دراسة تكشف تأثير الموسيقى الحزينة على الصحة النفسية والقلية.. النتائج صادمة
خلافاً لما قد يبدو بديهيًا، توصلت دراسة حديثة إلى أن الموسيقى الحزينة قد تلعب دوراً إيجابيًا في تعزيز الصحة النفسية.
وبحسب مجلة “ذا هيلث” الأمريكية، تشير هذه النتائج إلى أن الاستماع لأغانٍ حزينة لا يقتصر فقط على إثارة المشاعر السلبية، بل يمكنه أن يفتح الباب أمام شعور عميق بالاتصال والتواصل، سواء مع الذات أو مع الآخرين.
موسيقى تلمس الأعماق
وشارك في الدراسة، المنشورة في مجلة التعليم الجمالي، في إعدادها باحثون من بينهم الدكتورة تارا فينكاتيسان، عالمة إدراك ومغنية أوبرا.
وتشير النتائج إلى أن المستمعين يقدّرون الموسيقى الحزينة لسبب جوهري: الشعور بالتواصل العاطفي. فعلى غرار حديث صادق عن تجربة مؤلمة، قد تُشعِر الأغنية الحزينة المستمع بأنه مفهوم وغير وحيد.
العاطفة تفوز على التقنية
في تجربة أولى، طُلِب من نحو 400 مشارك تقييم وصفات لأغانٍ تتنوع بين التعبير العاطفي العالي والكفاءة التقنية.
وجاءت النتيجة أن الأغاني ذات التأثير العاطفي تفوقت بشكل واضح، حتى لو افتقرت إلى الجودة التقنية، وهذا يدل على أن الناس يرون "جوهر الموسيقى" في قدرتها على إثارة المشاعر أكثر من مهارات الأداء.
الحزن كجسر للتواصل
في الجزء الثاني من الدراسة، تم تحليل استجابات 450 مشاركاً لعواطف تثير التواصل سواء في الموسيقى أو في المحادثات. تكررت مشاعر مثل الحزن، والحب، والشوق كعوامل تربط المستمعين بالموسيقى.
وكانت الأغاني التي تُوصف بأنها "محزنة جدًا" لدرجة غير مريحة، تحمل أيضًا طابعًا عاطفيًا قويًا يُسهِم في تعزيز الشعور بالتواصل.
استجابات فردية ومعقدة
وترى الدكتورة شانون بينيت، مديرة مركز الصحة النفسية للشباب في نيويورك، أن ارتباط الموسيقى بالذكريات الشخصية يمكن أن يؤثر بشدة على استجابة المستمع.
ويمكن لبعض الأشخاص أن يغرقون في مشاعر الحزن، بينما يجد آخرون في تلك الأغاني وسيلة للتفريغ أو التأمل.
ثلاثة أنواع من التأثر
تشير فينكاتيسان إلى أن ردود الأفعال تجاه الموسيقى الحزينة تنقسم إلى ثلاث فئات: الحزن الخالص، الكآبة، والحزن الحلو.
وبينما يمثل الحزن استجابة سلبية مباشرة، تعكس الكآبة مزيجًا من الشوق والانكسار، أما الحزن الحلو فهو شعور معقد يمزج الراحة بالحزن، ويمنح المستمع نوعاً من السكينة العاطفية.
أداة للعلاج والتنظيم العاطفي
بعيدًا عن التأثيرات المؤقتة، يرى الخبراء أن للموسيقى الحزينة دوراً في دعم الصحة النفسية من خلال "التعرض العاطفي"، وهو أسلوب علاجي يسمح بالتعايش مع المشاعر المؤلمة بدلاً من تجنبها.
كما أن هذا النوع من الموسيقى يعزز الوعي الذاتي، ويساعد على تنظيم الحالة المزاجية بطريقة صحية.
في النهاية، تؤكد الدراسة أن استماعنا للموسيقى الحزينة لا يعني بالضرورة أننا نبحث عن الحزن بل قد نكون، على نحو غير واعٍ، نبحث عن اتصال عاطفي يعيد إلينا الشعور بالمعنى والانتماء.
وبينما قد تثير الأغاني الحزينة دموعاً، فإنها قد تترك خلفها راحة وسلاماً لا تقدمه أي موسيقى أخرى.