حفنة كلام
بيوت الثقافة التى تنشر التنوير فى ربوع مصر هى صمام أمان ينبغى أن نحافظ عليها وأن نتوسع فى إنشاء المزيد منها فى المدن الجديدة والقرى والنجوع لأن معظم أدباء وفنانى مصر هم من خرّيجى قصور الثقافة؛ من جلسات نوادى الأدب وعروض المسرح وندوات النقد وفنون الإلقاء، لم تكن الدولة مبذرة عندما أنشات ما يزيد على ستمائة قصر ثقافة وبيت ثقافة فى أرجاء مصر وقد زرتُ بعضها فى أثناء رئاستى للهيئة العامة لقصور الثقافة ورأيتُ كيف يتعب موظّفوها فى اكتشاف المواهب وصقلها وتقديمها للجمهور كما أنهم يأتون صباحا ومساءً مع عائد مالى إضافى زهيد لا يتناسب مع جهودهم وتعبهم، وإذا كان هناك قُصورٌ فى قصورِ الثقافة فعلاجه ممكن من خلال دورات تدريبية وتثقيفية ورحلات ثقافية حتى يتمكن هؤلاء من أداء دورهم التثقيفى وأهمس فى أذن اللواء رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الحالي: من الممكن توفير نفقات من بنود أخرى أنت تعرفها لكن إغلاق بيوت ثقافية لا تكلف سوى بضعة آلاف من الجنيهات سيتلف عقولا فى طور البناء والتوجيه فقد صارت هذه البيوت متنفسا للأدباء والفنانين والجمهور فاتركوها لهم وهم دافعو الضرائب التى تصرف عليها، ولعلك قد رأيت الوزير ثروت أباظة وهو يزور هذه البيوت ولا توجد آتئذٍ وسيلة نقل تصل إليها إلا بالحمار.. هذه الصور تجعل وزراء الثقافة ولاسيما الوزير الحالى أ.د. أحمد هنو ورئيس الهيئة اللواء خالد اللبان يفكران فيما سيقوله التاريخ عنهما بعد ذلك.. وأنتما فى حاجة إلى ذكرى طيبة فى مخيلة المثقفين الفنانين والشعب، وكلى ثقة فيكما وبوطنيتكما ومعرفة ما يحاك لمصر من تخريب عقول شبابها ودفعهم إلى التكفير والغلوّ والتشدد.. ولقد افتتحتُ قصر ثقافة حلايب الذى أنشأته الدولة حصنا حصينا فى بقعة عزيزة علينا فهل نحسب العائد المادى لهذا القصر ونغلقه؟ قرار إغلاق بيوت الثقافة هو غاية هؤلاء التكفيريين ومُناهم المنشود فلا تحققوا لهؤلاء هدفهم فى تحجير عقول الشباب ودفعهم إلى التطرف ومحاربة التنوير الذى يعنى فى أبسط تعريفاته «إعمال العقل دون وصاية الغَيْر» فيا وزير الثقافة ويا رئيس الهيئة افتحوا بيوتا جديدة للثقافة والتنوير ولا تغلقوا تنوير العقول، فالتاريخ لا يرحم.
< مختتم الكلام
قال البارودي:
لو كانَ للمرءِ عقلٌ يستضيءُ بهِ
فى ظُلمة الشكِّ لم تعلقْ به الرّيَبُ
[email protected]