رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

قتل بالرصاص وهتك عرض

جرائم الأطفال.. حوادث «موثقة» تهدد أجيال المستقبل

بوابة الوفد الإلكترونية

غياب دور الأسرة وسيطرة «السوشيال ميديا» أبرز الأسباب
خبير اجتماع: سلوك الأطفال أصبح يميل للانحراف.. ونحتاج إلى تعديل قانون الطفل
عضو بالأمومة والطفولة: العنف البدنى والإيذاء النفسى وطبيعة الشخصية احتمالات واردة لارتكاب الجريمة
مطالبات بحملات توعية لعودة دور الأسرة الغائب فى العملية التربوية

 

أثارت الجرائم المتكررة فى الآونة الأخيرة، التى يرتكبها الأطفال، الكثير من الجدل وردود الفعل الغاضبة والتساؤلات حول الأسباب التى يمكن أن تدفع طفلا لارتكاب جريمة، وصلت إلى القتل بالرصاص، وكيف نواجه هذه الظاهرة ونوقف انتشارها، خصوصًا أن هذه الجرائم تؤكد أن البراءة أصبحت فى خطر، وأن العنف تمكن من جذور المجتمع ولا بد من العمل على وقفه قبل أن يغتال كل ما فيه.
مؤخرا أنهى 3 أطفال حياة زميلهم فى إحدى مدارس كفر الشيخ، الذى لم يتعد عمره الـ12 عاما، بعد استدارجه إلى منزل أحدهم، ووثقت الكاميرات لحظة دخوله وهو ممسوك من يديه، والذعر والخوف يظهران على وجهه، ثم اعتدوا عليه بوحشية، وقتلوه بالرصاص، وقاموا بسحله مسافة 150 مترا على الأرض، وألقوه فى الشارع واستمر فى النزيف لعدة ساعات ثم فارق الحياة. 
لم يقتصر الأمر على ذلك الحادث الوحشى، بل استدرج 3 طلاب فى المرحلة الإعدادية طفلة فى مدينة قها بالقليوبية أثناء لعبها فى الشارع، إلى مقابر القرية، ثم اعتدوا عليها وهتكوا عرضها، وقام أحدهم بتصويرها بهاتفه المحمول. 
هذه الجرائم تدق ناقوس خطر وتنذر بمستقبل مرير لهذا المجتمع إذا لم تتم مواجهتها مبكرا، والعمل على وقف استمرارها من خلال التوعية المجتمعية والإعلامية، وعودة الأسر للقيام بدورها فى التربية وتشكيل سلوك الأطفال، والبعد عن «السوشيال ميديا»، بحسب آراء الخبراء، الذين تباينت آراؤهم حول ضرورة تعديل قانون الطفل ورعاية الأحداث.

قانون الطفل
أكدت المادة 94 من قانون الطفل، أنه تمتنع المسئولية الجنائية على الطفل الذى لم يجاوز اثنتى عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، ومع ذلك إذا كان الطفل قد جاوزت سنه السابعة ولم تجاوز الثانية عشرة وصدرت منه واقعة تشكل جناية أو جنحة، تتولى محكمة الطفل، دون غيرها، الاختصاص بالنظر فى أمره. 
وتنص المادة 95 على أن أحكام القانون تسرى على من لم تتجاوز سنه الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة. 
كما تناول قانون الطفل، العقوبات المقررة على الأطفال عند ارتكابهم جريمة أيا كانت ماهيتها، والتى بلغ عددها 8 عقوبات، من التوبيخ، إلى الإيداع فى مؤسسة رعاية اجتماعية.
ونصت المادة 101، من القانون على أن العقوبات تتمثل فى التوبيخ، التسليم، الإلحاق بالتدريب والتأهيل، الإلزام بواجبات معينة، الاختبار القضائى، العمل للمنفعة العامة بما لا يضر بصحة الطفل أو نفسيته، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون أنواع هذا العمل وضوابطها، بالإضافة إلى الإيداع فى أحد المستشفيات المتخصصة، والإيداع فى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وفى هذا السياق، قال الدكتور حسن الخولى، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الجرائم التى يرتكبها الأطفال أصبحت ظاهرة خطيرة جدا خاصة فى الآونة الأخيرة. 
وأضاف الخولى، أن هذه الظاهرة تدل على تغير كبير فى المجتمع، لأن الأطفال بالذات يحتاجون إلى رقابة شديدة، خاصة وأن سلوكهم فعلا بدأ يميل إلى الانحراف فى بعض الأحيان. 
وأوضح أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الوقائع الأخيرة الخاصة بارتكاب أطفال لجرائم قتل وهتك عرض وغيرها، تدق ناقوس خطر قوى، يجب أن يلفت انتباه الجميع بسبب الخطورة المتوقعة منه على المجتمع، مشيرا إلى تقصير الأسرة والمدرسة فى العملية التربوية. 
وأوضح الخولى أن الأطفال قد ينحرفون تحت تأثير عوامل كثيرة، من ضمنها «السوشيال ميديا» وما يشاهدونه عليها، فضلا عن الألعاب الإلكترونية غير البريئة، والتى تحرض الأطفال على هذا السلوك العنيف. 
ولفت إلى أن العملية التربوية يدخل فيها أطراف كثيرة، أبرزها الأسرة والمدرسة، التى يقع على عاتقهما الجزء الأكبر منها، إلا أن «السوشيال ميديا» بدأت تنازع الأسرة فى هذه العملية، وبالتالى يتأثر الأطفال بها سلبا. 
وتابع أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، «الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب، بل إن الأطفال يتجمعون عادة فى «شلل» وأصحاب، وإذا كان هناك طفل واحد فقط منحرف، فإنه من الممكن أن يجر الباقى معه فى هذا التيار، وبالتالى فالمسألة تحتاج إلى تدخل أطراف كثيرة من أجل التوعية». 
وأكد الخولى، أن كلمة التوعية يجب أن نضع تحتها خطوطا كثيرة، سواء للأسر أو الوالدين أو المعلمين فى المدارس، والمجتمع بشكل عام، والتنبيه على خطورة هذه الظاهرة على الجميع. 
ويطالب أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، بضرورة تدخل الدولة لمواجهة هذه الظاهرة، والاتجاه لتعديل قانون الطفل ورعاية الأحداث، وإقامة حوار مجتمعى حول ذلك، لأنه يحتاج إلى نقاش مستفيض من جانب أطراف ووجهات نظر عديدة اجتماعية، نفسية، تربوية، قانونية، سياسية، تشريعية، وإعلامية.

انحرافات سلوكية
يقول الدكتور نور أسامة، عضو المجلس القومى للأمومة والطفولة، إن جرائم الأطفال تندرج تحت الانحرافات السلوكية، وتحتاج إلى المكافحة والمجابهة. 
وأضاف أسامة، أن أسباب هذه الجرائم متعددة وقد تكون أسبابا نفسية أو سلوكية أو اجتماعية تندرج تحت العنف الممارس على الطفل من جانب الأهل أو مقدمى الرعاية. 
وأوضح عضو المجلس القومى للأمومة والطفولة، أن سلوك الأطفال يتشكل من خلال عدة وسائل أبرزها الأب والأم ومقدمو الرعاية سواء المدرسون أو الأخصائيون النفسيون وغيرهم. وتابع، «إذا لم يقم هؤلاء بأدوارهم فإن «السوشيال ميديا» ستلعب دورها فى هذا التوقيت، وما تقدمه من محتويات مغلوطة، أو الألعاب الإلكترونية أو الأصدقاء». 
ولفت أسامة، إلى أنه فى مسألة جرائم الأطفال فمن الممكن أن يكون هناك أكثر من عنصر غائب فى تشكيل سلوكه، منها مقدار العنف الذى تعرض له الطفل الذى يرتكب هذه الجرائم، وهنا العنف ليس المقصود به الإيذاء البدنى فقط، وإنما قد يكون شاهد والده يضرب أمه، أو العكس، أو الوالدين يضربان إخوته، ولذلك ليس شرطا أن يتعرض الطفل نفسه للعنف وإنما قد يكون شاهده أو سمعه وتأثر به. 
وتابع، «بجانب العنف البدنى هناك الإيذاء النفسى خاصة الوصم بصفات سيئة، أو العنف المعنوى مثل حرمانه من العاطفة لأسباب كثيرة»، مشيرا إلى أن هذه الشحنة من العنف التى حصل عليها الطفل يمارسها فيما بعد مع الآخرين. 
وكشف عضو المجلس القومى للأمومة والطفولة، أنه إذا لم يكن الطفل قد تعرض للعنف فقد تكون شخصية المراهق أو الطفل نفسها بها مشكلة، فقد يكون شخصية خجولا متواضعة لا يمتلك ثقة بالنفس، والعكس قد يكون شخصية قوية أو جريئة.
وأوضح أن الشخصية الخجول المتواضعة التى تشعر بابتزاز أو أى نوع من أنواع العنف مع كثرة الضغط النفسى ومع استمراريته فإنه يتحول إلى طفل عدوانى أو شخص مجرم. 
أما أصحاب الشخصية القوية أو الجريئة فإنهم عاشقون للمجازفة وعندما أجريت دراسة فى أمريكا على 80 طالبا فى مرحلة المراهقة، لتجاوز 20 إشارة مرور فى أقل من دقيقة، وجدوا أن المجازفة أثناء تواجد الأب والأم لا تتعدى 5% بينما إذا كانوا منفردين فإن النسبة تتعدى الـ 80%، وإذا كانوا مع أقرانهم تعدت الـ 90%، إذن فالأطفال تكون لديهم روح المجازفة والتهور فى حالة عدم وجود الأب والأم أو عدم قيامهم بدورهم فى تشكيل سلوكم. 
وتابع، «فى حالة عدم قيام الأسرة أو مقدمى الرعاية بدورهم، ولعبت «السوشيال ميديا» هذا الدور، فإن الطفل يصل إلى مرحلة يقتنع فيها أن العنف هو الشىء السائد فى هذا المجتمع، أو أنه فى الأساس لديه صدمة من المجتمع لأى سبب من الأسباب بسبب تعرضه لعنف أو حادث ما أثر عليه نفسيا، وهذه الصدمة تؤدى إلى اضطرابات نفسية قد تحدث له، ولذلك فكل هذه الاحتمالات قد تؤدى إلى ارتكاب الطفل للجرائم. 
وأشار عضو المجلس القومى للأمومة والطفولة، إلى أن مواجهة هذه الظاهرة تكون من خلال التوعية من ناحية والتدخل الحكومى القانونى من خلال تطبيق قانون الأحداث عليهم وضبطهم ومحاكمتهم قضائيا من ناحية أخرى، لكن هذا التدخل لن يمنع ممارسة أطفال آخرين لهذا السلوك، ولذلك نحن فى احتياج شديد إلى التوعية كنوع من الحماية وكمرحلة استباقية. 
ولفت إلى أن التوعية تكون من خلال شرح كل أنواع العنف التى من الممكن أن تصيب الطفل بأى شكل من الأشكال للأسرة ومقدمى الرعاية مثل المدرسين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، وكل من يتعامل مع الأطفال فى هذه المرحلة العمرية، وتوضيح كيف يتعاملون مع الأطفال فى كل مرحلة عمرية، موضحا أن هذه التوعية موجودة فى بعض المبادرات التى تطلقها الدولة وآخرها مبادرة بداية لبناء الإنسان لحماية النشء وبناء طفل سوى.

أهم أسباب العنف
ذكرت دراسة أجراها باحثون بريطانيون وأمريكيون نشرت فى عام 2023، أن الوالدين والمعلمين والمدربين وغيرهم من البالغين الذين يصرخون فى وجه الأطفال أو يهددونهم لفظيا أو يحطون من قدرهم، يمكن أن يتسببوا بالإضرار بنموهم، بشكل يمكن أن تصل خطورته للاعتداء الجسدى أو حتى الاعتداء الجنسى، وقد يخلق مشاكل على المدى الطويل، ما يلقى الضوء على خطر الصراخ المستمر على الأطفال.
ودعا الباحثون إلى ضرورة تصنيف الإساءة اللفظية فى مرحلة الطفولة ضمن فئة سوء المعاملة، والتى تتضمن أربع فئات أساسية هى الاعتداء الجسدى، والاعتداء الجنسى، والإساءة العاطفية، والإهمال، وغالبا ما يتم تضمين الإساءة اللفظية ضمن الإساءات الجسدية، كما يتم التساهل مع الإساءات اللفظية بشكل كبير، إذ قد تكون علنية.
وأكدت الدراسة أنه من المهم جدا الاعتراف بالإساءة اللفظية فى مرحلة الطفولة كنوع فرعى من الإساءة، بسبب العواقب السلبية التى تدوم مدى الحياة، حيث يمكن لهذه العواقب أن تظهر على شكل اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والغضب، ويمكنها أن تظهر على شكل أعراض أخرى كارتكاب الجرائم أو تعاطى المخدرات، كما يمكنها أن تؤدى إلى عواقب على الصحة البدنية، مثل الإصابة بالسمنة أو أمراض الرئة.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فقد ارتفعت معدلات الإساءة العاطفية فى مرحلة الطفولة، ما يجعل من الضرورى إجراء تعديلات فى تعريف هذا النوع من الإساءة من أجل تطوير سبل الوقاية.
وتنصح الدراسة الأسر وكل من يتعاملون مع الأطفال بتجنب الصراخ أو الإهانات أو إطلاق الألقاب الجارحة أو التنمر حتى عندما يكون الغاية منها هو المرح عند التحدث إلى الأطفال، وكذلك تخصيص الوقت لإصلاح العلاقة مع الطفل بعد قول شىء جارح. 
كما حذر خبراء من مخاطر إساءة استخدام الأطفال للهواتف الذكية، مشيرين إلى أنه من المحتمل ارتكاب المزيد من الأطفال جرائم اعتداء جنسى بحق أطفال آخرين بسبب ما يشاهدونه على الهواتف الذكية.
وذكر تقرير نشر فى وسائل إعلام بريطانية، أن نصف جرائم الاعتداء الجنسى بحق الأطفال التى سجلتها الشرطة البريطانية عام 2022 كان مرتكبوها من الأطفال أيضا.