لازم أتكلم
كما توقعت، نقض الصهاينة اليهود عهدهم، وخرقوا اتفاق غزة، وأعلنوا عدم التزامهم بتنفيذ بنود وقف إطلاق النار الذى دخل حيذ التنفيذ 19 يناير الماضى، فقد استلموا أكبر عدد من الرهائن، وعادوا يسفكون دماء الأطفال قبل الشيوخ المرضى والنساء العاجزات، ويشقون طريق الموت لكل من يقف فى وجوههم، ويقول لا لتدمير غزة وتهجير أهلها، وتجويع شعبها، وتصفية قياداتها، وذبح أبنائها، وهدم البيوت بالصواريخ والقنابل وكل أسلحة الدمار.
«لم يمر هذا المشهد مرور الكرام» قالها بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، وهو غير مصدق ما يشاهده من هذا العدد الكبير من قادة وجنود حركة حماس وفصائل المقاومة، مدججين بالسلاح، ويرتدون أجمل وأغلى الثياب العسكرية، ويحتفلون بتسليم الرهائن واستلام الأسرى الفلسطينيين، كأنهم فى حالة انتصار، لم يستطيعوا معها إخفاء نشوة إذلال نتنياهو وإجباره على التفاوض وقبول وقف إطلاق النار، للخلاص من ضغوط أهالى الرهائن ووزراء حكومته المتطرفين.
هذا المشهد بكل ما يحمله من حماقة عسكرية، منح «نتنياهو» وصديقه «ترامب» كارت استئناف رحلة الموت المرسومة سلفا للفلسطينيين بشكل عام و«الحمساوية» بشكل خاص، لتفريغ غزة وجعلها النواة الأولى لصناعة شرق أوسط جديد تسيطر عليه أمريكا وإسرائيل ولا أحد غيرهما، وكما قال المجنون «إسرائيل ستسلمنا غزة خالية تماما من كل حمساوى وسنكمل نحن ونجعلها ريفيرا للسلام».
وفى أول تنفيذ فعلى لاستئناف الرحلة، نجحت إسرائيل فى اغتيال عصام الدعاليس رئيس وزراء حكومة حماس ومحمود أبووطفة المسئول الأمنى الكبير بالحركة فى أعنف غارة جوية شهدها القطاع، أسفرت أيضا عن سقوط نحو 420 شهيدا ومئات الجرحى والمصابين.
ويزعم نتنياهو أن السبب تعنت حماس ورفضها مقترحين لتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار قدمهما «ويتكوف» مبعوث ترامب، أما السبب الحقيقى فهو مواصلة رحلة الموت وفتح أبواب الجحيم لأهل غزة خلف عباءة حماس، والضغط على قادتها، وفى الوقت نفسه إرضاء اليمين المتشدد الذى يريد عودة مستوطنات أخلتها إسرائيل عام 2005 ويعارض وقف إطلاق النار ويعتبره استسلاما لحماس.
إضافة إلى تحقيق الهدف الأول وهو بقاء نتنياهو فى الحكم بالحفاظ على ائتلافه من الانهيار وتنفيذ مطلب المتشددين باستئناف الحرب والقضاء على آخر جندى فى حماس، كما كان يريد الوزير المستقيل بن غفير رئيس حزب القوة اليهودية، والوزير الحالى سموتريتش الذى قرر مع رئيس الأركان الجديد «زامير» تنفيذ مخطط التهجير المرفوض فلسطينيا ومصريا وعربيا ودوليا.
وأعتقد أن إسرائيل ستواصل التصعيد، وقد تعودة ثانية للمناطق التى انسحبت منها حتى لو وافقت حماس على شروط تل ابيب لإطلاق سراح (59 رهينة) وليس الجندى الأمريكى الإسرائيلى عيدان اليكسندر فقط، ولن تتردد فى القيام بغزو برى جديد، يشعل المنطقة ويطيح بكل الجهود المبذولة لإعادة فتح المعابر وإدخال المساعدات ولغلق أبواب الجحيم التى يريدها ترامب مشرعة دائما لتنفيذ مخططه الاستثمارى الكبير فوق جثث شهداء فلسطين.
وبغض النظر عن كل هذه التهديدات، تبقى الحقيقة واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء وهى كما قال «أبوحنان»: إسرائيل ليست وحدها بل معها امريكا، سأرسل لها كل ما تحتاجه، ولن يكون هناك أى عنصر من حماس.
ويبدو أن الفلسطينيين والعرب سينتظرون كثيرا على أرصفة الابتزاز والاستغلال والاستخفاف والاستهزاء، حتى يأتى الفرج ويقتنع الطاغوت وزبانيته بأن هناك بشر تم اغتصاب وطنهم وحرموا من حق الحياة.