رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

من فقه الإمام البخارى الذى لا نظير له أنه صدر كتابه صحيح البخارى بحديث النبى ﷺ (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) 
وهذا الحديث يعد ربع الإسلام. فقد تكون نية المرء خير من عمله لما فى النية من أهمية بالغة، كما صح فى الحديث (إنما ترزقون وتنصرون وتؤجرون بنياتكم) وفى رواية على نياتكم ترزقون، ومن وصايا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لولده (يا بنى انو الخير فإنك على خير ما نويت الخير).
ومما يدل على خطورة النية ما يحكى من قصة رجل مات فى مسجد فدخل النار ورجل آخر مات فى ملهى من الملاهى الليلية فدخل الجنة، أما عن قصة الأول فهو دخل لسرقة المصلين فمات على معصية فدخل النار مع الداخلين وأن كان فى ظاهر الأمر أنه وجد مع المصلين، وأما الآخر فدخل الملهى ليعظ الناس فمات على طاعة فدخل الجنة ويصدق فى هذا وذلك حديث أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله ﷺ: يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأولهم، وآخرهم، قالت: قلت يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم) متفق عليه، وهذا لفظ البخارى.
ومما يدل على خطورة النية أنها تحول العادة إلى عبادة، وباستطاعة المسلم منا أن يجعل حياته كلها لله، نومه لله كما قال معاذ بن جبل  إنى لأحتسب نومى كما أحتسب قيامي). 
ويحتسب طعامه وشرابه لله، كما يحتسب عمله وسعيه على أولاده لله، فقد أخرج المنذرى فى الترغيب والترهيب (أنه مر على النبى  رجل فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا يا رسول الله ! لو كان هذا فى سبيل الله، فقال رسول الله :
إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو فى سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو فى سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو فى سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو فى سبيل الشيطان).
فتأمل كيف جعل النبى عليه الصلاة والسلام، السعى على الأولاد وهم صغار فى سبيل الله وصاحبه مأجور عليه، والسعى على الأبوين الكبيرين فى سبيل الله ومما يتقرب به إلى الله، والسعى على النفس ليعفها فى سبيل الله، وانظر كيف صحح المفهوم لدى صحابته رضى الله عنهم أن سبيل الله ليس محصورا فى الخروج للقتال فقط، بل هو واسع وشامل بسعة هذا الدين العظيم وشموليته بشرط صلاح النية.
وفى هذا المعنى يقول الشيخ الغزالى رحمه الله كلاما يكتب بأحرف من نور على نحور الحور (إن القطرات التى تنزل من جبين العامل فى معمله أحب إلى الله من القطرات التى تنزل من عين العابد فى محرابه).
وأيا كان هذا العامل الذى أشار إليه الغزالى رحمه الله سواءً أكان طبيبا فى المستشفى يمتثل قول الله تعالى:
﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً﴾.
أو ضابطاً أو شرطياً يحمى ثغور الوطن، يسهر لينام الناس ويخاطر بنفسه ليأمن الناس، أو عاملاً للنظافة قام بدوره فى بناء هذا الوطن، أومدرسا قام بدوره فى تعليم أبناء هذا الوطن، ومما يدل على خطورة النية أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة: قارئ القرآن المرائى، والمتصدق المرائى، والمجاهد الذى قتل وراءى بجهاده.
فكم من قتيل فى سبيل الله لاحظ له فى الجنه ؟!
ومن أروع ما ورد فى بيان خطورة النية حديث،قاتل المائة فقد نوى التوبة ولم يعمل حسنة قط فدخل الجنة.
ومما يدل على أن سوء النية سبب الآفات والهلكات والبليات والنكبات، قصة أصحاب جنة الموصل فى سورة القلم، فقد بيتوا النية لقطع المعونة عن المساكين بالليل فأحرق الله حديقتهم مع شروق الشمس.
فتأمل كيف أن سوء النية أحرق الأخضر وجعل الجنة الخضراء صحراء قاحلة سوداء كالليل البهيم، وقد رصدت عدسة القرآن وصورت هذه اللقطة بكل دقه قال تعالى (فأصبت كالصريم) أى الليل الأسود المظلم.
فأصلح نيتك يصلح الله لك حياتك ولا تكن قاضيا على الناس بل كن داعيا، ولا تنقب فى قلوب الخلق ودع الخلق للخالق فإلى الله إيابهم وعلى الله حسابهم، 
فكم من عالم مشهور فى الأرض مطمور فى السماء؟! وكم من متعالم على شاشات الفضاء مطمور فى السماء !؟. كم من بلاء حل بدارنا ونزل بساحتنا بسبب النية؟! .
إذا صفت النوايا نزلت العطايا من رب البرايا ومصداق ذلك فى قول ربى جلت قدرته ﴿إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا.......﴾.