الحق لا يُعرف بالأنساب.. حديث شريف يكشف زيف بعض الدعاة

حذَّر الدكتور مختار مرزوق، أستاذ التفسير وعلوم القرآن، من خطورة ما يروِّجه بعض الدعاة من أفكار مغلوطة، تتضمن أن شرف النسب وحده يكفي للنجاة والفوز بالجنة دون الحاجة إلى العمل الصالح والاجتهاد في الطاعة، واعتبر أن هذا الفِكر يمثل جُرأة على شريعة الله وإفتاء بغير علم، يُضل الناس ويُهدم مقاصد الدين.
النسب لا يغني عن العمل
وأكد الدكتور مرزوق أن "من أعظم الشبه التي يزرعها بعض الجهلة من الدعاة هي زعمهم أن النسب يغني عن العمل، وأن مجرد الانتساب إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى عائلة شريفة هو ضمان لدخول الجنة، وهذا يخالف صريح القرآن والسنة".
واستشهد بقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح:«من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه»
رواه مسلم (حديث رقم 2699)، ويعني الحديث، كما جاء في شرح الإمام النووي، أن من كان عمله ضعيفًا لا يُبلغه درجات الصالحين، فلن يُلحِقه بها شرف نسبه، بل لا بد من الاجتهاد والعمل.
الفهم السقيم يُنتج جيلاً من المتواكلين
وأوضح مرزوق أن "هذا الفهم السقيم يُنتج جيلاً من المتواكلين، الذين يظنون أن مجرد الشرف العائلي يعفيهم من التكاليف الشرعية، ويجعلهم بمنأى عن الحساب والجزاء، مما يؤدي بهم إلى التهاون في المحرمات وترك الفرائض، وقد يخرج بعضهم يوم القيامة مفلسًا".
من هو المفلس ؟
وفي هذا السياق، أشار الدكتور مرزوق إلى حديث النبي ﷺ عن حقيقة المفلس، حيث قال:«أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار»
رواه مسلم (حديث رقم 2581).
وأضاف: "هذا الحديث يوضح أن المفلس الحقيقي ليس من افتقر في الدنيا، بل من أفسد عمله بالظلم والعدوان على الناس، فلم يشفع له صومه ولا صلاته ولا نسبه، لأنه ضيّع جوهر الدين".
واختتم الدكتور مرزوق حديثه بدعوة الدعاة إلى الالتزام بالعلم والورع، وتحذير عامة الناس من الاستماع لمن يفتون بغير علم، مشددًا على أن "النجاة يوم القيامة مرهونة بالإيمان والعمل الصالح، وليس بشرف الآباء والأجداد".