رانيا يعقوب رئيس مجلس إدارة شركة «ثرى واى» لتداول الأوراق المالية:
فى الأزمات.. أدوات الدين تخطف الأضواء من الاستثمار المباشر
7 محاور رئيسية لزيادة عمق البورصة
فى زمنٍ تتهاوى فيه الأحلام عند أول منعطف، كن أنت الاستثناء لم تأتِ للحياة باحثا عن الراحة، بل خلقت لتكسر القيود، وتعيد تشكيل ما حولك بإصرار.. فى حكايتك لا توجد صدفة، بل كل شىء نتيجة تعب، وتصميم لا يلين، تطورٌ لا يتوقف، كفاح لا يطلب تصفيقا، ملحمة تسير، تروى للعالم قصة قوة لا تُقهر، ولدت لتكتب التاريخ، لا لتقرأه فقط.. وكذلك محدثتى لا تعرف لليأس اسما، ولا تسمح للهزيمة أن تلمس أطراف روحها.
حين تغوص فى سطور الحكاية، لا تقرأ مجرد كلمات، بل تسمع همسا ينبض بالسعى الدؤوب نحو القمة.. كل حرف فيها يقطر عرقا، كل جملة تنبض بإصرارٍ لا يلين. إنها ليست قصةً عابرة، بل ملحمة نُسجت بخيوط العزم.. وعلى هذا الأساس كانت رحلة محدثتى منذ الصبا.
رانيا يعقوب رئيس مجلس إدارة شركة ثرى واى لتداول الأوراق المالية والمرشح على مقعد السمسرة بانتخابات عضوية مجلس إدارة البورصة.. تواجه العواصف بجبين مرفوع، وتحول الانكسارات إلى أبواب تعبر منها إلى المجد، تعرف تمامًا إلى أين تمضى.. لا تنتظر الفرص، بل تصنعها من قلب الرماد.
فى قلب العاصمة، حيث تضج الأرصفة بخطى العابرين، وتتنفس الجدران عبق الحكايات القديمة، بأحد مبانيه الشاهقة، تحديدا فى الطابق الثامن، يبدو المشهد مختلفا.. عند المدخل الرئيسى، لا تراك الحوائط فحسب، بل تحيطك بهالة من الأسرار.. كل تفصيلة هناك توحى بأن للمكان ذاكرة، وأن وراء كل زاوية قصة.. كأنها لوحة نادرة.. مشهد لا يُشبه سواه، حيث تتعانق رصانة الأصالة مع أناقة الحداثة. تفتح أبواب مكتبها على مصراعيها، لا تميز بين هذا وذاك، فالكلّ هنا ضيوف فى عالمها المصقول بالشغف والدقة.. قصاصات صغيرة لا تعنى شيئًا، لكنها بالنسبة لها خطة معركة يومية.. أما أجندتها، فهى أكثر من مجرد دفتر.. إنها سجل الرحلة، صفحاته ممهورة بخط الإصرار، وعبق التحديات، وفى كل صفحة ملحمة لا تتحملها سوى من اختارت ألا تكون سهلة، ولا عادية.
تعكس الواقع دون تزييف، بثبات الواثق وهدوء الحكيم، ترصد المشهد بعين ناقدة، تقول إن «الاقتصاد الوطنى على مدار 5 سنوات واجه أزمات متنوعة، ومتغيرات جيوسياسية، أثرت سلبا على الموارد الدولارية، خاصة معدلات التضخم، الذى تأثر بصورة كبيرة من هذه المتغيرات، وتعاملت الحكومة بشفافية ومصارحة مع رجل الشارع بالأزمات، وهى كانت خطوة كبيرة فى تجاوز التحديات سواء الخارجية أو الداخلية».
وتابعت أن «التحديات لم تكن مجرد سحب عابرة فى سماء الاقتصاد.. بل كانت أعاصير، بعضها محلى، لكن أغلبها جاء مستوردا، محملا بتقلبات عالمية، ألقت بظلالها الثقيلة على كل الاقتصادات الناشئة. ومع ذلك، وقف الاقتصاد المصرى شامخا، كونه نجح فى إعادة توازنه، ويتبين ذلك فى معدلات التضخم، التى كانت ذات يوم عنوانا للقلق، حيث تراجعت الزيادة فى المعدلات، بعد أن وصلت لذروتها، وكذلك تراجعت الضغوط على العملة الصعبة، واستقر سعر الصرف، لكن الإنجاز الحقيقى لم يكن فقط فى الأرقام، بل فى المسار. فوسط مشهد عالمى مضطرب، تحركت الحكومة برؤية احترافية، حيث أدارت دفّة السياسة النقدية بحكمة، عبر دورة التيسير النقدى، مما خفف قبضة أسعار الفائدة التى كانت تثقل كاهل الاستثمار، وترهق القطاع الصناعى، الذى ظلّ يقاوم على مدار سنوات، بالإضافة إلى أن الجزء الأكبر من هذه التحديات لم يكن من صنع الداخل، بل مستورد من الخارج، وبذلك تحولت العاصفة إلى فرصة».
• إذن كيف ترى مستقبل الاقتصاد الوطنى فى ظل هذه التحديات؟
- ثبات فى الرد وثقة بالنفس تجيبنى قائلة إن «حالة القلق وعدم اليقن تسود المشهد العالمى، خاصة فى هذه الأجواء المتوترة، وتعرض الاقتصاديات الناشئة لضغوط متصاعدة، بدءًا من ارتفاع الجمارك، مرورا بتكاليف الإنتاج والاستيراد، وصولًا إلى تغير أنماط الاستثمارات العالمية، التى بدأت تتحول من المشروعات المباشرة إلى أدوات الدين الأسرع ربحا، والأقل مخاطرة، كل هذه المتغيرات تركت أثرها، بطبيعة الحال، على الاقتصاد الوطنى، خاصة فى ملف الموارد الدولارية، ورغم العواصف المتلاحقة، فإن هناك إشارات إيجابية واضحة، تؤكد على قدرة الاقتصاد على التماسك، وعلى استيعاب الصدمات، مدفوعا بإدارة قادرة على التكيّف مع المتغيرات الإقليمية والدولية».
سر التفوق يبدأ بالاستثمار فى النفس وكذلك محدثتى، يتبين ذلك فى حديثها عن السياسة النقدية، حيث تعتبر أن أدوات السياسة النقدية، كل خطوة فيها محسوبة بدقة، وكل قرار يحمل وزنه من التأثير، وأيضا رفع أسعار الفائدة.. لم يكن قرارا ترفيهيا، بل كان رد فعل مدروسا فى وجه وحش التضخم الزاحف، فقد شهد السوق المحلى، كما غيره من الاقتصاديات الناشئة، موجات متتالية من ارتفاع الأسعار، دفعت صانع القرار إلى تفعيل أقوى أدوات التهدئة النقدية، على أمل كبح جماح التضخم، وتحقيق توازن دقيق بين النمو والاستقرار، بالإضافة إلى دخول الأموال الساخنة كعنصر لا يمكن تجاهله.. أيضا كونه أحد الأعمدة التى تعتمد عليها الدول فى تغطية احتياجاتها التمويلية قصيرة الأجل. فمع كل رفع للفائدة، تتدفق هذه الأموال بحثًا عن العائد، ورغم أنها لا تُقارن بالاستثمارات طويلة الأمد من حيث الأمان والاستدامة، إلا أن الواقع فرضها كأداة ملحّة، تلعب دورًا حيويًا فى ملء الفجوات التمويلية، خاصة فى أوقات التقلبات الحادة.
فى حديثها، لا مجال للتردد، ولا مكان للعبارات المعلّبة، حين يدور النقاش حول ملف الاقتراض الخارجى، يزداد تركيزها، لا تنكر التحديات، لكنها لا تستسلم لها أيضًا، ترى أن الحل لا يكمن فقط فى تقليص الديون، بل فى إعادة هندسة أدوات التمويل نفسها. ولهذا، تتحدث بحماس عن أهمية التنويع، عن الصكوك السيادية التى لا ترهق الدولة، وطرح المشروعات الاستثمارية بأسلوب احترافى، قادر على جذب رؤوس الأموال دون ربط اليدين بالدين الخارجى.
• إذن ما تقييمك لملف السياسة المالية؟
- لحظات صمت تسود المكان قبل أن تجيبنى قائلة إن «ملف السياسة المالية تحرك خلال الفترة الأخيرة بخفة ومرونة لم تكن شكلية، بل عملية، تركت أثرها سريعًا على أرض الواقع، تحفيز الإنتاج، وخلق بيئة أكثر جاذبية لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ومع كل خطوة جديدة، بدأت الإيرادات الضريبية تسجل تحسنًا ملحوظًا، نتيجة لتوسيع القاعدة وتحفيز النشاط الاقتصادى، بالإضافة إلى العمل على تحفيز الاقتصاد غير الرسمى، ودور البورصة كمنصة يمكن من خلالها استقطاب هذا القطاع، ودمجه فى الاقتصاد الرسمى، من خلال طرح أسهم، وتقديم حزمة تحفيزات مدروسة، تتضمن فترات سماح، وتسهيلات لتوفيق الأوضاع، تفتح الباب أمام التحول».
بإيمان راسخ وثقة لا تعرف التردد. تتحدث عن ملف الاستثمار الأجنبى المباشر، بحماس شديد، تعتبر أن المتغيرات الخارجية، أثرت سلبا على نمو معدلات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ليس بالسوق المحلى فقط، وإنما بالاقتصاديات الأخرى، نتيجة للأزمات المتتالية خلال السنوات الخمس الماضية، وكان لها دور وأثر على حركة الاستثمار الأجنبى المباشر، والتحول إلى أذون الخزانة والسندات، والأدوات الاستثمارية الأخرى الأقل مخاطرة، ورغم التحديات إلا أن السوق المحلى يحظى بصورة كبيرة من المزايا التنافسية، والقاعدة الاستهلاكية، بالإضافة إلى أن عودة وزارة الاستثمار تسهم فى تعزيز التسويق، والترويج لملف الاستثمار، ودورهما الكبير فى نجاح هذا الملف، مع العمل على تقديم المزيد من المحفزات التشريعية، والإعفاءات الضريبية، مع أيضا ضرورة العمل على دعم المستثمر المحلى، الذى لا يزال يعانى عبر محفزات وتقديم المبادرات المحفزة للصناعات المهمة، والرئيسية.
سنوات من التجارب، لم تمر عبثا، بل أصقلت خبرتها ويتبين ذلك فى تناولها لملف القطاع الخاص، الذى لا يزال يعانى رغم دوره فى تحقيق النمو الاقتصادى، والتنمية المستدامة، وارتفاع نسبته فى الناتج المحلى الإجمالى، حيث تحمل ارتفاع تكلفة القروض، والدعم، وزيادة أسعار الوقود، لذا على الحكومة العمل على دعم هذا القطاع عبر المزيد من المبادرات، المحفزة، مع التسهيلات الضريبية، بما يسهم فى تشجيع الصادرات إلى الخارج.
لا يزال ملف برنامج الطروحات الحكومية يمثل جدلا كبيرا، إلا أن محدثتى لها رؤية خاصة فى هذا الملف، حيث ترى أن المتغيرات تحدد الاتجاه إلى الاكتتابات العامة، وتوقيتها أو الطرح لمستثمر استراتيجى، وهو ما تحقق خلال الفترة الماضية، مع الاعتماد أيضا على الاكتتابات فى سوق الأسهم، كونها قادرة على تحقيق من الأهداف المهمة والرئيسة سواء لتعزيز قاعدة الملكية العامة، أو استقطاب جزء من السيولة بالاقتصاد غير الرسمى، بالإضافة إلى أن عمق سوق المال يعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك التخارج، الذى يتيح للمستثمر سهولة الخروج، خاصة أن البورصة مهيأة تماما لاستقبال الطروحات، مع الوضع فى الاعتبار اختيار التوقيت المناسب، وسعر الطرح، وكذلك التسويق.
• كيف يمكن زيادة عمق البورصة؟
- علامات تركيز ترتسم على ملامحها قبل أن تجيبنى قائلة إن «السوق فى حاجة إلى 7 محاور رئيسية لزيادة عمق السوق، منها تعزيز برنامج الطروحات الحكومية، وأيضا العمل على استقطاب شركات وكيانات عملاقة، تعزز العمق، وكذلك جذب المزيد من العملاء الجدد، بما يتناسب مع التعداد السكانى، والعمل على تقديم حوافز استثمارية، وضريبية لجذب الشركات بالبورصة، بالإضافة أيضا إلى التواصل مع رجال الأعمال والغرف التجارية، لتوضيح دور البورصة، كمنصة تمويل منخفضة التكاليف، وبرامج توعية للطلاب والشباب».
نجاحها سلسلة من الانتصارات، وهو سر تميزها، حيث نجحت فى تكوين كيان كبير بسوق المال ممثلا فى الشركة، وتواصل مع مجلس الإدارة فى تعزيز ريادة هذا الكيان عبر تحقيق نسبة نمو بصافى أرباح الشركة 30% عن عام 2024، بالإضافة إلى التوسع فى الأدوات الاستثمارية، عبر تفعيل العديد من الرخص، من خلال زيادة عدد الصناديق، وتنويع الأدوات الاستثمارية «دخل ثابت، العملة بالدولار، واليورو، والمعادن الثمينة»، مما ساهم فى جذب شريحة جديدة من المتعاملين، وزيادة عدد العملاء بنسبة 30%، وكذلك رفع كوادر العاملين فى الشركة عن طريق التدريب، والتطوير المستمر.
تسعى إلى تحقيق أهدافها دون كلل أو ملل، حيث تستهدف زيادة التوسع جغرافيا بتأسيس 3 فروع بالصعيد، ليصل الإجمالى إلى 6 فروع، والعمل على الاستمرار بتطوير البنية التكنولوجية الخاصة بالشركة، فتح الحسابات إلكترونيا، وتطوير الخطة التسويقية للشركة، مع الاتجاه إلى زيادة رأس المال عبر الأرباح المرحلة إلى 25 مليون جنيه.
صدق فى القول، ونقاء فى الفعل، وولاء بما تؤمن به وهو سر تميزها تحرص على حث أولادها على العمل والاحترام المتبادل مع الآخرين.. لكن يظل شغلها الشاغل تعزيز ريادة شركتها، فهل تستطيع تحقيق ذلك؟