رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الناصية

يتجلى شهر رمضان فى مظاهر كثيرة، كانت أجملها التى تأتى عبر أثير الإذاعة.. يوم أن كان الراديو هو سيد الموقف فى كل بيت، وفى الشوارع وبالمقاهى.. وحتى فى الغيطان.. والجيل الحالى، وربما الجيل الذى قبله، خسر الكثير من حلاوة رمضان التى كانت تأتينا من الراديو وخصوصًا من بعد آذان المغرب!

ولا شك لكل زمن جمالياته، ولكن من لم يعش أجواء رمضان فى الماضى ومع الراديو خسر الكثير من النفحات العطرة مع آذان الشيخ محمد رفعت، وتلاوة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد فى صلاة العشاء وتواشيح النقشبندى قبل رفع الصلاة، وبهجة الفوازير، وحكايات ألف ليلة وليلة الساحرة وخصوصًا فى ليالى الشتاء، التى كنا ننام ونحن غرقى فى خيالات الليالى الألف، ولا نصحو منها إلا على صوت المسحراتي!

ولا يعنى هذا أن رمضان مع الراديو كان أجمل من رمضان مع التليفزيون أو مع الإنترنت.. فمن المؤكد لكل جيل رمضانه الخاص، الذى عاشه بالإمكانيات التى كانت متاحة ومعروفة ومنتشرة فى جيله.. ولكن الشعور برمضان مع الراديو كان أكثر إنسانية وحميمية وعائلية وكان سخيا بالونس والدفء بزيادة عن رمضان الآن!

ففى الراديو كنا نستمع مع بعض لآذان واحد، وتلاوة واحدة، وفوازير موحدة، وليالى ألف ليلة وليلة وحيدة.. فى الوقت الذى كنا فيه نفطر فى نفس الوقت والمكان وعلى نفس الترابيزة.. الآن ربما يفطر كل فرد فى البيت بمفرده، ويتفرج لوحده على الشىء الذى يحبه فى التليفزيون، أو على أية منصة رقمية على اللابتوب.. صحيح الدنيا تغيرت وحالها غير الحال، والمسلسلات زادت بعد أن كانت مسلسلًا واحدًا ومحطة إذاعة واحدة أو اثنتين بالكثير، والمتعة قليلة ومحدودة ولكن أيضا الضغوط زادت مع زيادة الاحتياجات حتى فقدنا الكثير من انسانيتنا.. ولكن يظل سحر رمضان فى نفوسنا باقيا طالما بقى ولو جزءا من إنسانيتنا!

وأعتقد أن شهر رمضان اختلف من حيث المظاهر مثلما اختلف المجتمع واختلف الناس.. فمن المؤكد أن كل شىء فى حياتنا صار مختلفا عما سبق قبل خمسين سنة اقتصاديا واجتماعيًا وذلك مع تطور التعليم والثقافة.. ولا شك الريف الذى كنا نعرفه من قبل ليس هو الريف الحالى ولا الناس هى الناس، وكذلك فى المدن التى تطورت إلى الأفضل وكذلك نوعية الناس والتعليم والصحة.. وبالتأكيد لن تظل مظاهر رمضان هى نفسها.. وستكون مختلفة مثل كل شىء اختلف فى حياتنا حتى قدوم رمضان فى بعض السنوات كان يزيد الآلام ولا يخففها!

.. ففى سنة 1799م. وصف المؤرخ المصرى عبدالرحمن الجبرتى شهر رمضان بـ«رمضان القهر» بسبب قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر واحتلالها، حيث قال الجبرتى: «القاهرة تحت رايات الفرنسيس قد منيت بالهزيمة والخوف». ووصف القاهرة فى رمضان بأنها «المدينة المضطربة بعد فشل ثورتها».

وعمومًا.. العلاقة الاحتفالية بقدوم شهر رمضان عند المصريين، والتى نراها فى الشوارع أو وسائل التواصل الاجتماعى والجماهيرى من أول المواليد وليالى الذكر والابتهالات والإنشاد إلى الراديو والتليفزيون والانترنت هى علاقة ممتدة قبل قدوم الإسلام إلى مصر.. فالمصريون القدماء جعلوا كل معتقداتهم الدينية مرتبطة بالاحتفال فى المعابد والنيل والحقول.. ولذلك لم يكن غريبًا أن يتحول شهر رمضان فى مصر إلى احتفال كبير!

[email protected]