رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

خارج السطر

«يا أجمل وأعز مَن فى الوجود.. عجز لسانى الملعون وفكرى الضال عن التعبير عن حقيقة حالى وشعورى تجاهك أيتها العزيزة الغالية.. أضن بقلبك أن يحترق من أجلى وبفمك أن يتلوث باسمى. أضن بدموعك الغالية.. تأكدى مرة وألف مرة أننى لم أقصد أن أكون كاذباً ولا مجرماً وهذا عزائى الوحيد..»

يبدو النص السابق مُفتاحاً مُهماً لقراءة شخصية المهندس صلاح دياب، المستثمر والاقتصادى وصانع الصحف، والذى صدرت مذكراته مؤخراً عن المصرية اللبنانية تحت عنوان: «هذا أنا».

 فالنص السابق مقتطع من خطاب أرسله وهو شاب جامح إلى والدته يعتذر لها عن متاعب تسبب فيها بسبب طيشه.

أول مُلاحظة تنتابك بعد الفراغ من قراءة 399 صفحة دوّنها لحياته، أنك أمام إنسان خطاء، يتهور حيناً، يطيش أحياناً، يأثم، وما يلبث أن يندم فيعود مُصححاً، وتائباً.

 فمرة أنشأ مطعماً فاخراً ألحق به ديسكو يقدم كحوليات، وحقق شهرة واسعة وأرباحاً خيالية، ثُم جمعه لقاء مع والده، فأخبره أنه ربح من المطعم مالا وفيرا، ففوجئ بوالده يخبره إنها أموال حرام. وحاول صلاح أن يشرح أن معظم الأرباح تحققت من المطعم وليس من بيع الخمور، فرد والده بأن الأموال الحرام اختلطت مع الحلال ويصعب فصلها. فقال مجادلاً إنه يمكن أن يتبرع ببعض المال للمساجد، لكن والده واصل استنكاره قائلاً: «أموال حرام.. لبيوت الله؟» وما كان منه إلا أن أغلق المطعم وتبرع بأمواله كلها لإنشاء جمعية استهلاكية بقريته.

ومرة أخرى سنحت له فرصة اتمام صفقة لشركته فى مجال البترول، واتفق على شراء حقل صغير لانتاج البترول فى الزعفرانة، ووسوس له الشيطان أن يخفى الأمر عن شركائه ليفوز بالصفقة وحيداً، وهو ما يعنى تحقيق ربح يزيد عن مليون دولار كل عام. ثُم سافر إلى لندن للاحتفال بالمكسب واختار جناحاً رئاسياً فى فندق كارلتون تاور الفخم، وتجول فى شوارع لندن فوجد محلاً لشطائر «المورتديلا» التى تحتوى على لحم الخنزير، فاشتهاها واشترى واحدة والتهمها، وعندما عاد إلى الفندق وجد برقية من البائع تبلغه أن الصفقة لاغية لظرف طارئ. ونزل عليه الخبر كالصاعقة، لكنه فكر بأن الله أنقذه من نفسه حيث كاد أن يخون شركاءه، وأكل شطيرة الخنزير وهو يعلم. وشعر بأنه خسر مليون دولار سنويا وربح نفسه. وهكذا تكررت خطوات غير محسوبة، سعى إلى تصحيحها، بعد أن تعلم منها.

لقد حظى بمحبة وتدليل جده لأمه توفيق دياب الصحفى الكبير صحب جريدة «الجهاد»، وكان يناديه بابا حتى عرف وعمره أحد عشر عاماً أنه جده وأن والده انفصل عن والدته قبل ولادته. التحق بالكلية الفنية العسكرية، وتزامل مع اللواء محمد العصار فى الدفعة ذاتها، لكنه رسب بسبب طيش الشباب وانصرافه عن دروسه، فالتحق بهندسة عين شمس، حيث واجه صعوبات فى الدراسة دخل بسببها فى انعزال شديد. 

ولم يلبث أن عمل خلال الدراسة فى مشروع مقاولة مع زوج خالته فى السويس أثبت فيه كفاءة وحقق ربحا، ثُم استغل العطلة الصيفية للسفر إلى ايطاليا وشراء سيارات مستعملة وبيعها فى مصر. 

فى السبعينات فكر بعد اعلان مصر عودة الملاحة فى قناة السويس فى الاتفاق مع شركات أمريكية لذلك الغرض، ثُم قرأ بعقلية واعية مستقبل الانفتاح ليؤسس شركات خدمات بترولية، واستثمار زراعى، كما افتتح محلات لابوار وكان أول فرع عبارة عن جراج تم تأجيره تحت اشراف الأوقاف.

ولد مشروع «المصرى اليوم» بتعاطف مع الكاتب مجدى مهنا حيث شعر صلاح دياب أنه المتسبب فى منعه من الكتابة، وقرر إنشاء جريدة خاصة، لكن الأعداد الزيرو حولت «مهنا» من رئيس تحرير إلى كاتب عامود يومى، ثم انطلقت الجريدة برئاسة تحرير أنور الهوارى.

مد الرجل علاقات واسعة وقوية برجال السياسة والثقافة والاقتصاد فى العالم العربى، وكان أحد مؤسسى حزب الوفد الجديد، وعضواً بالهيئة العليا فيه، ومن الأسرار التى يذيعها فى مذكراته أن منصور حسن رجل الدولة القوى طلب منه يوما التوسط لدى فؤاد سراج الدين ليصبح سكرتيرا عاما لحزب الوفد، وبالفعل تحدث مع الباشا الذى أخبره أن منصور حسن الذى طلب ذلك لن يقبل إن وافقت، وبالفعل وجد رؤية الباشا صحيحة إذ فوجئ بمنصور حسن يبدى تردده. 

وتمضى المذكرات لتقدم قصصاً مثيرة وطريفة فى السياسة والبزنس والثقافة، ونجد خلاصتها فى آخر سطور الكتاب إذ يقول صاحبها «أتعلم من مشاهداتى، من كل خطأ مررت به». وهذا أملنا جميعاً: أن نتعلم من أخطائنا.

والله أعلم.

 

 

[email protected]