دعاء الحر الشديد.. ماذا كان يقول النبي؟

اليوم السبت 17 مايو 2025، تشهد البلاد ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة، وصلت إلى 47 درجة مئوية في القاهرة الكبرى، مما انعكس بشكل ملحوظ على حالة الطقس بمختلف مناطق الجمهورية، والحر الشديد من المشاق التي يعاني منها الإنسان، وقد نبَّه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن هذه الشدة ليست مجرد ظاهرة طبيعية، بل لها بعدٌ غيبي يذكّر بحرِّ جهنم، داعيًا الأمة إلى الالتجاء إلى الله بكلمات معينة تقيهم هذا العذاب.
الحر الشديد من فيح جهنم:
ففي الحديث المتفق عليه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن شدة الحر من فيح جهنم». ويعني ذلك أن حرارة الصيف ما هي إلا نفحة من نار جهنم، جعلها الله عبرة وتذكرة لعباده، ليعودوا إليه ويتضرعوا بالدعاء والاستغفار.
ما يقوله المسلم عند شدة الحر:
أرشد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين إلى ما يقولونه عند اشتداد الحر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا كان يومٌ حارٌّ ألقى الله تعالى سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم، قال الله عز وجل لجهنم: إن عبدًا من عبادي استجارني منك، وإني أشهدك أني قد أجرته»
رواه البيهقي في "الأسماء والصفات"، وذكره مختصرًا في "الاعتقاد"، كما رواه ابن السني وأبو نعيم في "عمل اليوم والليلة".
هذه الكلمات النبوية القصيرة: «لا إله إلا الله، ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم»، ليست فقط دعاءً يقال وقت الحر، بل هي وسيلة للاستجارة بالله من النار، ووعد إلهي بالأمان لمن قالها بإخلاص.
الاستعاذة من النار.. دعاء مستحب دائمًا:
كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما استجار عبدٌ من النار سبع مرات إلا قالت النار: ربِّ إن عبدك فلانًا قد استجارك مني فأجره»، ويؤكد هذا الحديث على فضل الاستعاذة المتكررة من النار، إذ إن الله يستجيب لعبده ويمنحه الأمان منها برحمته، ما دام العبد صادقًا في توبته ولجوئه.
القرآن يرشدنا إلى الدعاء بالوقاية من النار:
الشرع الشريف لم يقتصر على الأحاديث النبوية في الحث على الاستجارة من النار، بل أكد القرآن الكريم ذلك في مواضع عدة، منها قول الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201].
وفي موضع آخر يقول تعالى:﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 16].
تُبيِّن هذه الآيات أهمية أن يكون الدعاء بالوقاية من النار جزءًا أصيلًا من دعاء المسلم في يومه وليلته، لا سيما عند الشعور بشدة الحرارة، لما في ذلك من تذكير بنار الآخرة، وتحفيز على التوبة والاستغفار.
الحر الشديد ليس مجرد ظاهرة موسمية مؤقتة، بل هو تذكرة للعباد بعذاب النار، ودعوة للاجتهاد في الدعاء والتقرب إلى الله، خاصة بالدعوات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فليكن من دعائنا في أيام الحر: «اللهم أجرنا من حر جهنم»، عسى أن نكون ممن يستجيب الله لهم ويؤمنهم من عذاب السعير.