بوابة الوفد تعرض حكاية جديدة لمسجد تحول من مقبرة الى مسجد مشهور بالأسكندرية

تشتهر محافظة الأسكندرية بالكثير من المساجد الأثرية والتاريخية ذات القيمة الدينية والمعمارية التى لا يجاريها غيرها من الآثار ولها طقوس خاصة بروحانيات شهر رمضان المبارك.
ترتبط مساجد الأسكندرية ارتباطًا وثيقًا بشهر رمضان، فهى ليست مجرد مساجد معمارية بل هى رموز دينية وثقافية تشهد على تاريخ المدينة العريق لذلك تقدم “بوابة الوفد“ حكايات مساجد الروحانيات بالأسكندرية ”مسجد عبدالرحمن بن هرمز”.
كانت احتشدت مدينة الإسكندرية بالمجاهدين والمرابطين منذ الفتح الإسلامي لمصر، وتوافد إليها أعداد كبيرة من المسلمين من كل البلدان ممن كانوا يمرون بها في رحلاتهم، ومنهم من اتخذها موطنًا له، مثل التابعي عبد الرحمن بن هرمز، والذي تحتضن الإسكندرية مسجدًا عريقًا يحمل اسمه في شارع رأس التين، ويعد واحد من أهم المساجد التى انشئت فى عصر الدولة الايوبية فى مصر ويقع براس التين
والذي بني خلال القرن الـ19، وبحسب وصف «علي مبارك» أنه مسجد أصله مقبرة بها ضريح الشيخ «عبد الرحمن بن هرمز» وعندما بني ما حوله ودخل في تنظيم المدينة بني ذلك المسجد، وحمل داخله ضريح الشيخ، والذي بناه درویش أبو سنن.
"عبد الرحمن بن هرمز"، هو أحد رواة الحديث النبوي، التابعي الجليل عبد الرحمن بن هرمز بن أبي سعد وكنيته أبو داوود المشهور بالأعرج القرشي ، ينتمي إلى الطبقة الثانية من التابعين، وقد تتلمذ "بن هرمز" على يد عدد كبير من الصحابة الذين أدركهم،
فقد روى عن عبد الله بن مالك، وأبي هريرة، وعبد الرحمن بن القاري، وأبي سعيد الخدري، وغيرهم من رواة الأحاديث النبوية الشريفة، كما روى عنه العشرات من رواة الحديث.
ولم يشر إلى هذا المسجد أحد المؤرخين إلا على مبارك حيث أنه بنى فى القرن التاسع عشر، وجاء فى كتاب أعلام الإسكندرية للدكتور الشيال القصة التالية: أن الشيخ بشير الشندى، المدير السابق لمكتبة بلدية الإسكندرية روى لى أن الشيخ محمد البنا، أحد علماء الإسكندرية فى القرن التاسع عشر كان يجتاز شارع رأس التين الحالى، دائما فى طريقة إلى سراى راس التين لزيارة الخديوى إسماعيل، وقد رأى ليلة فيما يرى النائم أن صاحب ضريح يقع فى هذا الشارع يعاتبه ويقول له : كيف تمر بقبرى ولا تحيينى؟ فسأله الشيخ "ومن أنت"؟ فقال : أنا عبد الرحمن ابن هرمز.
ويستطرد الشيخ بشير الشندى فى سرد القصة التى ذكرها كتاب "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون"، للدكتورة سعاد ماهر محمد، فيقول : وقص الشيخ البنا هذه الرؤيا على نفر من أصدقائه، وكان من بينهم رجل فاضل من أثرياء المدينة هو الشيخ درويش أبو سن، فتطوع لبناء هذا المسجد ليضم الشريح ومن ثم نسب المسجد والضريح إلى سيدى عبد الرحمن بن هرمز، ثم أوصى أن يدفن هو إلى جواره بعد وفاته.
كان عليه مقصورة من خشب، فلما بنى ما حوله ودخل فى تنظيم المدينة بنى ذلك المسجد، وجعل داخله ضريح الشيخ المذكور، والذى بناه المرحوم درويش أبو سنن وهو مسجد تام المرافق حسن المنظر، مقام الشعائر، ويصرف عليه من الوقف.
ويعلو المحراب لوحة حجرة نقش عليها النص التالى : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، بنى هذا صاحب الخيرات حاج درويش أبى سن سنة 1265هـ"، وإلى يسار المحراب فى الركن الجنوبى حجرة بها ضريح الشيخ عبد الرحمن بن هرمز تعلوه مقصورة خشية، وإلى جانبه ضريح رخامى بسيط دفن به بانى المسجد الحاج درويش أبى سن.
ويعلو المدخل الرئيسى للجامع الذى يقع فى الضلع الشمالى الغربى للجامع المئذنة، وهى تتكون من ثلاث دورات الأولى والثانية أسطوانية وينتهى بشرفة يقف فيها المؤذن، أما الدورة الثالثة فهى عبارة عن عمود أسطوانى مرتفع، وهذا الطراز من المآذن انتشر فى معظم مساجد شمال الدلتا فى العصر العثمانى. يعتبر من المساجد المعلقة إليه يصعد ببضعة درجات، ويتكون المسجد من مساحة مستطيلة مغطاة السقف يقسمها ثلاثة صفوف من الأعمدة إلى أربعة أروقة، ويتكون كل صف من عمودين يعلوها عقود مدببة ويتوسط الجامع (منور) صغير مربع ، وفوق الرواق الرابع صندرة متسعة للسيدات.
قال الشيخ جابر قاسم وكيل الصوفية والأضرحة بالإسكندرية إن سيدي عبد الرحمن بن هرمز ولد في المدينة المنورة، وأدرك بعض الصحابة في المدينة، كما حفظ القرآن، وعرضه على أبي هريرة، وسافر في آخر عمره إلى مصر، ومات مرابطًا بالإسكندرية سنة 117 ه، 735م وقد جاوز عمره الثمانين عام، وكان يعاني من العرج، لذلك أشتهر بالأعرج .
وأضاف إن مسجد عبد الرحمن بن هرمز، هو أحد أهم المساجد في الإسكندرية، وذلك لأهمية الشخصية التي دفنت به، وهو عبد الرحمن بن هرمز، أحد كبار المحدثين، وكبار علماء الحديث واللغة العربية، فهو من نقل الأحاديث مباشرة من أبي هريرة.
وأوضح، إن الشيخ محمد البنا وهو أحد الشيوخ الصالحين، في ذلك الوقت رأى في رؤية أن الشيخ عبد الرحمن بن هرمز يلومه ويقول له "كيف تمر بقبري ولا تحييني فقال له من أنت؟ فقال له أنا عبد الرحمن بن هرمز"، فعرف أن هذا المكان دفن فيه "بن هرمز"
يذكر أن في القرن التاسع عشر كان الحاج درويش أبو سن قام بإنشاء المسجد، فوق مقام "بن هرمز" عام 1848م، وهو المكان الذي شاهد البنا الرؤية فيه، وعندما توفى "أبو سن" دفن بجوار عبد الرحمن بن هرمز، وقام نجل شقيق أبو سن بعمل وقف على المسجد بمنزل كامل وأصبح ريع المنزل ينفق على احتياجات المسجد, وقامت وزارة الأوقاف بتطوير وتجديد المسجد في عام 2022 .