تأخير قضاء صيام رمضان.. متى يكون جائزًا؟ ومتى يُلزم بالكفارة؟

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يكثر التساؤل حول حكم تأخير قضاء الأيام التي أفطرها المسلم في رمضان الماضي، خصوصًا إذا لم يتمكن من صيامها حتى دخول رمضان الجديد.
ومن بين هذه التساؤلات، جاء استفسار لإحدى السيدات لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية حول موقفها الشرعي إذا لم تكن قد صامت ما فاتها من رمضان الماضي.
وجوب قضاء الأيام الفائتة
أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الشخص الذي أفطر في رمضان لعذرٍ شرعي، مثل المرض أو السفر، عليه قضاء هذه الأيام بعد رمضان متى استطاع ذلك، وذلك امتثالًا لقول الله تعالى:
"فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة: 185).
وبالنسبة للمرأة، إذا أفطرت بسبب الحيض أو النفاس، فإنها تفطر وجوبًا، لكنها تكون مطالبة بقضاء تلك الأيام قبل حلول رمضان التالي.
وقد جاء في حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ" [متفق عليه].
حكم تأخير القضاء حتى دخول رمضان جديد
إذا أخرت المرأة أو أي مسلم قضاء الصيام حتى دخل رمضان آخر، فإن الحكم يختلف وفقًا للسبب وراء التأخير:
التأخير بعذر شرعي:
- إذا كان التأخير ناتجًا عن عذرٍ مستمر، مثل المرض المزمن، الحمل، أو الرضاعة، فلا إثم عليه، ويجب عليه قضاء الأيام الفائتة متى زال العذر وتمكن من الصيام.
- في هذه الحالة، لا يُطلب منه دفع كفارة، ويكفي فقط القضاء عند الاستطاعة.
التأخير بدون عذر:
- إذا تأخر المسلم عن قضاء الصيام بغير عذرٍ حتى دخل عليه رمضان آخر، فإنه يكون قد وقع في مخالفة، وعليه التوبة والإسراع بالقضاء بعد رمضان الجديد.
- اتفق الفقهاء على وجوب القضاء، لكنهم اختلفوا حول وجوب دفع كفارة إضافية (إطعام مسكين عن كل يوم تأخر عن صيامه).
- الفتوى الراجحة – والتي أفتى بها الأزهر – تُلزم المسلم بالقضاء فقط دون الحاجة إلى دفع كفارة.
ضرورة المسارعة في القضاء
ينصح العلماء بضرورة الإسراع في قضاء الأيام الفائتة وعدم تأجيلها دون سبب وجيه، حتى لا يقع المسلم في الحرج الفقهي. ومع دخول شهر شعبان، يُفضل أن يستغل من عليه صيام الفرصة لصيام ما فاته، استعدادًا لاستقبال شهر رمضان بروح طاهرة ونفس مطمئنة.
وختمت الفتوى بالتأكيد على أن أداء الفرائض في أوقاتها من أعظم القربات إلى الله، ومن الأفضل للمسلم ألا يؤجل القضاء حتى لا يتراكم عليه، وليكون جاهزًا لأداء صيام رمضان الجديد دون أي التزامات سابقة.