6 مفاتيح روحية لشهر الله المحرَّم.. لا تفوّتها

مع بداية العام الهجري الجديد، تتجدّد الأسئلة حول فضل شهر الله المحرّم، وأفضل الأعمال التي يُستحب اغتنامها خلاله، لا سيما وأنه أحد الأشهر الحرم التي عظّمها الله تعالى، وجعل لها مكانة خاصة بين شهور السنة، بل وأضاف اسم هذا الشهر إليه سبحانه، في تعبيرٍ لا يتكرر في غيره من الشهور.
وفي هذا السياق، أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن شهر المحرَّم يُعد من أفضل أوقات العام التي ينبغي للمسلم أن يحرص فيها على الطاعة والقرب من الله، مشيرًا إلى أن هناك ستة أعمال يُستحب الإكثار منها في هذا الشهر الفضيل، لما فيها من بركة ومغفرة ورحمة.
ستة أعمال يُستحب الإكثار منها في المحرم:
الإكثار من العمل الصالح: مثل الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله، فالمحرم فرصة ذهبية لبداية روحانية جديدة.
المداومة على الطاعات: المحافظة على الأعمال الصالحة بانتظام يعين العبد على الاستمرار فيها باقي العام.
اغتنام المواسم العبادية: ومنها صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، فهما من أعظم أيام الصيام بعد رمضان.
ترك الظلم: وقد جاء في القرآن {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، وهذا يشمل كل أشكال الظلم، خاصة ظلم النفس بالمعاصي والغفلة.
الصدقة: الإنفاق في هذا الشهر له أجر عظيم، لما فيه من إحياء لفريضة التكافل.
الإكثار من الصيام: وهو من السنن النبوية المحببة في الأشهر الحرم، ويكفّر الذنوب ويرقّق القلب.
لماذا سُمِّي "شهر الله المحرَّم" بهذا الاسم؟
أوضحت كتب التراث أن اسم "المحرَّم" جاء من تحريمه القتال فيه، فقد كان من الأشهر التي تُحترم ولا تُستحل فيها الحروب. كما ورد عن الحافظ السيوطي أن هذا الشهر هو الشهر الوحيد الذي أُضيف إلى اسم الله تعالى، فقال عنه النبي ﷺ: "شهرُ الله المحرم"، وهو تعبير يدل على التشريف والتكريم.
وأشار السيوطي إلى أن العرب في الجاهلية لم تكن تُسمي هذا الشهر بـ"المحرَّم"، بل كان يُعرف باسم "صفر الأول"، ثم جاء الإسلام فغيَّر اسمه وأضافه إلى الله، إشارة إلى خصوصيته.
فضل شهر المحرَّم في القرآن والسنة
جاء في سورة التوبة قوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]، وهي الأشهر الحرم: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.
وقد روى الصحابي أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال:"السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".
وأكد عدد من العلماء، وعلى رأسهم الإمام ابن رجب الحنبلي، أن شهر المحرّم هو أفضل الأشهر الحرم، مشيرًا إلى قول النبي ﷺ:"أفضل الصيام بعد رمضان، صيام شهر الله المحرم" [رواه مسلم].
احذر هذا الذنب في المحرم
أشار العلماء إلى أن من أعظم ما يُبتلى به الإنسان في الأشهر الحرم هو الظلم، ويشمل ذلك كل ما يُوقع العبد في المعصية، أو يُقصيه عن الطاعة، كترك الصلاة، أو أذية الناس، أو إضاعة الوقت فيما لا ينفع.
وحذرت النصوص من هذا النوع من الغفلة، خصوصًا في الأشهر التي عظَّمها الله، لأن الذنب فيها أعظم، والإثم فيها أشد.
من عاشوراء إلى الفرج
تُوّج شهر المحرم بيوم عاشوراء، العاشر من الشهر، وهو اليوم الذي نجّى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون، ولهذا كان النبي ﷺ يصومه، ويحثّ الصحابة على صيامه. وقد قال ﷺ:
"صيام عاشوراء يكفّر السنة الماضية" [رواه مسلم].
لذا يُستحب صيام يوم عاشوراء، ويُفضل أن يُضاف إليه صيام يوم قبله أو بعده، أي التاسع أو الحادي عشر، اتباعًا لسنة النبي ﷺ واحتياطًا لاحتمال الخطأ في دخول الشهر.
شهر الله المحرَّم ليس مجرد بداية لسنة جديدة، بل هو موسم للتوبة، والتجديد، والإقبال على الله. اغتنمه بعمل صالح، وصدقة خفية، وصيام يوم عاشوراء، وحافظ على نفسك من ظلم النفس والغير، لعلّه يكون بداية لفرج قريب ونور يبدّد غمام الحياة.