الوفد تروى حكاية ومعجزات مسجد " ابى الدرداء" الأثري ورحانياته مع شهر رمضان بالاسكندرية

تشتهر محافظة الاسكندرية بالكثير من المساجد الاثرية والتاريخية ذات القيمة الدينية والمعمارية التى لا يجاريها غيرها من الاثار ولها طقوس خاصة بروحانيات شهر رمضان المبارك
ترتبط مساجد الاسكندرية ارتباطا وثيقا بشهر رمضان ، فهى ليست مجرد مساجد معمارية بل هى رموز دينية وثقافية تشهد على تاريخ المدينة العريق لذلك تقدم " بوابة الوفد " حكايات مساجد الروحانيات بالاسكندرية "
روايت كثيرة واقاويل لها العجب للسكندرين عن مسجد يتهافت اليه ابناء المدينة الساحلية لنيل بركاته لما احيط بقصته من اساطير عدة ابرزها خط مسار الترام اكراما لصاحب المقام وهو " مسجد ابو الدرداء "الذى يقع بمنتصف أحد الشوارع بمنطقة كرموز غرب الإسكندرية.. الروايات تحلوت إلى أساطير يحكى عنها أجيال وأجيال حول "معجزات " أبو الدرداء وضريحه الذى يفد إلي زيارته عدد كبير من المواطنين تباركا به، ليس مصريين فقط، ولكن من الدول الأخرى تحديدًا من جنوب شرق أسيا.، وكأنه محور الحياة في ذلك المكان، وهي الحقيقة الفعلية، لما لا وهو مقام .
ذلك المقام مربع الشكل تتباين ألوانه ما بين الأبيض والأخضر، أنشأ في عصر الدولة الايوبية في مصر، ينقسم إلى قسمين شرقي وغربي، ويتقدم الممر من طرفيها عقد كبير نصف دائرى يرتكز على عمودين ملتصقين من الرخام المجزع، وينقسم كل من القسمين الشرقي والغربي بكل من المقاصير الأربعة مقبرة مسماة باسم أبي الدرداء وأولاده وأحفاده وأصحابه.
من أعلام مشايخ الصوفية الذي يأتي إليه المريدين، لزيارة مقامه والتبرك به، ورغم أن جثمانه غير موجود بضريحه، إلا أنه مازال قبلة محبي أل البيت بالإسكندرية، إنه الشيخ الصوفي صاحب الكرامات"ابو الدرداء".
يأتي إلى مولده كل عام النساء والرجال مرددين عبارات" بركات آل البيت" " بركاتك يا سيدنا" بالإضافة إلى الأذكار والتبرك بمقامه، والاحتفال خارج المقام، الذي يعتقد أهل الإسكندرية أنه دفن فيه، ولكنه مقام فقط، تم بناؤه لتخليد ذكرى الصحابي الجليل.

يقع ضريح أبو الدرداء بميدان وشارع أبو الدرداء ، وهو الصحابي الجليل" عويمر بن عامر" ويقال ابن مالك الأنصاري الخزرجي، وكنيته أبو الدرداء نسبة إلى ابنته، فكان له ابنة جميلة اسمها "درداء"، ولقب ابو الدرداء مشتق من كلمة "درداء" والتي تعني الطفلة أو الفتاة أو المرأة التي ذهبت أسنانها، ولقبت زوجته أيضًا بأم الدرداء، وكانت فقيهة وزاهدة، وبقيت وفية ولم تتزوج بعد وفاته.
يقول الشيخ جابر قاسم نقيب الأضرحة لأولياء الله الصالحين ومقامات آل البيت بالإسكندرية:
كان أبو الدرداء في حياة الرسول، من الصحابة الخمسة الذين عملوا على جمع القرآن الكريم، وهم وفقًا لما ذكره ابن سعد في طبقاته"معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبيّ بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الدرداء".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنه، " عويمر حكيم أمتي" وكان الصحابة يقولون"أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء"، وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تولى القضاء بالمدينة المنورة.
يضيف الشيخ جابر، أن ابي الدرداء كان يحب "الفقر والمرض والموت"، فكان يقول ثلاثة أحبهن، ويكرههن الناس" الفقر والمرض والموت"، فأحب الفقر تواضعًا لربي، واحب المرض تكفيرًا لخطيئتي، وأحب الموت اشتياقًا للقاء خالقي"
وأضاف قاسم أن أبا الدرداء كانت له مشاركة فعالة في الفتوحات الإسلامية، لنشر الدعوة المحمدية، فلقد أرسله الخليفة عمر بن الخطاب في أواخر الخامسة عشرة من الهجرة مع جماعة من المتفقهين، ليعلموا الناس القرآن، وبقي في دمشق حتى سنة 17هجرية، ولما خرجت جيوش الإسلام لفتح مصر، كان أبو الدرداء واحدًا من كبار القواد والصحابة الذين شاركوا في هذا الفتح العظيم، وأنه شارك في فتح الإسكندرية، وأنه دخلها وأقام بها بعد الفتح مع رفقة من كبار الصحابة يعلم الناس الدين والقرآن، وتذكر بعض المراجع بأنه ألقى بعض دروس الفقه والحديث بمكان يقرب من موضع الضريح الحالي، وذلك أثناء إقامته القصيرة بالإسكندرية.
وتابع: "أهل الإسكندرية القدامى، أرادوا تخليد ذكرى زيارة سيدي أبو الدرداء الصحابي لمدينتهم في المكان الذي درس به الفقه والحديث وعلم القرآن، فأعدوا الضريح الموجود حتى الآن نتيجة رؤية، وصار موضع تبركهم، واحترامهم، ويقيمون له مولدًا كل عام".
ومن الكرامات التي تنسب إليه، يروي الشيخ جابر قاسم أن هناك أسطورة من الأساطير تناقلتها الألسن وانتشرت في مختلف محافظات مصر وليست في مدينة الإسكندرية فقط، وهي أنه في أثناء الحرب العالمية الثانية عام 1939 ألقت إحدى الطائرات الألمانية طوربيد ضخم على الجهة الكائن بها الضريح، ولقد أكد الأهالي من سكان المنازل والمحلات وقتها، بأنهم شاهدوا بأعينهم ولي الله أبا الدرداء قام من مرقده، مدثرًا بثياب بيضاء، ويلتقط بذراعه الطوربيد، لينقذ أهالي الحى.
وأكد قاسم، أن منذ ذلك الحين وحتى الآن تقام لضريح أبى الدرداء حفلات دينية من أول شهر رمضان وحتى الليلة الختامية للمولد في 6 رمضان، مشيرًا أنه يتم تزيين الضريح بالزهور، والمصابيح الكهربية والزينة التي تمتد حتى مسجد العمري، إلى مكان الضريح، ويحيي الاحتفال مشاهير قراء القرآن الكريم والأنشاد الديني والذكر، وهذا من التراث الديني الشعبي.
وتقول الدكتورة رضوى زكي، باحثة في الحضارة والعمارة الإسلامية
إن أبا الدرداء أو ما يعرف شعبيا بإسم أبو الدردار، هو صحابي حضر فتح الإسكندرية رفقة عمرو بن العاص ويدعى عمير بن عامر و شهرته أبو الدرداء نسبة إلى ابنته ويعني اسم الطفلة التي وقعت على أسنانها.
وأضافت زكي أن البعض يسمي مكانه بمسمى «الضريح» إلا أن حقيقة الأمر هو «مقام» كون أن من شروط الضريح أن يتواجد به جثمان الشخص وهو أمر غير متحقق فيما يخص أبو الدرداء الذي توفي خارج الإسكندرية.
وأشارت إلى أن أبرز القصص الشهيرة التي تحيط بكرامات ذلك المقام أنه حينما أراد الأمير عمر طوسون بناء الطرق وشقّها بالمدينة استعان بالمهندسين الأجانب لرسم خطوط الترام واستقدام عرباته لتشق طرقات المدينة، فأشار مهندس إلى الضريح بيديه لإزالته حتى يُكمل الترام طريقه المرسوم، يقول الناس إن يد المهندس لم تعود للحركة أبدًا فأصيبت بالشلل، وحينما سمع الأمير عمر طوسون بالواقعة صمم على عدم نقل الضريح أبدًا.
وأوضحت أن واقع الأمر قد يشير إلى صدقها حيث تغير مسار الترام بالفعل حيث يتواجد بين مساري ترام، لافتة إلى أن الأمير قد استعان بالمهندسين لبناء بناء فخم يليق بالضريح، ليظل حتى يومنا الحالي ضريح يتوسط الشارع، ويدور من حوله الترام كآية شاهدة على كرامات صاحب الضريح.