رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

نور

التقينا فى الأسبوع الماضى، على ذكر الزعيم مصطفى النحاس، وحكاياته الإنسانية والوطنية، ويبدو أن حكايات النحاس باشا لا تنتهى.

منذ أسابيع يحاول كاتب هذه السطور، وفؤاد بدراوى القيادى الوفدى ونائب رئيس الوفد، الالتقاء فى مسجد سيدنا الحسين الذى كان يحرص النحاس على زيارته، وقريبًا سنجتمع عند المسجد الذى كان يحبه.

فؤاد بدراوى عاشق للزعيم، ولديه فى منزله صورًا للنحاس تفوق فى عددها صور جده فؤاد باشا سراج الدين، وفى كل مرة أكتب فيها عن النحاس أجده متصلًا بى ومُعلقًا على ما كتبت، قائلًا: شكرًا ما كتبت عن حبيب الحبيب الزين!!

هناك قصة تكشف عشق وحب الوفديين للنحاس، وهى حكاية يرويها فؤاد بدراوى نقلًا عن فؤاد سراج الدين، وحدثت خلال عزاء صبرى أبو علم سكرتير عام الوفد الأسبق، وكان النحاس باشا يقف بجوار قيادات الوفد يتلقى العزاء، وفوجئ بدخول مكرم عبيد، سكرتير عام الوفد المنشق، متوجهًا إلى النحاس باشا زعيم الوفد والأمة، وقام بتقبيل رأس النحاس، وقال مكرم عبيد: إذا كان صبرى أبو علم قد مات فإن حب مكرم للنحاس لن يموت.. لقد عشت وفديًا وسأموت وفديًا.. وقد حاول فؤاد سراج الدين التقريب بينهما لإفشال محاولات أحمد حسنين والقصر تفجير الوفد ولكنه لم ينجح فى ذلك.

حكاية مهمة أخرى تستحق القراءة، سردها الكاتب سعيد الشحات، قال فيها: فى 22 سبتمبر 1927 انتخب الوفد مصطفى النحاس، رئيسًا للوفد، خلفًا لسعد زغلول، وفى 17 مارس 1928 شكل وزارته الأولى، وفى يوم 22 يونيو 1928 خرجت الصحف التى تصدر فى المساء، وفى اليوم التالى ظهرت صحف «الاتحاد» و«الأخبار» و«السياسة» بمانشيتات عريضة هى «فضائح برلمانية خطيرة.. رئيس الوزراء النحاس ورئيس مجلس النواب ويصا واصف يستخدمان السلطتين التنفيذية والتشريعية لمصالحهما الذاتية»!! وتحت هذه المانشيتات نشرت صورة لعقد أتعاب المحامين بعد سرقته من منزل جعفر فخرى بك بالإسكندرية قبل ثلاثة أشهر ونصف.. ويؤكد صلاح عيسى فى كتابه «حكايات من دفتر الوطن» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة»، أن «النحاس» تقدم ببلاغ يتهم هذه الصحف بقذفه لأنها وصفته هو وزميليه بالمجرمين بالفطرة والنذالة، ورغم ذلك حفظت التحقيق، وأحالت المحامين الثلاثة إلى مجلس تأديب المحامين، لارتكابهم عشرة اتهامات، من بينها، المبالغة فى الأتعاب، وعدم قطع «النحاس» صلته بالقضية بعد رئاسته للحكومة (فقد كان يترك العمل بالمحاماة بعد رئاسته للحكومة ويستمر فيها بعد عودته للمعارضة حيث كانت مصدر رزقه).

وأمام مجلس تأديب المحامين -وفقًا لعيسى- دارت «واحدة من أكثر المعارك القانونية ضراوة» فند فيها خمسة من ألمع المحامين هم نجيب الغرابلى ومحمود بسيونى وكامل صدقى وحسين صبرى ومكرم عبيد، كل الاتهامات، ويؤكد صبرى أبو المجد فى كتابه «سنوات ما قبل الثورة 1930-1952» أن دفاع مكرم عبيد كان فى 156 صفحة بالغة الروعة، وجاء فيها: «ليس للسياسة ضمير فى أى بلد من بلاد الله، أما فى مصر فليس للسياسة عقل أيضًا»، وأنهى مرافعته قائلًا: «اجتمعت فى هذه القضية كل عناصر الظلام بل وعناصر الإجرام، فمن سرقة إلى تزوير إلى شهادة الزور إلى شراء الذمم، إلى الدس والتلفيق وكنا فى كل ذلك مجنيًا علينا لا جناة، فقولوا كلمتكم حاسمة فاصلة، فإن شعاعًا واحدًا من نوركم يكفى لتبديد كثيف الظلام وكلمة واحدة من عدالتكم أنفذ إلى الباطل من حد السهام»، ويؤكد «أبو المجد»: «فى 7 فبراير» مثل هذا اليوم «1929 قضى مجلس التأديب بأن التهم التى أسندت إلى، (النحاس)، و(ويصا)، و(فخري)، خالية من كل أساس».

النحاس تعرض لانتقادات شديدة بسبب قبوله تشكيل الحكومة الخامسة له، والتى استمرت أربعة أشهر، تقريبًا، من 4 فبراير 1942 وحتى 26 مايو من نفس العام، وقد تعرض للهجوم لأن الإنجليز فرضوها على الملك «فاروق».. فقد كانوا يريدون حكومة يرضى عنها الشعب خوفًا من القلاقل الداخلية أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكن «النحاس» قال فى خطاب الحكومة موجهًا حديثه للملك: «لقد ألححتم عليّ المرة تلو المرة ثم ألححتم عليّ المرة تلو المرة كى أقبل هذه الوزارة وقد قبلتها» لينفى الرجل بذكاء شديد الاتهام الذى وجهه خصوم الوفد للنحاس بالتواطؤ من أجل الحصول على منصب رئيس الوزراء!!

ورغم كل هذه الوزارات وكل هذا السلطان كان يعود الرجل بعد أشهر قليلة من الحكم إلى صفوف الجماهير، مناضلًا ومكافحًا من أجل الحرية والديمقراطية.. لم يفسد ولم يتربح.. حتى إن خصومه حاكموه فى البرلمان وأصدروا ضده كتابًا أسودا واتهموه بالفساد لأن زوجته السيدة زينب الوكيل لم تدفع رسومًا جمركية مقررة على بالطو «فرير» حضرت به من الخارج وكانت ترتديه.. فاعتبره خصومه فسادًا!

هكذا كان «النحاس» حتى وهو رئيس للوزراء.. يواجه الدسائس والمؤامرات من أعدائه أعداء الأمة.