حكم إخراج زكاة الفطر من اللحوم.. الإفتاء ترد

مع اقتراب عيد الفطر المبارك، تتجدد الأسئلة حول كيفية إخراج زكاة الفطر، ذلك الركن التكافلي الذي شرعه الإسلام لسد حاجة الفقراء وإدخال السرور إلى قلوبهم.
وبينما كان الإخراج يتم في السابق غالبًا على هيئة حبوب أو تمر، فإن التطورات الاقتصادية والمجتمعية أثارت جدلًا واسعًا حول إمكان إخراج الزكاة على هيئة نقود أو حتى لحوم، ولهذا جاء رد دار الإفتاء المصرية في فتواها التي تجيز إخراج زكاة الفطر لحمًا في حال كان ذلك أنفع للفقراء وأكثر انسجامًا مع متطلبات العصر.
حكمة زكاة الفطر: عبادة وتكافل:
زكاة الفطر ليست مجرد واجب مالي يؤديه المسلم في نهاية شهر رمضان، بل هي صورة من صور الرحمة الاجتماعية التي تميز الشريعة الإسلامية.
فهي تطهير للصائم مما قد يكون شاب صيامه من لغو أو رفث، وفي الوقت ذاته، هي وسيلة لسد حاجة الفقراء والمساكين في يوم العيد، ليشاركوا في فرحته دون إحساس بالحرمان.
ولذا، فإن الأساس في إخراجها هو تحقيق هذا الهدف السامي، سواء تم ذلك عبر إخراجها حبوبًا أو تمرًا، أو مالًا أو لحمًا، ما دام ذلك يحقق الغرض الأساسي وهو إغناء الفقراء عن السؤال يوم العيد.
إخراج زكاة الفطر من اللحوم: بين الفقه والواقع:
أكدت دار الإفتاء المصرية أن إخراج زكاة الفطر لحمًا جائز شرعًا، إذا كان اللحم من أغلب قوت أهل البلد، وكان في ذلك نفعٌ أكبر للفقراء.
فكما جاز إخراج الزكاة على هيئة أرز أو قمح في بعض الدول، يجوز إخراجها لحمًا إذا كان هذا هو الطعام الأكثر فائدة وشيوعًا بين المحتاجين.
ومع ذلك، أشارت الدار إلى أن إخراج الزكاة مالًا يظل الأوفق والأرفق بمصالح الناس، حيث يتيح للفقراء حرية الاختيار في شراء ما يحتاجونه، سواء كان ذلك طعامًا، أو ملابس، أو غيرها من الضروريات.
مذاهب الفقهاء في إخراج الزكاة عينًا أو نقدًا:
عبر العصور، اختلفت آراء الفقهاء في كيفية إخراج زكاة الفطر.
فرأى جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أن الأصل هو إخراجها طعامًا، استنادًا إلى الأحاديث الواردة عن النبي ﷺ التي تحددها بـ "صاعٍ من تمر أو شعير".
بينما ذهب الإمام أبو حنيفة ومن وافقه إلى جواز إخراجها نقدًا، مستدلين بأن المقصد من الزكاة هو سد حاجة الفقير، وإعطاؤه المال يمكن أن يحقق هذا الهدف بصورة أكثر نفعًا في بعض الأحيان.
واقع الفقراء اليوم: أيهما أفضل؟
في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، يجد كثير من الفقراء أنفسهم بحاجة إلى المال أكثر من احتياجهم إلى نوع معين من الطعام. فهناك من يحتاج إلى دفع الإيجار، أو شراء الدواء، أو توفير مستلزمات المدارس لأبنائه.
وهنا يأتي دور المرونة الفقهية في الأخذ بالأيسر للفقراء، وهو ما جعل دار الإفتاء تميل إلى جواز إخراجها نقدًا مع تأكيدها على جواز إخراجها لحمًا إذا كان ذلك يحقق فائدة أكبر.