البابا فرنسيس.. رجل الشجاعة والانفتاح الذي وحّد وأثار الجدل

في الأيام القليلة التي تفصلنا عن وفاة البابا فرنسيس، يبرز إرثه الإنساني والديني كعلامة فارقة في تاريخ الكنيسة والعالم، برسالة تأمل وتحليل، عبّر البروفيسور فؤاد عودة، رئيس الرابطة الطبية الأوروبية وجالية العالم العربي بايطاليا، ومدير (Isc News)، عن تقديره العميق لشخصية البابا الراحل الذي تمكن عبر التزامه الصادق من توحيد العالم العربي والإسلامي، حتى مع إثارة الانقسامات داخل العالم المسيحي.
قائد تحطيم الجدران وبناء الجسور
وصف البروفيسور عودة البابا فرنسيس بأنه "رجل شجاع ومؤمن"، استطاع من خلال التزامه وكفاحه تحطيم الجدران التي بدت عصية على التغيير. فبفضل انفتاحه العميق، أعاد رسم خريطة الحوار بين الأديان، مضيفاً بُعداً ملموساً إلى التفاهم بين المسلمين والمسيحيين، ومدافعًا عن الأطفال، والأسر الفلسطينية، والمهاجرين، واللاجئين، وكل الفئات الأكثر ضعفاً.
وتابع، كان التزامه بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية واضحًا منذ بداية حبرية، حيث لم يتوانَ عن مواجهة التفاوتات والظلم الاجتماعي، ورفض التنازلات مهما كانت الضغوط.
انقسامات داخل العالم المسيحي
رغم إشادة الكثيرين بمبادراته، لم تخلُ فترة بابويته من الجدل. فقد واجه البابا فرنسيس معارضة من داخل الكنيسة الكاثوليكية، خاصة بسبب رؤيته الإصلاحية وانفتاحه الجريء على العالم الإسلامي، اعتبره بعض رجال الدين مبتكرًا إلى حد المساس بالتقاليد المسيحية الراسخة، مما أدى إلى انقسامات واضحة بين صفوف المؤمنين.
مبادراته حول حقوق المرأة، وإدانته للفساد داخل الكنيسة، ودعمه للعلمانيين وغير المؤمنين، كانت من بين العوامل التي أثارت الانتقادات، لكنها شكلت في الوقت ذاته مصدر أمل للتجديد والانفتاح.
إرث رائد في الحوار بين الأديان
فيما اعتبره البروفيسور عودة "حقبة ذهبية للحوار بين الأديان"، استطاع البابا أن يتجاوز الرمزية الفارغة لصور اللقاءات الدينية، عبر مبادرات عملية من أبرزها "المسلمون في الكنيسة" و"المسيحيون في المسجد" عام 2016، وهي فعاليات أسهمت في تعزيز التفاهم المتبادل، ودعم التعايش السلمي، ومكافحة العنصرية والتطرف الديني.
أشاد عودة بموقف البابا الذي تمثّل ليس فقط في الكلمات بل في الأفعال اليومية التي أحدثت فرقاً حقيقياً في حياة الشعوب، ما جعل من فترة حبريته علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين الأديان.
مستقبل الكنيسة بعد فرنسيس
أعرب البروفيسور عودة، عن قلقه حيال مستقبل الكنيسة بعد البابا فرنسيس، لكنه أبدى أمله في أن يحافظ من يخلفه على مسار الانفتاح والشمولية الذي رسمه، فالإرث الذي خلفه فرنسيس من خلال كفاحه من أجل الفقراء والمهمشين، ومن خلال دعوته للسياسة كي تكون أكثر قربًا من معاناة الناس، سيبقى علامة فارقة في تاريخ الكنيسة والمجتمع الإنساني.
وداع رجل استثنائي
وفي ختام رسالته، وجّه البروفيسور فؤاد عودة كلمة شكر وامتنان إلى البابا فرنسيس باسم جميع الجمعيات والحركات التي تؤمن بمبادئه، مؤكدًا أن إرثه سيبقى حيًا في قلوب الملايين حول العالم، قائلا: "شكراً لك، عزيزي البابا فرنسيس، على كل ما قدمته. ستظل بصمتك محفورة في ضمير الإنسانية، وداعاً أيها البابا الإنسان... واحد منا".