رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

خارج المقصورة

لا يختلف اثنان على أن الهيئة العامة للرقابة المالية قد لعبت دوراً محورياً على جميع المستويات، فكانت كمن يحرك المياه الراكدة ظلت ساكنة لسنوات طويلة، لتفتح آفاقاً جديدة أمام قطاعات حيوية وتعيد رسم ملامح الخدمات المالية، حتى بات المواطن يتلقى خدمة يمكن وصفها بـ«خمس نجوم» من حيث الجودة والتنظيم.

من ضمن القطاعات التى شهدت نقلة نوعية، برز التمويل الاستهلاكى كأداة فاعلة لتحقيق العدالة الاجتماعية، خاصة لفئات الطبقة المتوسطة ومحدودى الدخل. فهو يمكّن المستهلك من اقتناء السلع المعمرة التى يحتاجها، مع سداد قيمتها على فترات زمنية ميسّرة، بما يخفف الأعباء ويمنح الأسر فرصة للحياة الكريمة دون ضغط مالى خانق.

45 شركة حاصلة على رخصة مزاولة النشاط، تخدم نحو 3.3 مليون عميل. بداية التجربة كانت نموذجية، تكاد تخلو من العثرات، حتى بدت كأنها قصة نجاح مكتملة الفصول، غير أن مسار الحلم لم يكتمل… فمع مرور الوقت، بدأت ممارسات بعض الشركات تشوّه الصورة الناصعة، لتتحول التجربة من قصة مثالية إلى حكاية تحمل سطور محزنة ومؤشرات خطر.

لا خلاف على أن من حق الشركات استرداد أموالها وتحصيل أقساطها، لكن الخلل ظهر حين «زادت بعض الجهات الأمر عن حدّه». فقد خرجت بعض الشركات عن المسار المؤسسى، ليس فقط عبر الاستعانة بوسائل غير قانونية، بل«زيادة حبتين» باستخدام أساليب ترهيب صريحة، تبدأ من إرسال مندوبين أشبه بـ»البلطجية» – وفق ما ورد فى شكاوى ورسائل متعددة – وتمتد إلى تخصيص مكاتب تحصيل مجهولة الهوية، ربما بلا تراخيص، لتتولى التعامل مع العملاء مباشرة.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تحوّل لدى بعض الشركات إلى نظام قائم على «المكافأة بالضغط»، إذ يتم تكليف مكاتب تحصيل مستقلة مقابل نسبة من المبالغ المستردة، مع إقامة حفلات سنوية لتكريم تلك المكاتب، وكأن الضغط على العملاء – مهما بلغت قسوته – يصبح وسام شرف طالما أن المال يعود للشركة فى الموعد المحدد.

الرسائل التى وصلتنى، وما يتداول على منصات التواصل الاجتماعى، تكشف عن أسلوب موحد فى التخويف: تهديدات بالسجن، ووعود بعواقب وخيمة لأى تأخير، وحكايات تكررت على ألسنة عملاء كثيرين. ما كان يُفترض أن يكون أداة تمويلية تدعم المستهلك وتخدم السوق، بدأ فى بعض الحالات ينزلق إلى ممارسات تشبه الابتزاز العلنى، مهددة بتقويض الثقة فى منظومة كان لها أن تكون أحد أعمدة العدالة المالية فى البلاد.. وهو ما تكرر قبل ذلك مع جمعيات التمويل متناهى الصغر.

< يا سادة.. منذ اللحظة الأولى، لم تدخر الهيئة العامة للرقابة المالية جهداً فى التنبيه والتحذير، بل وضعت القاعدة الذهبية «أقرض العميل بما يتناسب مع قدرته الفعلية على السداد».. كانت الرسالة صريحة، والهدف حماية الطرفين،...لكن ما يجرى فى كواليس ودهاليز بعض شركات التمويل الاستهلاكى اليوم يستدعى دق ناقوس الخطر، والتدخل العاجل والفورى من الرقابة لإعادة ضبط المسار. فالتحصيل ينبغى أن يكون عبر القنوات الرسمية للشركة نفسها، لا من خلال مكاتب غامضة الهوية، تعمل فى الظل وتستخدم أساليب تسىء إلى سمعة القطاع، وتهدر الجهد الكبير الذى بذلته الرقابة لتأسيس سوق منظم.