"ختم لوسيفر" في «المداح 5» يثير الجدل.. ما موقف الإسلام؟

شهدت الحلقة الأولى من مسلسل المداح.. أسطورة العهد، في موسمه الخامس، ظهور "ختم لوسيفر"، وهو رمز غامض مرتبط في بعض المعتقدات بالسحر والشعوذة. ظهر هذا الرمز عندما قامت "ست الحسن" (غادة عادل) برسمه بدم "صابر المداح"، ضمن طقوس شيطانية تستهدف فتح بوابات نجمية لخروج ما يُعرف بـ "بنات إبليس".
هذا المشهد أثار تساؤلات كثيرة حول حكم استخدام الرموز السحرية في الأعمال الدرامية، ومدى تأثيرها على المشاهدين، خاصة في ظل تحذيرات الإسلام الشديدة من السحر والشعوذة باعتبارهما من المحرمات الكبرى.
موقف الإسلام من السحر والشعوذة
جاء التحذير من السحر في القرآن الكريم والسنة النبوية، لما له من أضرار دينية ونفسية واجتماعية، حيث يعد الكفر بالله من أعظم عواقب السحر. يقول الله تعالى في كتابه الكريم:"وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ" (البقرة: 102)
كما قال النبي ﷺ:"اجتنبوا السبع الموبقات"، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر..." (رواه البخاري ومسلم)
ومن هذا المنطلق، فإن أي ترويج للسحر أو إظهاره كشيء مؤثر بذاته دون مشيئة الله يعد أمرًا خطيرًا شرعًا، حيث قد يؤدي إلى ترسيخ مفاهيم خاطئة لدى البعض، خاصة الشباب، بشأن قدرة السحر على تغيير الواقع والتأثير على حياة الناس.
حقيقة "ختم لوسيفر".. بين الأسطورة والواقع
ظهر "ختم لوسيفر" في الحلقة الأولى من المداح 5 كأحد العناصر المحورية في الصراع بين الخير والشر، لكنه في الواقع رمز مرتبط ببعض الطقوس الباطنية والشيطانية الحديثة.
وقد أكدت الدراسات الشرعية أن استخدام مثل هذه الرموز في الأعمال الفنية قد يساهم في نشرها بين الناس دون وعي بخطورتها، حيث يلجأ البعض بعد مشاهدة هذه المشاهد إلى البحث عنها والتعمق في معانيها، مما قد يقودهم إلى مسارات غير محمودة.
كما أن الاعتقاد بأن هذه الرموز تملك قوة ذاتية في التأثير على الواقع يعد مخالفًا لعقيدة التوحيد، حيث يؤكد الإسلام أن الله وحده هو القادر على تغيير الأمور، وليس لأي رمز أو طقس تأثير إلا بإذنه سبحانه.
الدراما بين الترفيه والتأثير.. أين الخط الفاصل؟
أصبحت الأعمال الدرامية تلجأ إلى الرموز السحرية والطقوس الغامضة بهدف الإثارة والتشويق، وهو ما يطرح تساؤلًا مهمًا: هل يجوز استخدام هذه العناصر في الدراما، حتى وإن كان الهدف هو كشف حقيقتها؟
يرى بعض العلماء أنه لا مانع من التطرق إلى مثل هذه المواضيع، بشرط أن يتم عرضها من منظور إسلامي واضح، يبين زيف السحر وخطورته على العقيدة. لكن المشكلة تكمن في أن بعض الأعمال قد تروج لهذه الرموز بشكل غير مباشر، عبر تصويرها كعناصر مؤثرة في القصة دون تفنيد حقيقتها وخطورتها.
وقد حذر النبي ﷺ من خطورة الانخداع بالسحر حتى على سبيل التسلية، حيث قال:"من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" (رواه مسلم)
فإذا كان مجرد سؤال العرافين مذمومًا، فكيف بمن ينجذب لمثل هذه الطقوس أو يبحث عنها بدافع الفضول؟
مسؤولية صناع المحتوى والمشاهدين
مع تصاعد الجدل حول تأثير الدراما على المجتمع، يتحمل صناع المحتوى مسؤولية كبيرة في تقديم أعمال ترفيهية لا تتعارض مع القيم الإسلامية، وتراعي خطورة بعض المفاهيم التي قد تؤدي إلى نشر الخرافات أو زعزعة العقيدة.
كما يجب على المشاهدين أن يكون لديهم وعي كافٍ بما يشاهدونه، وألا ينجرفوا خلف أي محتوى قد يحمل رسائل خفية تتعارض مع تعاليم الدين.
كيف نتعامل مع مثل هذه المشاهد؟
- الوعي بالمخاطر: يجب أن ندرك أن السحر والشعوذة ليست مجرد خيال درامي، بل هي حقيقة خطيرة حذر منها الإسلام، ولا يجوز التهاون في التعامل معها.
- التمسك بالعقيدة الصحيحة: الإيمان بأن الله وحده هو القادر على كل شيء، وأن السحر لا يؤثر إلا بإذنه، فلا يجوز الخوف منه أو تصديقه كقوة مؤثرة مستقلة.
- عدم الترويج لهذه الرموز: سواء من خلال الحديث عنها بإعجاب، أو نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قد يؤدي ذلك إلى جذب الفضوليين نحو عالم الشعوذة.
- اختيار المحتوى بعناية: يجب دعم الأعمال التي تروج للقيم الإسلامية الصحيحة، وتجنب تلك التي قد تؤثر على العقيدة أو تنشر مفاهيم مضللة.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل سيستمر "المداح 5" في تقديم هذه الرموز دون تفنيدها، أم أنه سيكشف حقيقتها ويحذر من خطرها؟ الأيام القادمة ستكشف لنا كيف ستتناول الدراما هذا الموضوع الحساس.