ازاي تقدر تغير من نفسك للأحسن؟.. علي جمعة يوضح الطريق

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الإنسان بطبيعته كائن معقد، تتشابك داخله الطباع، وتتنازعه التغيرات النفسية والمزاجية، مما يجعله دائم التقلّب والتغيّر، وهو ما عبّر عنه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وأوضح جمعة، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن تسمية الإنسان جاءت من نسيانه، والقلب من تقلبه، مستشهدًا بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلِّبها كيف يشاء"، ليُبرز مدى هشاشة النفس البشرية وقابليتها للتحول والتبدّل، سواء إلى الخير أو الشر.
وأشار إلى أن هذه الطبيعة البشرية تعني أن الإنسان مسؤول عن التغيير الإيجابي في ذاته، وهو قادر على السعي نحو الأفضل كما أنه – للأسف – قادر أيضًا على الانحدار نحو الأسوأ، مستشهدًا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، مشددًا على أن التغيير لا يبدأ من الخارج، وإنما من داخل النفس الإنسانية.
وبيّن الدكتور علي جمعة أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع منهجًا واضحًا للتغيير يبدأ من الذات، بقوله: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول"، في دعوة مباشرة للإنسان ألا ينتظر تغيّر المجتمع أو الناس من حوله، بل أن يأخذ زمام المبادرة ويبدأ بنفسه أولاً.
العبادات.. تجديد يومي للمسار
وفسر جمعة كيفية بدء الإنسان بتغيير نفسه، قائلاً إن البداية تكون بالرجوع إلى العبادات، فهي ليست طقوسًا مفرغة أو روتينًا، بل أدوات إصلاح وصيانة يومية للروح والنفس، ووسيلة فعالة لإعادة التوازن، مضيفًا أن الله تعالى شرع الصلوات الخمس لهذا الغرض تحديدًا، لتكون محطات لتصحيح المسار ومراجعة الذات.
وقال: "فرضت علينا خمس صلوات في اليوم والليلة لنُذكِّر أنفسنا، ونصحّح بها مسيرتنا في الحياة، وهي بمثابة نقاط انطلاق دائمة للرجوع إلى الطريق القويم".
كما أشار إلى أن الله جعل لنا يوم الجمعة كاجتماع أسبوعي للتزود الروحي، بالإضافة إلى شهر رمضان، الذي يمثل دورة سنوية كاملة للتطهير والتجديد. واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ"، مؤكداً أن هذه العبادات تمثل فرصًا حقيقية لبداية جديدة، مرة تلو الأخرى.
تجديد الإيمان.. استمرار لا انقطاع
وختم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أهمية تجديد الإيمان باستمرار، موضحًا أن هذا التجديد لا يعني هدم ما سبق، وإنما هو استمرارية وتأكيد وترسيخ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جددوا إيمانكم"، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} [النساء: 136]، في إشارة إلى أن الإيمان ليس لحظة واحدة في العمر، بل هو مسيرة متجددة تحتاج إلى يقظة ومجاهدة دائمة.