«أخلاقنا.. نور طريقنا فى رمضان»
الأخلاق فى التعامل مع الله: الصبر على البلاء

شهر رمضان المبارك هو شهر الصبر والتقوى، وهو فرصة عظيمة لتعزيز أخلاقنا فى التعامل مع الله، ومن أهم هذه الأخلاق الصبر على البلاء. فالحياة مليئة بالتحديات والصعاب، وقد يبتلينا الله تعالى بأمور نكرهها، ولكن الصبر على هذه الابتلاءات هو مفتاح الفرج والنجاة.
وفضل الصبر على البلاء فى الإسلام كبير، وحث الإسلام عليه، وجعل له فضلاً عظيماً، فالصبر هو صفة من صفات الأنبياء والصالحين، وهو دليل على قوة الإيمان واليقين بالله تعالى، وقد وردت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تتحدث عن فضل الصبر، قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}1 [البقرة: 155-157]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146].
ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيْرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمِنِ إِنْ أصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكان خَيْراً لهُ وإنْ أصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فكان خَيْراً لهُ» [رواه مسلم]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يصيبُ المسلِمَ، من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتى الشَّوْكَةِ يُشاكُها، إلا كفَّرَ اللهُ بها من خَطاياهُ» [رواه البخارى ومسلم]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم، فمَن رَضي فله الرِّضا، ومَن سخِط فله السَّخطُ» [رواه الترمذي وابن ماجه].
ولتطبيق الصبر على البلاء فى حياتنا اليومية، يبدأ بالتوكل على الله، بأن نثق بأن الله تعالى هو المدبر لأمورنا، وأن كل ما يحدث لنا هو لحكمة لا نعلمها، والرضا بقضاء الله، بأن نرضى بما قسمه الله لنا، وأن نعلم أن الخير يكمن فيما اختاره لنا.
والدعاء، بأن ندعو الله تعالى أن يرزقنا الصبر والقوة على تحمل البلاء، والاستعانة بالصلاة، فهى صلة بين العبد وربه، وهى مصدر للقوة والراحة، ثم التفكر فى نعم الله، بأن نتذكر نعم الله علينا، وأن نشكره عليها، فذلك يخفف عنا وطأة البلاء، والعمل على الاقتداء بالصابرين، فيجب أن نقتدى بالأنبياء والصالحين الذين صبروا على البلاء، وأن نتعلم من قصصهم كيف نواجه صعاب الحياة.
ورمضان شهر الصبر والاحتساب، شهر تتجلى فيه أسمى معاني الإيمان واليقين بالله، وإن من أعظم الأخلاق التى يتحلى بها المؤمن فى تعامله مع ربه هو الصبر على البلاء، فالصبر ليس مجرد تحمل للألم، بل هو فنٌّ رفيعٌ يظهر قوة الإيمان وحسن الظن بالله، فى هذا الشهر الفضيل، نستلهم من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كيف يكون الصبر زادًا للمؤمن في مواجهة تحديات الحياة، وكيف يحول البلاء إلى منحة ربانية تقربه إلى الله وتزيده رفعةً فى الدنيا والآخرة
وشهر رمضان فرصة مميزة لتعزيز الصبر، بداية من الصبر على الجوع والعطش، فالصيام يعلمنا الصبر على الشهوات، ويذكرنا بمعاناة الفقراء والمحتاجين، وكذلك الصبر على الطاعات، فشهر رمضان يشجع على زيادة العبادات، والصبر على أدائها، مثل قيام الليل وقراءة القرآن، والصبر على الأخلاق الحسنة، فيجب أن نتحلى بالصبر في التعامل مع الآخرين، خاصة في ظل الصيام، وأن نتجنب الغضب والجدال.
الصبر على البلاء هو خلق عظيم يقربنا إلى الله تعالى، ويجعلنا أكثر قوة وصلابة في مواجهة تحديات الحياة. فلنجعل شهر رمضان فرصة لتعزيز هذا الخلق، ولنتذكر دائماً أن «بعد العسر يسرا».
وختاماً.. لا بد أن ندرك أن الصبر هو جوهر الإيمان، وهو السلاح الذي نواجه به تحديات الحياة، فلنجعل من شهر رمضان المبارك فرصة لتعزيز هذه القيمة فى نفوسنا، ولنتعلم كيف نحول البلاء إلى نور يقودنا إلى رضا الله وجنته.
اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين، وتقبل منا صيامنا وقيامنا، واجعلنا من عتقائك من النار.