قمة أوروبية دفاعية من أجل كييف.. وبريطانيا تقرض أوكرانيا ٢.٢٦ مليار إسترلينى

«ستارمر» يعوض «زيلينسكى» بـ«استقبال حار» بعد «طرد» البيت الأبيض
الرئيس الأوكرانى يلتقى الملك تشارلز.. وخطة سلام فرنسية بريطانية لإيقاف الحرب
وصف رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر اجتماعه مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بأنه «ذو معنى ودافئ»، بحسب داونينج ستريت حيث جاء اللقاء بعد ٢٤ ساعة فقط من زيارة زيلينسكى المؤسفة للبيت الأبيض والمشادة الكلامية الحادة مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونائب الرئيس جى دى فانس فى واشنطن.
وقال ستارمر إنه بعد المناقشات مع زيلينسكى والرئيس الفرنسى تم التوصل إلى اتفاق على أن تعمل المملكة المتحدة، إلى جانب فرنسا، و«ربما دولة أو دولتين أخريين» مع كييف لوقف الحرب. لتكون بمثابة «جسر» بين واشنطن وكييف. وأضاف أنه لن يضطر إلى الاختيار بين دعم أوروبا والولايات المتحدة وقال إن خطة السلام المتفق عليها هذه ستُعرض على الولايات المتحدة. ورفض ستارمر اراء المعارضة التى تطالبه بإلغاء دعوات الزيارة التى قدمها للرئيس الأمريكي
كما اجتمع أكثر من اثنى عشر زعيما عالميا فى لندن أمس لمناقشة خطط مشتركة للدفاع والأمن فى الوقت الذى يعلق فيه الدعم العسكرى الأمريكى لأوكرانيا بعد انهيار المحادثات بشأن صفقة المعادن الأسبوع الماضى.
واكد ستارمر عدم ثقته فى الرئيس الروسى وحذر من أنه «سيعود مرة أخرى» إذا أتيحت له الفرصة ومن هنا تأتى الحاجة الماسة إلى «ضمانات أمنية»، كما قال رئيس الوزراء البريطانى. وقال ستارمر إنه يثق بكل من فولوديمير زيلينسكى ودونالد ترامب. كما سُئل عما إذا كان زيلينسكى «قد فعل أى شىء خاطئ»، وقال ستارمر إنه لم يفعل».
وفى السياق شدد ستارمر عن «عزم بلاده المطلق» الوقوف مع زيلينسكى وتحقيق «سلام دائم لأوكرانيا على أساس السيادة والأمن لأوكرانيا» مضيفا: «كما سمعتم من الهتافات فى الشارع بالخارج، فإنكم تحظون بدعم كامل فى جميع أنحاء المملكة المتحدة، ونحن نقف معكم ومع أوكرانيا طالما استغرق الأمر ذلك». وقال زيلينسكى إنه «سعيد للغاية» لقبول الملك تشارلز الثالث مقابلته أمس.
وفى سياق الدعم أعلنت بريطانيا عن قرض بقيمة ٢.٢٦ مليارات دولار تقريبا لأوكرانيا بهدف تعزيز القدرة العسكرية للبلد الذى مزقته الحرب. وقالت وزارة الخزانة البريطانية إن القرض سيتم سداده باستخدام الأرباح الناتجة عن الأصول السيادية الروسية الخاضعة للعقوبات، ومن المتوقع صرف الدفعة الأولى من التمويل لأوكرانيا الأسبوع القادم.
وفى ظل استمرار حاله الاصطفاف الاوروبى خلف اوكرانيا على اثر واقعة البيت الابيض كتب ألكسندر ستوب، رئيس فنلندا، على وسائل التواصل الاجتماعى: «إن أوكرانيا لا تقاتل من أجل استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها فحسب، بل أيضًا من أجل أمن أوروبا وحريتها والنظام العالمى القائم على القواعد».
وأوضح الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، أن أوروبا يجب أن تمنع أوكرانيا «من الاضطرار إلى قبول الخضوع».
وقال شتاينماير لوكالة الأنباء الألمانية «لقد خطف المشهد فى البيت الأبيض أمس أنفاسى. لم أكن لأصدق قط أننا سنضطر يوما ما للدفاع عن أوكرانيا فى وجه الولايات المتحدة».
كما طمئن زيلينسكى شعبه الاوكرانى بأنهم ليسوا وحدهم فى معركتهم ضد روسيا، حتى فى الوقت الذى حاول فيه مناشدة الولايات المتحدة وقادتها بتصريحات الامتنان.
وتابع زيلينسكى إن القرض البالغ 2.26 مليار جنيه إسترلينى «سيعزز القدرات الدفاعية لأوكرانيا وسيتم سداده باستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة». «سيتم توجيه الأموال نحو إنتاج الأسلحة فى أوكرانيا. هذه عدالة حقيقية – يجب أن يكون الشخص الذى بدأ الحرب هو الذى يدفع الثمن».
كما حث ستارمر على العودة إلى البيت الأبيض وإصلاح علاقته مع دونالد ترامب بعد مشادة كلامية فى المكتب البيضاوى وفى وقت لاحق حاول كير الاتصال هاتفيا بزيلينسكى لمحاولة إقناعه بالعودة إلى البيت الأبيض، ثم اتصل بترامب فى محاولة لتهدئة الأمور. لكن جهوده باءت بالفشل، حيث أخبره الأمريكيون بأن الأعصاب بحاجة إلى التهدئة قبل أى عودة إلى المناقشات.
ومنذ ذلك الحين، تعرض زيلينسكى لضغوط من زعماء أوروبيين آخرين لمحاولة التصالح مع ترامب. وقال مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، إنه حث أيضا على التقارب. واضاف روته لهيئة الإذاعة البريطانية: «قلت: أعتقد أنه يتعين عليك أن تجد طريقة لاستعادة علاقتك بدونالد ترامب والإدارة الأمريكية. وهذا أمر مهم للمضى قدمًا».
وتأتى المحاولات الأوروبية وسط شكوك فى قدراتهم على الاستقلال العسكرى وخاصة مع تصريحات ماكرون ورئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر بأنهما لا يرغبان فى تقليص تعاونهما مع واشنطن. لذلك فإن حجم التحدى هائل
وبحسب سياسيين فإن أوروبا تعيش لحظة فارقة للبحث عن مخرج من المأزق الذى صنعته الولايات المتحده حيث يرى سفين بيسكوب، مدير معهد إيجمونت، وهو مركز أبحاث فى بروكسل، أن الجيش الأمريكى متجذر بعمق فى أوروبا لدرجة أن إزالته من شأنها ترك ثغرات ضخمة فى الدفاع الجوى والأقمار الصناعية العسكرية والفضاء الإلكترونى.
ولفت إلى أنه منذ الحرب العالمية الثانية، وافقت الولايات المتحدة على حماية الجيوش الأوروبية المتدهورة ضد روسيا على أساس تفاهم مفاده أنها فى المقابل كانت قادرة على نشر القوة الأمريكية الصلبة والناعمة فى مختلف أنحاء القارة وخارجها. وسوف يتطلب تفكيك هذا التعايش مئات المليارات من الدولارات، ومن المرجح أن يتحملها دافعو الضرائب الأوروبيون المتورطون بالفعل فى أزمة غلاء المعيشة وخفض الخدمات العامة.
كانت ميزانية الدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبى فى العام الماضى، والتى بلغت 457 مليار دولار، ضئيلة للغاية مقارنة بميزانية الولايات المتحدة، والتى بلغت 968 مليار دولار. وكان إجمالى ميزانية الدفاع الروسية، والتى بلغت 462 مليار دولار، أكبر أيضا، على الرغم من اقتصادها الأصغر حجما بكثير، بعد أن أعادت تجهيز اقتصادها بالكامل على أساس الحرب منذ غزو أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.
وأوضح لويجى سكازييرى، المدير المساعد فى مركز الإصلاح الأوروبى، وهو مركز أبحاث فى لندن، أن الأمر سيستغرق «خمس سنوات على الأقل» حتى تتمكن أوروبا من ردع روسيا بالكامل من دون أى مساهمة من الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن هؤلاء الزعماء بحاجة إلى تشكيل ما يشبه «مجلس حرب» أوروبى لتنظيم هذا الاستقلال المكتشف حديثا. ويعتقد أن من الواجب أن ينضم إليهم ستارمر من بريطانيا، ورئيس الوزراء البولندى دونالد توسك، والأمين العام لحلف شمال الأطلسى مارك روته، وفون دير لاين من الاتحاد الأوروبى.
وتابع «إنهم بحاجة إلى المرونة والتحرك بسرعة. بل بسرعة أكبر فيما يتصل بأوكرانيا لأن الأمريكيين والروس يتفاوضون
واكد مصدر دبلوماسى أوروبى أن «الأولوية الأولى» لقمة الأحد «هى منع القمة من توسيع الخلاف فى التحالف بشكل أكبر» بحسب التليجراف وأضافوا: «كانت أوروبا دائما تلعب دورا، لكن الآن يقع على عاتق القارة العجوز محاولة سد الفجوة بين كييف وترامب».
وحذر دبلوماسيون من أن أوروبا بحاجة إلى تقديم دعم إضافى ومعزز لأوكرانيا فى أعقاب الخلاف وأكد لورى بريستو، السفير البريطانى السابق لدى روسيا: «إن زيادة الدعم العسكرى والمالى الأوروبى أمر لا مفر منه إلى حد كبير الآن، أينما ذهبت الولايات المتحدة بعد ذلك».