رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

هل نفكر بشكل صحيح؟.. علي جمعة يحذر من عقلية الخرافة

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن التفكير من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، وأن شكر هذه النعمة يكون بالحديث عنها والعمل بمقتضاها، مشيرًا إلى أن الله تعالى قال في كتابه الكريم: (وأما بنعمة ربك فحدث)، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» [رواه أحمد والترمذي].

وأضاف الدكتور علي جمعة، عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك، أن التفكير يمثل "صدقة" من الله عز وجل، استشهد فيها بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بشأن قصر الصلاة: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» [رواه أحمد ومسلم وأبو داود]، وهو ما يمكن اعتباره قاعدة شرعية وفكرية مستمرة.

التفكر أساس الالتزام

التفكر
التفكر

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن التفكير مطلوب في كل جوانب الحياة، وقد جاء في القرآن الكريم ربط واضح بين الالتزام بأوامر الدين ونواهيه، وبين التفكر والتدبر، وذلك في قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ولعلهم يتفكرون)، مما يدل على أن التفكر هو الأساس في فهم العقيدة والشريعة والأخلاق.

وبيّن أن التفكير في حقيقته هو ترتيب أمور معلومة من أجل التوصل إلى أمور مجهولة، وهذه الأمور المعلومة تأخذ شكل جُمل مفيدة، يُبنى عليها الاستدلال العقلي، فإذا كانت الجمل تُخبر عن واقع، فإن التفكير المنهجي يستوجب التأكد من صحة هذه الأخبار، وإلا وقع الإنسان في الخرافة، وفقد الاتساق الفكري.

التمييز بين المجالات.. مفتاح الفهم السليم

التفكير الصحيح
التفكير الصحيح

وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن كل جملة مفيدة تنتمي إلى مجال محدد، ولكل مجال طرق إثبات مختلفة، وأدلة تبرهن على صدقها، ومعايير خاصة للقبول أو الرد، فمنها ما يُثبت بالحس والتجريب، مثل جملة "النار محرقة"، ومنها ما يُثبت بالعقل، كحقائق الرياضيات، ومنها ما يُثبت بالنقل، كأحكام الشريعة واللغة.

وشدد على أهمية إدراك هذا التمييز، موضحًا أن إدراك الفروق بين الحس والعقل والنقل هو ما يضبط التفكير السليم، ويُجنب الإنسان الخلط والانحراف، كما أن العلم، في المفهوم العربي الأصيل، لا يقتصر على المعنى التجريبي الغربي المعروف بـ "Science"، بل يشمل المعرفة القطعية والظنية، ويميز بينهما بدقة.

مظاهر التفكير المعوج

التفكير المعوج
التفكير المعوج

وحذر فضيلته من مظاهر التفكير المنحرف، التي تبدأ حين يُطلب دليل نقلي لمسألة عقلية، أو يُطلب برهان حسي لمسألة نقلية، أو تُعامل مسألة حسية وكأنها عقلية، مشيرًا إلى أن هذا الخلط يؤدي إلى الغُثائية والعشوائية، ويصنع عقلية خرافية، ويُرسّخ منهج الكذب بمعناه الشامل، وهو مخالفة الواقع أو الخطأ في الفهم.

واستدل على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة عندما قال: «كذب سعد» ردًا على مقولة سعد بن عبادة: "اليوم يوم الملحمة"، فقال النبي: «بل اليوم يوم المرحمة»، مشيرًا إلى أن الكذب هنا كان بمعنى الخطأ، وليس الكذب الأخلاقي المعروف، وقد قام النبي بعزله من القيادة وتعيين ابنه قيس بدلاً منه.

التفكير المعوج.. عائق أمام التنمية والإصلاح

 

واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن التفكير المعوج هو العائق الأكبر أمام التنمية البشرية، والإبداع، والتقدم، والإصلاح، وتحقيق القوة، وأنه إذا شاع بين الناس أدى إلى شيوع الأوهام والغوغائية والعشوائية، وفشل كل المحاولات الإصلاحية الجادة، وهو ما يتطلب التأسيس لثقافة التفكير المستقيم والواعي.