رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

دوحة‭ ‬المقاصد

الصوم من أركان الإسلام الكبرى، ومقاصدُه من مقاصدِ الإسلام العليا، تَجَلَّتْ فيه العديدُ من حِكم التشريع، وبرزت فيه كلياتُ الشريعة ومقاصدها الرفيعة، فالصوم يحفظ الكليات الكبرى فى جانبها الإيجابى، حيث يحفظ الدين بالمراقبة والعبادة بكل أنواعها صومًا وصلاة وزكاة واعتمارا، ويحفظ الفروجَ والأعراضَ؛ لأنه يكفُّ الناسَ عن الفعل والقول، بل والنظرة الحرام، ويُهذب شهوةَ الإنسان فيفرض عليه الامتناع عن الحلال فى نهار رمضان؛ ليكون مداعاة للامتناع عن الحرام فى كل زمان ومكان، ويحفظ النفس من أى اعتداء مهما كان صغيرا، وشعار الجميع عند النزاع: ∩إنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ∪ فتحفظ بهذه الكلمة كل مقاصد الشريعة، وعلى الخصوص حفظ النفس، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ −  −: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ..∪ ∩مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ∪، وإذا أردنا بالإضافة لما سبق أن نجمل مقاصد الصيام فإنها تتجلى فيما يأتي:
1− مقصد التعبد: فالصوم ركن من أركان الإسلام، وهو عبادة خاصة فى فقهها وثمارها، بل وجزائها، فكما ورد فى الحديث القدسي: ∩كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لى وأنا أجْزِى به∪ ∩رواه البخارى∪، وهذا التفرد للصيام لأنه لم يدعِ أحدٌ الألوهيةَ من البشر وطلب من أتباعهِ أن يتعبدوا له بالصيام؛ لصعوبة تنفيذِهِ، وعلى النقيض يخلو المسلم بنفسهِ فى شدةِ الحر وأمامه الماء البارد والطعام الشهى فيمتنع تعبدا؛ لذلك كان الصوم لله وحده، والجزاء أيضا له وحده.
2− مقصد التقوى: فالعبادات غير مُعلله عند غالبية أهل العلم، لكن الله تعالى علل الحكمة من الصيام بالتقوى، فقال: ∩يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون∪ ∩البقرة:183∪، والتقوى هى جماع كل خير، ومفتاح كل سعادة، وباب كل هداية، وفرج كل كرب ويسر كل ضيق وهى السبيل للجنة، لذلك جعلها الله تعالى المقصدَ الأعظم للصيام محبة فينا؛ لأن أهلها هم أهل الفوز بالجنة مصدقًا لقوله تعالى: ∩إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا∪ ∩النبأ:31∪.
3− مقصد التسامح: فالصائم يدفع الإساءة بالإحسان، ويصبر على من أذاه، فالصوم إمساك عن كل قبيح، وتحلى بكل صحيح، فالرسول أُعلم وقتَ ليلةِ القدر فخرج لإعلام المسلمين بها ويُعيِّنُها لهم، فوجَد رجُلينِ يَتخاصَمانِ ويَتنازَعانِ، فرفعها الله تعالى، ولو تحلى الرجلان بالتسامح وذكر كلٌ منهما الآخر أنه صائم ما حرمنا جميعا هذا الفضل.
5− مقصد التراحم والتكافل والمواساة، بين المسلمين، فالصوم يجعل الجميع يقتسم الشعور بالجوع؛ ليساهم الجميعُ بعد ذلك بدرئه عن الفقراء طوال العام، ولذلك دعا للجودِ والكرم، وشرع زكاة الفطر ليتراحم المسلمون، ويكفل بعضهم بعضا، ويستشعر الجميع لذة العطاء والتراحم بعدما استشعروا معانى المنع والحرمان.
وهناك مقاصد عديدة للصيام يصعب تفصيلها لضيق المقام، منها مقصد بناء النفوس، وتهذيب السلوك، وتربية الضمير، وتنمية الوازع الدينى، والصبر على الشدائد، والتزام حدود الله تعالى، وتعظيم الحرمات، وإدراك قيمة الوقت وأثره فى الأحكام، وإبراز معنى المساواة والأخوة والإحسان.