973، في ظل تحولات اقتصادية وتجارية حادة مرتبطة بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الثانية، ما دفع العديد من المستثمرين حول العالم إلى إعادة النظر في تعاملهم مع العملة الأقوى عالمياً.

 

فقد تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام ست عملات رئيسية من بينها اليورو والجنيه الإسترليني والين، بنسبة 10.8% خلال النصف الأول من العام، في أكبر هبوط نصف سنوي له منذ فك ارتباط الدولار بالذهب في نظام "بريتون وودز".

 

الدولار في مرمى السياسات

وصف فرانشيسكو بيسول، استراتيجي العملات في بنك "ING"، الدولار بأنه "كبش فداء لسياسات ترمب"، في ظل ولاية ثانية تتسم بالتقلبات والقرارات الجريئة، مشيراً إلى أن سلسلة الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الاقتراض الحكومي، والتشكيك في استقلالية الاحتياطي الفدرالي، كل ذلك أسهم في تراجع الثقة بالدولار كعملة ملاذ آمن.

 

ويُعزى مزيد من الضغط على العملة الأميركية إلى استعداد الكونغرس لمناقشة مشروع قانون ترمب الضريبي، المعروف باسم "الكبير والجميل"، الذي قد يُضيف ما يصل إلى 3.2 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي خلال العقد المقبل، ما أجج المخاوف بشأن استدامة الاقتراض الحكومي.

 

التوقعات تنقلب

جاء هذا التراجع الحاد للعملة مخالفاً لتوقعات سائدة في بداية العام، حيث كان يُعتقد أن تصعيد ترمب في ملف التعريفات الجمركية سيُلحق ضرراً أكبر بالاقتصادات الأخرى، ويدفع المستثمرين إلى الدولار. غير أن الواقع خالف هذه الرؤية، مع تصاعد المخاوف من تباطؤ النمو في الاقتصاد الأميركي، وتزايد الإقبال على أصول بديلة أكثر أماناً.

ففي مقابل تراجع الدولار، ارتفع اليورو بنسبة 13% ليخترق حاجز 1.17 دولار، مخالفاً توقعات العديد من بنوك وول ستريت التي رجّحت هبوطه إلى مستوى التكافؤ مع الدولار. كما ارتفع الطلب على السندات الألمانية وغيرها من الأصول الآمنة.

 

هل يفقد الدولار مكانته العالمية؟

رغم الأداء الضعيف، لا يرى محللون تهديداً فورياً لمكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية. فقد أشار أندرو بولز، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "بيمكو" لإدارة السندات، في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز، إلى أن "مركز الدولار العالمي لا يزال آمناً، لكن ذلك لا يمنع من حدوث ضعف ملحوظ في قيمته".

 

وأضاف أن هناك اتجاهاً متنامياً بين المستثمرين العالميين للتحوط من تقلبات الدولار، ما يزيد من الضغط على العملة.

 

خفض الفائدة يزيد الضغط

كما دفعت توقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية، مدفوعة برغبة ترمب في تحفيز الاقتصاد، إلى مزيد من التراجع في قيمة الدولار. ويتوقع المتعاملون في الأسواق أن يقوم الاحتياطي الفدرالي بخمس تخفيضات بمقدار ربع نقطة مئوية على الأقل بحلول نهاية 2026.

وقد ساعدت تلك التوقعات مؤشرات الأسهم الأميركية على تحقيق مستويات قياسية جديدة، إلا أن ضعف الدولار قلل من جاذبية العوائد عند مقارنتها بالأسواق الأوروبية باستخدام نفس العملة.

 

نزوح استثماري وارتفاع الذهب

من جهتها، أبدت كبرى الصناديق الاستثمارية، من بينها صناديق تقاعد ومديرو احتياطيات لدى البنوك المركزية، رغبتها في تقليص انكشافها على الأصول المقومة بالدولار، مع تصاعد الشكوك بشأن استقرار السوق الأميركية.

 

وفي هذا السياق، حافظ الذهب على زخمه القوي وسجّل مستويات قياسية جديدة، مدعوماً بمشتريات مكثفة من البنوك المركزية والمستثمرين الباحثين عن تحصين أصولهم من تآكل قيمة الدولار.

 

إلى أين يتجه الدولار؟

بعد أن هبط الدولار إلى أدنى مستوياته أمام سلة من العملات الرئيسية منذ أكثر من ثلاث سنوات، يرى بعض المحللين أن وتيرة الهبوط قد تتباطأ قريباً. وقال جاي ميلر، كبير استراتيجيي السوق في مجموعة "زيورخ للتأمين": "أصبحت المراهنة على ضعف الدولار مزدحمة للغاية، وأتوقع أن يتباطأ هذا المسار قريباً".

 

وفي ظل سياسات اقتصادية غير تقليدية، وحروب تجارية متجددة، وضغوط على الاحتياطي الفدرالي، يبدو أن الدولار يواجه اختباراً غير مسبوق، ليس فقط كعملة وطنية، بل كرمز للهيمنة الاقتصادية الأميركية. السؤال المطروح الآن: هل هذا مجرد تصحيح مؤقت، أم بداية لتحول أعمق في النظام المالي العالمي؟