رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

وصية نبوية تختصر طريق الخير

بوابة الوفد الإلكترونية

 في حديث نبوي شريف، رواه الإمام الترمذي وصححه الألباني، يخاطب النبي ﷺ الصحابي الجليل معاذ بن جبل بكلمات تكشف عن جوهر الدين، وخلاصة العبادة، وملاك الأعمال الصالحة كلها، حين قال له في ختام وصاياه الجامعة: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟» قال: «بلى يا نبي الله»، فأخذ بلسانه وقال: «كف عليك هذا».
 


 وصية نبوية عظيمة تختصر طريق الخير:

 الحديث يضيء لنا طريق السلامة، ويركز على جوهر خطير يستهين به الكثيرون: اللسان، هذا العضو الصغير في حجمه، العظيم في أثره، الذي قد يكون سببًا في رفعة المرء أو هلاكه.

 الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، علق على هذا الحديث بقوله: "وصلنا لنهاية هذا الحديث المبارك، فبعد أن عدد النبي ﷺ أوجه الخير وفضائله، أراد أن يخبر معاذ بشيء واحد إذا حافظ عليه، يضمن له الإتيان بكل هذه الفضائل".

 ويضيف فضيلته موضحًا: "المقصود بـ(ملاك ذلك كله) أي ما يربط هذه الفضائل ويثبتها ويجعلها متينة، وهو كف اللسان. فقد أشار النبي ﷺ إلى اللسان، وبيّن خطره بإيماءة عملية حين أمسك به، ليؤكد صعوبة أمره، وكأن الكلام المجرد لا يكفي في بيان فداحة أثره".

وفي شرح تحفة الأحوذي، نُقل هذا التوضيح البديع:"الملاك ما به إحكام الشيء وتقويته، من قولهم: ملك العجين إذا أحسن عجنه،  فملاك العبادة كلها وحسن الخلق، وكمال الدين، إنما يكون بكف اللسان".

فاللسان هو آلة التعبير، لكنه أيضًا قد يكون آلة الدمار، إذا لم يُضبط بضوابط الشرع. فكثرة الكلام تجرّ إلى الزلل، والزلات تجر إلى الذنوب، والذنوب إلى الهلاك. ولهذا قال ﷺ:
«وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم؟».

والتشبيه البلاغي المعجز في الحديث يصور الكلمات الخارجة من اللسان كمثل الزرع المحصود، لا يفرق بين الطيب والخبيث، ولا بين النافع والضار، إذا أطلق من دون وعي ولا رقيب.
يقول الشارح في هذا السياق:"كما أن المنجل يقطع الزرع الجيد والفاسد، كذلك لسان الإنسان قد يخرج منه الحق والباطل، وإذا أطلقه بلا ضابط، كان فيه هلاكه".

ومن أوجه البلاغة النبوية في هذا الحديث أيضًا، أنه جمع بين التحذير والتعليم، بين الترهيب والترغيب، وبين البيان العملي واللفظي، حيث لم يكتفِ النبي ﷺ بالكلام، بل أخذ بلسانه وأشار إليه، ليُشعر السامع بثقل المسألة وخطورتها.

 خلاصة الدرس النبوي أن من أراد الفوز في الدارين، فعليه أن يحكم لسانه، وأن لا ينطق إلا بخير، وأن يزن كلماته قبل أن يلفظها، فربّ كلمة تهوي بصاحبها في نار جهنم سبعين خريفًا، وربّ صمت كان سببًا في نجاة العبد يوم لا ينفع مال ولا بنون.