رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

كأس العالم للأندية.. هل ينجح النظام الجديد في تحقيق العدالة القارية؟

كأس العالم للأندية
كأس العالم للأندية

اعتبرت جماهير كرة القدم حول العالم النظام الموسّع لبطولة كأس العالم للأندية الذي أعلن عنه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، التي ستُقام كل أربع سنوات بمشاركة 32 فريقًا، خطوة تطورًا طبيعيًا لمواكبة العصر وفتح الباب أمام أندية من قارات مختلفة للمشاركة على نطاق أوسع، فيما رآها آخرون مجرد محاولة جديدة لترسيخ هيمنة أندية النخبة، خاصة من أوروبا وأمريكا الجنوبية، على حساب باقي القارات.

 

يمنح النظام الجديد لكل قارة عددًا محددًا من المقاعد، حيث حصلت أوروبا على الحصة الأكبر بواقع 12 فريقًا، تليها أمريكا الجنوبية بـ6 فرق، بينما نالت آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية 4 مقاعد لكل منها، بالإضافة إلى مقعد للبلد المضيف وآخر لبطل أوقيانوسيا. هذه الأرقام أثارت تساؤلات عدة حول مدى تحقيق هذا التوزيع للعدالة القارية، خصوصًا في ظل التفاوت الهائل في عدد الأندية ومستوياتها بين القارات.

 

من الناحية الشكلية، فإن النظام الموسّع يمنح فرصًا أكبر للتمثيل القاري مقارنة بالنسخ السابقة التي كانت تُقام سنويًا بمشاركة 7 فرق فقط، يتأهل منها بطل كل قارة، إلى جانب ممثل الدولة المضيفة. هذا ما كان يجعل البطولة أقرب إلى "عرض قصير" لا يسمح بتكرار الفرص أو تقديم أداء تصاعدي. أما الآن، فالمساحة الأوسع تمنح فرقًا عدة إمكانية التواجد والمنافسة ضمن دور مجموعات متنوع، مما قد يساعد على تقليص الفجوة وإتاحة فرصة لاكتساب الخبرة والتطور الفني.

 

لكن في المقابل، فإن منح أوروبا 12 مقعدًا يطرح تحديًا كبيرًا على مستوى "تكافؤ الفرص"، إذ أن الفرق الأوروبية بطبيعتها تملك أفضلية فنية واقتصادية ضخمة، ويكفي القول إن بطولات دوري أبطال أوروبا تُعد الأقوى عالميًا، وتُنتج أبطالًا يحظون بتشكيلات تضم نخبة نجوم العالم. ومع وجود 12 فريقًا من هذه القارة، فإن فرص تتويج فريق من خارج أوروبا ستبقى محدودة، حتى مع النظام الموسّع.

 

وتنظر أندية إفريقيًا وآسيا إلى النظام الجديد باعتباره فرصة حقيقية لدخول دائرة الضوء، لكنه مشروط بتحقيق قدر من العدالة في مواعيد المباريات، وفترات الإعداد، ومراعاة فارق الإمكانيات. فما يزال التحدي الأكبر يتمثل في صعوبة مجاراة الفرق الأوروبية بدنيًا وتكتيكيًا، خاصة في ظل الفوارق الواضحة في الاستعداد، وتجهيز اللاعبين، وقوة الدوريات المحلية.

 

في هذا السياق، يطرح كثيرون تساؤلات حول ما إذا كان فيفا سيكتفي بتوسعة الشكل فقط، أم أنه سيتجه أيضًا نحو تهيئة مناخ تنافسي أكثر عدالة، من حيث تنظيم البطولة في أماكن محايدة، ومنح الأندية من خارج أوروبا فُرَصًا زمنية مناسبة للاستعداد، فضلًا عن دعم مالي يساعد على تقليص الفوارق.

 

وفي النهاية، تبقى النسخة القادمة من البطولة بمثابة اختبار حقيقي لجدية الوعود بتحقيق "عدالة قارية"، والفيصل في ذلك لن يكون فقط عدد المقاعد، بل مدى قدرة النظام الجديد على إتاحة فرص حقيقية للمنافسة، لا مجرد المشاركة. فالتاريخ لن يتوقف عند توسعة البطولة، بل سيحكم على ما إذا كانت تلك التوسعة ستُفضي إلى توزيع أوسع للإنجازات، أم أنها ستكرّس واقعًا جديدًا من الاحتكار الأوروبي بأدوات أكثر حداثة.