رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

مقبرة الجذام.. وصمة المرض التي لا تسقط بالموت

بوابة الوفد الإلكترونية

في قلب مستعمرة الجذام، حيث يتقاطع الألم بالصمت، تقبع مقبرة صغيرة لا تشبه غيرها، يسميها أهل المكان ببساطة: "مقبرة الجذام". هنا يرقد من رفضهم المجتمع أحياءً، ثم تجاهلهم حتى بعد الموت.

يحرس المقبرة الحاج رشيدي، رجل ستيني، وواحد من أقدم سكان المستعمرة، يعيش معها ولها منذ أكثر من أربعين عامًا، بعد أن أجبره المرض على الانعزال، لكنه لم يستسلم للوحدة. لم يعد مجرد "غفير"، بل أصبح اليد التي تودع الراحلين، والصوت الأخير الذي يرافقهم في صمتهم الطويل.

 بلا جنازة بلا عزاء


"أنا بدفنهم بإيدي... حتى الموت مش بيرحمهم من الخوف والنبذ"، يقولها رشيدي بصوت لا يخلو من مرارة، وهو يشير إلى صفوف القبور التي يزرع حولها شتلات الورد والصبار.  كثير من جثامين المرضى يرفض ذووهم استلامها، فيدفنون داخل أسوار المستعمرة بلا جنازة، بلا عزاء، وكأنهم لم يعيشوا يومًا.

يعتمد رشيدي على "شهريته" التي تجمع من تبرعات سكان المستعمرة الفقراء مثل حاله، ويضيف إليها معاشًا ضئيلًا لا يكفي لأيام. لكنه لا يشكو. وجد في دفن رفاق المعاناة رسالة، وفي سقاية الزرع فوق المقابر عزاءً يخفف عن قلبه المثقل.

مقبرة الجذام ليست مجرد مكان للدفن، بل شاهدٌ على مجتمع لا يزال يعاقب مرضاه حتى بعد موتهم. وصمة الجذام لا تسقط بالموت، بل تُدفن مع الجسد، وتبقى شاهدة على غياب الرحمة.