من حطام داعش إلى عاصمة السياحة العربية
وزير الثقافة والسياحة العراقي لـ"الوفد": المشهد الثقافي العربي يكمل بعضه.. وبغداد أصبحت بلد أمنة

بعد سنوات من الحروب والاضطرابات التي طمست ملامح أحد أعرق الحضارات الإنسانية، ترفع بغداد شعار " السلام" من جديد، مدعومةً بخطة حكومية طموحة لإحياء السياحة عبر 5 محاور: "دينية، صحراوية، ترفيهية، أثرية، علاجية"، وبشراكة مع مصر لاستعادة مكانة العراق كوجهة سياحية جاذبة، لذا حاور الوفد الوزير أ.د أحمد فكاك أحمد البدراني وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، على اثر استقبال بغداد القمة العربية ٢٠٢٥ بعنوان " حوار ..تضامن ..تنمية" وأصبحت تحت الأضواء من جديد كدولة حاضنة للوحدة العربية.
"من سومر إلى بابل وآشور، ارتوت أرض الرافدين بأعظم الحضارات الإنسانية، وكانت مهداً للشرائع الإنسانية شريعة أورنمو ولبث إشتار وقانون حمورابي والتي تدرس في الجامعات الغربية إجلالا لفكرها". بهذه الكلمات بدأ الوزير أ.د أحمد فكاك أحمد البدراني وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي حديثة ل"الوفد" لافتا انه بعد تحقيق الاستقرار الأمني، تعانقت وزارتا الثقافة والسياحة في العراق مع نظيرتهما المصريتين لترسيخ التعاون الثقافي، من خلال فعاليات واتفاقيات مشتركة ، ما أكسب بغداد لقب "عاصمة السياحة العربية لعام ٢٠٢٥ " كتتويج لجهود إحياء تراثها.
تعاون مصر – بغداد
في تصريحات خاصة ل"الوفد" قال ، أوضح بأن هناك خطوات مهمةً لتعزيز أواصر التعاون بين مصر والعراق، من خلال العمل على تفعيل الاتفاقيات الثقافية الموقعة والتي تشمل مشاريعًا مشتركةً في الأرشيف الرقمي، وتبادل المعارض، وإحياء الآثار "، لافتًا إلي التبادلات الغنية بين المؤسسات الثقافية العراقية والمصرية، والتي تشهد حراكًا كبيرًا على مختلف الأصعدة.
وتوجه الوزير العراقي بدعوة رسمية للمسؤولين في مصر والشعب المصري لزيارة بغداد، قائلًا: "نرحب بزيارة شقيقة لوزير الثقافة المصري د.أحمد فؤاد هنو، كما نوجه الدعوة أيضًا لوزير السياحة المصري شريف فتحي الأخ والصديق الذي دعم قطاع السياحة العراقية بجهودٍ ملموسة، وشاركنا احتفالية تسليم مفتاح بغداد عاصمة السياحة العربية ، وندعو المصريين لزيارة العراق والتمتع بالتاريخ الثقافي والسياحي المشترك ".
في بداية ٢٠٢٥ وقع الدكتور أحمد فكاك البدراني، وزير الثقافة والسياحة والآثار، ٣ مشروعات تعاون بين مصر والعراق ، الأولى مذكرة تفاهم بين وزارة الثقافة والسياحة والآثار "دار الكتب والوثائق بالعراق"، ووزارة الثقافة "دار الكتب والوثائق القومية بمصر"،
أما الوثيقة الثانية فتحتوى على مشروع مذكرة تفاهم في مجال الآثار والمتاحف بين المجلس الأعلى للآثار بمصر والهيئة العامة للآثار والتراث التابعة لوزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية.
فيما تمثلت الوثيقة الثالثة في مشروع البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي بين وزارة الثقافة بمصر ووزارة الثقافة بالعراق( 2025- 2027)، ووقّعها على هذه الاتفاقات من الجانب المصري الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي .
وأكد البدراني أهمية توثيق الشراكة الثقافية كجسرٍ للتقارب بين الشعوب، قائلًا أن "زيارة الوزيرة المصرية ولّدت زخمًا إيجابيًا سنعمل على استثماره عبر برامج ملموسة، خاصة في مجالات النشر، والتراث، والتبادل الفني".
الثالوث الثقافي المقدس
وعن العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين، أكد الوزير أن "المشهد الثقافي العربي يُكمل بعضه البعض، وهناك مقولةٌ تتردد دائمًا: القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، والعراق يقرأ، وهذا الثالوث الثقافي المقدس يعكس التكامل الحضاري بين أمتنا". وأردف: "الكتب المصرية تجد طريقها إلى أرفف المكتبات العراقية، كما أن إبداعات العراقيين تلقى صدىً في مصر،ض حتى المخطوطات النفيسة يحمل قصصًا مشتركةً بين الشعبين".
"من تحت الأنقاض.. إرث يتنفّس من جديد" كشف البدراني عن خطة شاملة لإحياء قطاع السياحة والثقافة، وأوضح في تصريحات ل"الوفد" أن "هذا التتويج ثمرة جهود أمنية وثقافية متكاملة، تحوّل خلالها العراق من ساحة حرب إلى متحف مفتوح".
بعث الروح في العراقية
وعن الأوضاع الأمنية والأزمات الإرهابية التي أثرت على السياحة في العراق ، قال الوزير العراقي:على مر القرون، حافظ العراق على إرثه الحضاري المتفرد، لكن قطاع السياحة شهد تراجعاً كبيراً بسبب الحروب والاحتلال وتداعيات الأزمات المتلاحقة التي أثقلت كاهل الشعب. ومع بزوغ فجر الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني، انطلقت جهود حثيثة لإحياء المقومات السياحية التي تزخر بها البلاد، والتي تتعدد أوجهها بين السياحة الدينية والصحراوية والترفيهية والأثرية والعلاجية، مدعومةً بكنوز تراثية وثقافية تخطف الألباب.
وأوضح البدراني أن استقبال بغداد للقمة العربية ٢٠٢٥، تؤكد أن بغداد تغيرت وأصبحت بلد أمنة مستقرة : وقال :" ندعوكم اليوم لتكونوا سفراء لهذه النهضة، وانقلوا صورة العراق الجديد: وطن الأمن، والإرث المتجدد، والضيافة التي ورثناها من أجدادنا"
وتابع: " أقول لكم ..حللتم أهلاً ووطئتم سهلاً في دار السلام، فأنتم بين إخوتكم، وشواهد مجدنا القديم خير شاهد على أن العراق باقٍ برغم كل التحديات، وسياحته ستبقى جسراً بين الماضي التليد والمستقبل الواعد".
كنوز تروي حكاية الأمم
تتنفس بغداد عبق التاريخ من خلال معالمها الخالدة التي تجتمع تحت سقف واحد: من مرقدي الإمامين الكاظميين، ومقام أبي حنيفة النعمان، وضريح الشيخ عبد القادر الجيلاني، إلى جانب مواقع كالجنيد البغدادي والسري السقطي، ومقامات ملكية كزُبيدة خاتون. ولا تُنسى القصور العباسية والمدرسة المستنصرية العتيقة ابتي كانت منارة للعلم في العالم، وأسواق بغداد التاريخية التي تحاكي بسحرها حكايات ألف ليلة وليلة. أما أبوابها الأربعة الشهيرة، فهي شواهد حية على عصور ازدهار السلام في بغداد"
أوضح د. البدراني أن الخطة السياحية تعتمد على عدة محاور رئيسية وهي السياحة الدينية والسياحة الأثرية ترميم العديد من المواقع التاريخية، بالاضافة إلي السياحة العلاجية باستغلال الينابيع الكبريتية في الحلة والنجف، والسياحة الصحراوية بتطوير مسارات سياحية في صحراء الأنبار. وهناك السياحة الترفيهية بإطلاق "مهرجان بغداد الدولي" نهاية 2025، وادعو جميع الشعوب لزيارة بغداد في صورتها الجديدة.
