لازم أتكلم
ما من صديق أو جار أو أحد من الأهل والأحباب ذهب إلى الأراضى المقدسة لأداء العمرة إلا وعاد سعيدا محبورا، شاكرا حامدا، مشيدا بما تقدمه المملكة العربية السعودية من خدمات جليلة للمعتمرين والزائرين للحرمين الشريفين فى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ومع أننى وغيرى ممن أكرمهم الله بالعيش سنوات فى السعودية وأدوا العمرة والحج عدة مرات، نشهد بأن ما يقدم لضيوف الرحمن يفوق الوصف، ويصعب على أى دولة أخرى أن تنظم وترعى هذه الرحلة الروحانية الإيمانية والمفضلة فى شهر رمضان بهذا الجمال.
ومع أننى أعلم أن من يقومون بهذا الجهد لا ينتظرون مدحا ولا إشادة، ولا يبغون إلا وجه الله، إلا أننى ونزولاً إلى رغبة الذين انبهروا بما رأوه فى الحرمين وطلبوا أن أكتب عمن يجندهم الله لخدمة ضيوفه، قلت لازم أتكلم عن تلك الجهود التى تبذل لتمكينهم من أداء الشعيرة بسهولة ويسر.
ولمَ لا وقد تابعنا جميعا الأداء المتميز لخلية العمل المخلصة التى اختصها المولى عز وجل بخدمة وسقاية المعتمرين ورعايتهم صحيا، وأمنيا وسط جمع غفير(ملايين المسلمين) احتشدوا فى مكان واحد محدد، يتسابقون للفوز بالغفران والعتق من النار.
جاءوا من مختلف بقاع العالم، تحرسهم العناية الإلهية، والمتابعة الدقيقة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولى عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، منذ هبوطهم إلى المطارات والمنافذ البرية والبحرية، وحتى العودة إلى أوطانهم وديارهم سالمين غانمين.
قالوا لى، شهدنا طفرة غير مسبوقة، كل الحشود تدار رقميا بالذكاء الاصطناعى، داخل منظومة متكاملة، وتكنولوجيا عالمية متقدمة ولكن ببصمة سعودية إسلامية، محسوبة بدقة متناهية حتى عمليات النظافة، بدءا من الحصول على التأشيرة من منصة «نسك» ثم مبادرة «طريق مكة» التى ترشد المعتمرين فى المطار إلى طرق الأماكن المقدسة وحتى العودة.
داخل الحرم، تجد العديد من اللوحات والشاشات الإلكترونية، تحدد مسارات الطواف وترشدك إلى أقلها زحاما، توجهك إلى الأماكن المخصصة للصلاة، إضافة إلى تطبيقات مختلفة تمكنك من معرفة موقعك، وإرساله الكترونيا لأى شخص حتى ولو كان خارج الحرم، ما يسهل الحركة ويجعلك تطمئن على من ترافقهم.
ولم يعد الحصول على ماء زمزم أمرا ِصعبا، فقد حل الروبوت (الرجل الآلى) محل من كان يحمل الجركن الضخم لتوزيع المياه يدويا، وأصبح من المألوف أن تشاهد هذا الرجل التكنولوجى أمامك فى الداخل، وفى التوسعات التى استوعبت آلاف المعتمرين وزوار العشر الأواخر. أما إذا تعرضت لوعكة صحية طارئة، ستجد المسعفين يتسابقون لإنقاذك ونقلك فى دقائق معدودة إلى أقرب مستشفى إذا ما تطلبت الحالة ذلك، فالفرق الطبية جاهزة دائما وتعمل على مدار الساعة.
وإذا ما أردت التنقل من حى إلى آخر، ستجد تطبيقات إلكترونية مختلفة تساعدك على الوصول لمقصدك فى أسرع وقت ومن أسهل طريق، ناهيك عن قطار الحرمين السريع الذى اختزل الرحلة إلى المسجد النبوى الشريف إلى أقل من ساعتين.
مهما تحدثت عن الجهود، لن أستطيع حصرها، ولكن ضخامة الأرقام تكفى لتبيان عظمتها، فقد توافد على الحرم المكى نحو 25 مليون مُصلٍّ ومعتمر خلال العشرة الأولى من رمضان المنصرم، تضاعفوا فى العشر الأواخر، واستخدم منصة «نسك» أكثر من 30 مليون شخص، استفادوا من 121 خدمة إلكترونية... هنيئاً للمعتمرين ولمن سخرهم الله لخدمتهم وعسى أن يكتبها الله لكل من يشتاق إليها طوافاً وسعيًا وغفراناً.
[email protected]