غزة تسلم «نتنياهو» لإسرائيل مع رفات الأسرى المحتجزين

المقاومة الفلسطينية: «أبناؤكم قُتلوا بأسلحة أمريكية وبأيدٍ إسرائيلية!»
غداً.. الإفراج عن 800 أسير فلسطينى فى صفقة طوفان الأحرار
عودة الحرب يساوى عودة الأسرى فى توابيت».. و«قتلهم مجرم الحرب نتنياهو بصواريخ الطائرات الحربية».. وبأسلحة أمريكية وبأيدٍ إسرائيلية.. قُتل أبناؤكم!
ليست مجرد لافتات رفعتها المقاومة الفلسطينية على منصة تسليم جثامين أربعة أسرى إسرائيليين ضمن صفقة طوفان الأحرار. فى مشهد مهيب ضم سرايا القدس، والقسام، والأقصى، والشعبية، الديمقراطية والمجاهدين، والأنصار وغيرها من الأذرع العسكرية.
ووضعت الأجنحة العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية مجسّمات لصواريخ كتب عليها «من صنع أمريكى» فى إشارة إلى دور الولايات المتحدة الأمريكية فى حرب الإبادة الجماعية والقصف الإسرائيلى الذى قتل عدداً من الأسرى!.
وكان سلاح «التافور» الإسرائيلى حاضر بأيدى كتائب القسام خلال التسليم وعرضت على طاولة كبيرة الاسلحة والمتعلقات العسكرية لعناصر قوات الاحتلال الصهيونى.
وسلّمت «وحدة الظل» التابعة للكتائب مع هطول الأمطار الغزيرة على قطاع غزة مندوبة الصليب الأحمر الدولى، جثامين 4 إسرائيليين، بينها جثمانا الرضيع «كفير بيباس»، وشقيقه «أرييل» البالغ من العمر 4 سنوات، وهما أصغر الرهائن، إلى جانب جثمان والدتهما «شيرى بيباس»، وكذلك جثمان الأسير «عوديد ليفشتس».
ووقعت مندوبة الصليب الأحمر على وثائق تسلم الجثامين، فيما وقع عنصر من كتائب «القسام» على الوثائق نيابة عن الفصائل الفلسطينية، وجرى وضع الجثامين داخل سيارات الصليب الأحمر، وتسلمها الاحتلال فى إحدى النقاط بمحيط غزة.
ووضعت عناصر تابعة لكتائب القسام، الجناح العسكرى لحركة «حماس»، وعناصر من حركة «الجهاد»، الجثامين الأربعة داخل توابيت سوداء توابيت سوداء خلفها صورة رئيس وزراء الاحتلال «بنيامين نتنياهو».
وحرصت كتائب القسام والمقاومة فى المراسم على مراعاة حرمة الموتى ومشاعر عائلاتهم، رغم أن الاحتلال لم يراعِ حياتهم وهم أحياء. كما شارك أسرى محررون أبعدهم الاحتلال إلى غزة فى مراسم تسليم الجثامين.
وأكدت حركة حماس أن العدو الصهيونى قتل أسراه بقصف أماكن احتجازهم، وقالت «حكومة الاحتلال النازية تتحمّل المسئولية الكاملة بعد أن عرقلت اتفاق التبادل مرارًا».
وسخرت كتائب القسام من موقع تسليم جثث المحتجزين الإسرائيليين الأربعة قائلة «العدو أعلن عن اغتيال قادة الكتيبة الشرقية والشمالية فى لواء خان يونس خلال الحرب وهم بيننا الآن».
ووجهت الحركة رسالة إلى عائلات بيباس وليفشتس قالت فيها «كنّا نفضّل أن يعود أبناؤكم إليكم أحياءً، لكن قادة جيشكم وحكومتكم اختاروا قتلهم بدلًا من استعادتهم. وقتلوا معهم: 17881 طفلاً فلسطينياً، فى قصفهم الإجرامى لقطاع غزة، ونعلم أنكم تدركون من المسئول الحقيقى عن رحيلهم. لقد كنتم ضحية لقيادة لا تكترث لأبنائها».
وشددت الحركة على أن أن التبادل هو الطريق الوحيد لإعادة الأسرى أحياءً إلى ذويهم، وأى محاولة لاستعادتهم بالقوة العسكرية أو العودة إلى الحرب لن تُسفر إلا عن مزيد من الخسائر فى صفوف الأسرى.
وكشفت القناة الـ12 العبرية عن أن «نتنياهو» استعد – ثم ندم: وتراجع عن المشاركة فى استقبال الأسرى وانسحب.
وحذرت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين من أن الفشل فى المرحلة الثانية يعنى خطرا واضحا وملموسا على العشرات من الأسرى الأحياء وعلى القدرة على إعادة جثامين القتلى.
وطالبت الهيئة «نتنياهو» بتوضيحات عاجلة حول تعثر مفاوضات المرحلة الثانية، لأن ذلك يعنى خطرا حقيقيا ومباشرا على حياة عشرات الأسرى الأحياء.
وهاجم «دانى»، شقيق الأسير فى غزة «إيتسيك ألجرت»، أعضاء حزب عوتسما يهوديت بزعامة بن غفير: «إنهم يستترون بالتوراة لكنهم مجرد أوغاد، يستغلون مظهرهم الدينى لخداع الآخرين».
ومن المقرر أن تفرج حكومة الاحتلال غدا السبت عن أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة التبادل، بالمرحلة الأولى، بنحو 800 أسير، منهم 445 من الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال حرب الإبادة، و51 من أحكام المؤبد، و59 من الأحكام العالية، و47، من أسرى صفقة «جلعاد شاليط» والتى أعادت إسرائيل اعتقالهم.
الفئة الأبرز فى هذه الصفقة هم النساء والأطفال الذين اعتقلوا أثناء العدوان على قطاع غزة، ويقدر عددهم بـ200، والذين سيخرجون مقابل إفراج المقاومة عن الجثث الإسرائيلية.
كما تفرج تل أبيب عن نائل البرغوثى أقدم الأسرى الفلسطينيين والذى قضى 44 عامًا، فى السجون الإسرائيلية، وعلاء البازيان 42 عامًا، وسامر المحروم 38 عامًا. وذلك بالإضافة إلى عدد من قادة كتائب القسام فى الضفة بينهم «عبدالناصر عيسى، وعثمان بلال، وعمار الزبن».
وقالت إيمان نافع، زوجة البرغوثى، إن «عددا من محررى صفقة وفاء الأحرار اتصلوا بعائلاتهم وأبلغوها بقرار الإفراج عنهم، بعضهم الخميس، وبعضهم السبت». وأضافت أن زوجها نائل اتصل بها وأخبرها «بالإفراج عنه وإبعاده إلى خارج فلسطين» من دون أن يحدد اليوم على وجه التحديد.
وأضافت أن «نائل ظل حتى يوم الاثنين رافضا للإبعاد، لكنه عاد ووافق على إبعاده من دون أن تتحدد بعد وجهته النهائية».
وكشفت مصادر فى نادى الأسير الفلسطينى، أن اتصالات الأسرى بذويهم لإبلاغهم بقرار الإفراج تتم من مكاتب المخابرات الإسرائيلية.
وخلال صفقة «وفاء الأحرار» التى تمت فى 18 أكتوبر 2011، أفرجت تل أبيب عن 1027 أسيرا فلسطينيا، مقابل إطلاق حركة حماس سراح الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط، الذى كان محتجزًا فى غزة منذ 25 يونيو 2006.
أعادت إسرائيل، فى عام 2014، وعبر عمليات دهم بالضفة المحتلة بما فيها القدس، اعتقال 48 أسيرا فلسطينيا ممن أُفرج عنهم ضمن هذه الصفقة، إضافة إلى 4 أسرى آخرين بعد السابع من أكتوبر 2023.
ويُعد نائل البرغوثى (67 عاما) من بلدة كوبر شمال غرب رام الله أحد أبرز الأسرى المعاد اعتقالهم والمنتظر الإفراج عنهم، وهو محكوم بالسجن مدى الحياة.
واعتقل «البرغوثى» اعتُقل لأول مرة عام 1978، وأمضى 45 عاما فى سجون الاحتلال، وهى أطول مدة اعتقال فى تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة.
أعلن رئيس حركة حماس فى غزة ورئيس وفدها المفاوض «خليل الحية» الثلاثاء الماضى، أن الحركة ستفرج، السبت المقبل، عن بقية الأسرى الإسرائيليين الأحياء المتفق على إطلاق سراحهم ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وعددهم ستة.
وأجرى الاحتلال الإسرائيلى تدريبا عسكريا فى منطقة غلاف غزة، مع حركة كثيفة للمركبات وانتشار قوات الأمن فى المنطقة.

«السنوار» ينتظر الإفراج عن رفاته!
برز الحديث عن مصير جثة قائد حركة حماس السابق «يحيى السنوار» تزامنا مع تسليم الحركة وفصائل المقاومة لرفات 4 رهائن قتلتهم قوات الاحتلال الصهيونى فى قطاع غزة.
وكشفت مصادر مقربة من سير العملية التفاوضية عن أن حماس سعت للتفاوض على جثة «السنوار» للحصول عليها فى المرحلة الأولية من الاتفاق.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مسعى حماس قوبل برفض إسرائيلى قاطع، فيما امتنعت الحركة وحكومة الاحتلال عن التعليق رسميا على هذا الموضوع.
وقاد «يحيى إبراهيم حسن السنوار» حركة حماس بعد تنقله بين عدة أدوار داخلها. واعتُقل عدة مرات وكان نزيلًا سابقًا فى سجون إسرائيل لفترة تجاوزت 20 عامًا، ثم كان واحدًا من أكثر من ألف سجين فلسطينى أُطلق سراحهم فى صفقة تبادل مع الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط عام 2011.
وعقب خروجه من السجن، تولى السنوار مسئوليات متعددة فى أجهزة حماس بشكل تدريجى، حتى انتخب قائدًا عامًا للحركة فى غزة عام 2017، ثم جددت ولايته لفترة ثانية عام 2021. وفى أغسطس 2024، أصبح رئيسًا لمكتبها السياسى بعد أيام من اغتيال «إسماعيل هنية» فى طهران أثناء الحرب فى غزة.
وتقول إسرائيل إن السنوار هو صاحب قرار إطلاق عملية الهجوم التى قادتها حماس فى السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل.
واستشهد «السنوار» فى أكتوبر 2024، بعد مرور عام وعشرة أيام على الذكرى الأولى لطوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر، ويعتقد البعض بقوة أن مقتله كان مجرد صدفة.
وشكل استشهاد «السنوار» ضربة قوية لحركة حماس، التى نعته رسميًا بعد ساعات من تأكيد الجانب الإسرائيلى إحرازه «إنجازًا عسكريًا ومعنويًا كبيرًا». وخرج نائبه خليل الحية ليقرأ بيانًا يرثى فيه السنوار، متعهدًا باستكمال القتال قائلًا: «مقتل السنوار لن يزيد حركتنا ومقاومتنا إلا قوة وصلابة».
واستشهد عددٌ من كبار قادة حماس خلال حرب غزة، وبعض الضربات استهدفتهم وهم خارج الحدود، مثلما حدث مع صالح العارورى الذى تم اغتياله فى قصف فى الضاحية الجنوبية لبيروت.
أما «السنوار» فاستشهد وهو فى أرض المعركة، وسُحبت جثته من مسرح العمليات بعد تبادل لإطلاق النار مع قوة من الجيش الإسرائيلى كانت تقوم بدورية روتينية، داهمت مبنى فى جنوب قطاع غزة للاشتباه فى «وجود مسلحين فيه». لم تعلم القوة فى خضم الاشتباك أن السنوار كان أحد المسلحين داخل المبنى الذى أغاروا عليه للاشتباه بوجود «مسلحين بداخله».
وقال الباحث الفلسطينى «مأمون أبوعامر»: «تطرق الحديث عن جثة السنوار فى المرحلة الأولى من مفاوضات الهدنة، لكن كان هناك ممانعة إسرائيلية ربما بسبب مكانة الشخصية وموضعها القيادى، أو لاعتبارات سياسية أخرى تتعلق بفكرة أن الصفقة كانت فى مرحلة متقدمة، وأن إسرائيل على الأغلب رأت أن قبولها بتسليم الجثة ليس فى صالحها فى ذلك التوقيت، فرفضت ذلك حتى لا يُعتبر تنازلًا لصالح حماس».
وشدد أبوعامر على أن حماس لم تطلب جثمان السنوار بشكل خاص مثل جثث باقى شهداء الحركة، فحماس «تريد إكرامهم جميعا بدفنهم وفقًا للشريعة الإسلامية، لا أكثر ولا أقل، لكن تسليم جثة السنوار لا يمثل نقطة جوهرية ولن يدخل ضمن بنود الاتفاق الأساسية، ولن يعيق وقف إطلاق النار أو يؤثر على سير المفاوضات».
ويفسر «أبوعامر» الأمر بالقول: «لا يهم أين توجد رفاتهم (شهداء حماس)، أينما دُفنوا، فهم مدفونون وتُقام لهم مجالس عزاء رمزية». ورغم ذلك، لا ينفى أبو عامر احتمالية معاودة حماس طلب جثة السنوار مستقبلًا.


الشارع الإسرائيلى.. يوم الذل
إعلام تل أبيب: ننفق تريليون شيكل على «جيش هستيرى»
وجهت المقاومة الفلسطينية لطمة على وجه حكومة الاحتلال وهاجم الشارع الإسرائيلى والإعلام «بنيامين نتنياهو» عقب تسليم المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة جثامين أسرى إسرائيليين لديها، قتلتهم «إسرائيل» خلال حرب الإبادة الجماعية على مدار 15 شهرًا. للمرة الأولى خلال صفقة التبادل فى مراحلها المختلفة منذ بدء معركة طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023.
ووصف وزير مالية الاحتلال المستوطن المتطرف بتسلئيل سموتريتش، هذا الصباح بـ«المؤلم»، وقال: «صباح صعب علينا جميعًا، يوم يؤكد عدالة حربنا الحازمة ضدهم حتى إبادتهم من على وجه الأرض».
وعمّ الحزن تغطيات وسائل الإعلام العبرية ووصف المراسم بـ«الصادمة والقاسية»، وأشارت القناة 14 الإسرائيلية، إلى أن القنوات التلفزيونية الإسرائيلية امتنعت عن بث مشاهد المراسم الصادمة لحماس».
وأكدت مصادر عبرية، أنه بناء على طلب الأهالى، لن يتم نشر أى وثائق أو صور لحفل حماس هنا.
وقالت القناة 14 العبرية: «حماس تواصل إذلال إسرائيل خلال عمليات التبادل إذ أنها تحضر مسؤولين رفيعى المستوى زعمت إسرائيل أنهم تمت تصفيتهم خلال الحرب».
وأضافت: «حماس لا تتخلى مجددًا عن العرض، العالم بأسره يغطى هذا الحدث، وفى بعض وسائل الإعلام الدولية يُنظر إليه على أنه أمر طبيعى، هذا عارٌ مطلق».
قال أحد الأسرى الإسرائيليين الذى خرج من غزة فى عملية عسكرية لجيش الاحتلال «لويس هير»: «لقد تم إنقاذى، أنا على قيد الحياة، لكننى استمر فى التفكير فى أولئك الذين لم يعودوا، لم أعد إلى المنزل بعد».
وأضاف فى مقابلة مع موقع يديعوت: «عودة الرهائن القتلى الذين لم يتم التحقق من هوياتهم بعد»، وقال: «كنا قلقين من أنهم ليسوا على قيد الحياة، لكننا كنا نأمل فى حدوث معجزة، إنه شعور غريب، من الصعب علينا قبول هذا، كان يجب أن نكون مستعدين، لكن هذا ليس كافيا».
وتطرقت وسائل الإعلام ومسئولون إسرائيليون لإعلان كتائب القسام عن تواجد قائد كتيبة المنطقة الشرقية والشمالية فى خان يونس فى مكان تسليم الجثامين على الرغم من إعلان الاحتلال اغتياله خلال الحرب.
وقال عضو الكنيست الإسرائيلى تسيفى سوكوت: «مرارًا وتكرارًا، أكد لنا الضباط الكبار فى لجنة الخارجية والأمن أن كتيبة خان يونس قد تم القضاء عليها تمامًا وفقدت قدرتها القتالية، جادلنا فى ذلك، وسخروا منا. وها هى كتيبة خان يونس هذا الصباح».
ووصف المؤرخ العسكرى الإسرائيلى،» أورى بار جوزيف،» قواتهم بأنّها «جيش» سيئ وهستيرى، وفاقد الثقة بنفسه، وذلك بعد فشله المدوى فى التصدى لعملية 7 أكتوبر فى العام 2023.
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن المؤرخ قوله إنّ ما حدث فى 7 أكتوبر، هو أنّ «إسرائيل» نسيت الدفاع عن نفسها، و«تركت المرمى من دون مراقبة، لذلك قامت حماس بتسجيل الأهداف».
وانتقد «بار جوزيف» كل من يدعو إلى مضاعفة القوات القتالية فى لـ«الجيش» الإسرائيلى، لمواجهة تهديدات حماس وحزب الله الأمر الذى يحتاج لميزانيات مالية مضاعفة، بل دعا إلى زيادة كفاءة القوات ورفع مستواها دون أى توسيع.
وأوصت لجنة «ناجل» التى عينتها حكومة الاحتلال الشهر الماضى، لتقييم ميزانية الأمن وبناء القوات بزيادة ميزانية الدفاع بمقدار 275 مليار شيكل (حوالى 77.25 مليار دولار) بحلول عام 2034، وبالتالى تحديد إجمالى ميزانية الدفاع فى نهاية تلك الفترة إلى تريليون شيكل.
وحذّر «بار جوزيف» من أنّ ما تقوم به «إسرائيل» فى سوريا من توسّع يُشكّل انتهاكاً لكل القواعد الدولية، وهذا دليل على أنّ «إسرائيل» تعتقد أنّ كل شىء مسموح لها، و»جيش» يعتقد أنه لا يعرف كيف يفعل أى شىء إذ يحاول الاستيلاء على الأراضى كتكتيك دفاعى.
وأضاف المؤرخ العسكرى «يتعين على الجيش أن يحافظ على التوازن بين قدرته الدفاعية وأى شىء يزيد من الدافع لدى الجانب الآخر، فمن المؤكد أنّ الاستيلاء على الأراضى يؤدى إلى عدوان أكبر ضدنا».
كما تطرّق «بار جوزيف» إلى الاستيلاءات الإسرائيلية فى الضفة المحتلة وقال إنّ «إسرائيل» فشلت لمدة 58 عاماً من استئصال المقاومة هناك.
ويعتقد المؤرخ أنّ التكتيكات الدفاعية لها الأسبقية على التكتيكات الهجومية، وذلك بفضل الوسائل التى يتم التحكم فيها عن بعد.
وقال إن احتلال أجزاء من سوريا ولبنان وغزة فى وقت واحد، والحفاظ على جيش ضخم مكلف مادياً سواء من الناحية الاقتصادية أو من حيث أرواح الجنود، واصفاً ما تقوم به إسرائيل بأنّه «الأسوأ على الإطلاق، إذ لا نسعى للتوصل إلى اتفاق دبلوماسى، وجيشنا يفتقر إلى الثقة ويبالغ فى استخدام الذخائر والغزو، ونحن أيضا نعمل على خلق الدوافع للعدوان ضدنا».
الضفة المحتلة فى مرمى التهجير القسرى
يواصل الاحتلال الإسرائيلى شن عدوان واسع النطاق فى عدة مدن فى الضفة المحتلة ما تسبب فى تهجير نحو 40 ألف فلسطينى من منازلهم وهو أعلى رقم منذ الاحتلال الإسرائيلى للضفة قبل نحو ستة عقود.
فقد أجبرت العمليات العسكرية الإسرائيلية آلاف السكان على اللجوء إلى اللجوء إلى الأصدقاء والأقارب، أو التخييم فى قاعات الأفراح والمدارس والمساجد والمبانى البلدية وحتى حظيرة المزرعة.
ويخشى الفلسطينيون أن تكون هذه العملية محاولة مبطنة لتهجير الفلسطينيين بشكل دائم من منازلهم وفرض سيطرة أكبر على المناطق التى تديرها السلطة الفلسطينية.
وكشف مؤرخون وباحثون لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. عن أن الضفة المحتلة تشهد أكبر عملية نزوح للمدنيين منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967.
وأبرزت الصحيفة أن العديد من النازحين هم من نسل اللاجئين الذين طردوا أو فروا من ديارهم خلال الحروب التى أحاطت بإنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلى فى عام 1948، وهى الفترة المعروفة باسم النكبة.
وحذرت الصحيفة من أن النزوح المتجدد، حتى لو كان مؤقتًا، يثير ذكريات مؤلمة للصدمة المركزية فى التاريخ الفلسطينى. بينما عاد نحو 3000 فلسطينى إلى ديارهم، فإن أغلبهم ظلوا بلا مأوى بعد أكثر من ثلاثة أسابيع وهو نزوح أكبر من النزوح الذى شهدته حملة إسرائيلية مماثلة فى الضفة الغربية فى عام 2002، وفقاً لخبيرين فلسطينيين وإسرائيليين فى تاريخ الضفة المحتلة.
وداهمت القوات فى ذلك العام، عدة مدن فى ذروة الانتفاضة الفلسطينية، المعروفة باسم الانتفاضة الثانية، والتى بدأت باحتجاجات قبل أن تؤدى إلى زيادة فى الهجمات الفلسطينية على أهداف إسرائيلية.
وكما حدث فى عام 2002، فإن بعض النازحين خلال هذه الحملة الجديدة لن يجدوا مسكناً يعودون إليه، فقد هدمت القوات العسكرية الإسرائيلية عشرات المبانى فى المناطق التى غزتها، ومزقت الطرق وأنابيب المياه وخطوط الكهرباء.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أنظمة المياه والصرف الصحى دمرت فى أربعة أحياء حضرية كثيفة السكان، والمعروفة باسم مخيمات اللاجئين لأنها تؤوى النازحين فى عام 1948 وأحفادهم. وأضاف أن بعض البنية التحتية للمياه تلوثت بمياه الصرف الصحى.
وقال حكيم أبو صفية، الذى يشرف على خدمات الطوارئ فى مخيم طولكرم: لقد وصلنا إلى نقطة أصبحت فيها مخيمات اللاجئين خارجة عن النظام. إنها غير صالحة للسكن. وحتى لو انسحب الاحتلال فإننا لسنا متأكدين مما سيبقى لإصلاحه.
ولم يتضح على الفور حجم الأضرار الكاملة التى لحقت بمدينة جنين، لأن جيش الاحتلال الإسرائيلى ما زال يواصل عدوانه، لكن الأمم المتحدة سجلت بالفعل أضراراً جسيمة لحقت بأكثر من 150 منزلاً فى جنين، وبحلول أوائل فبراير اعترف الاحتلال الإسرائيلى بتفجير ما لا يقل عن 23 مبنى، ولكنه رفض تأكيد العدد الأخير من المبانى التى هدمت.
ويقول النازحون الفلسطينيون فى جنين وطولكرم إنهم تلقوا تعليمات بالمغادرة من جنود استخدموا مكبرات الصوت لإصدار أوامر عامة بالإخلاء.
ويبرز الفلسطينيون دعوات أطلقها وزراء رئيسيون فى الحكومة اليمينية المتطرفة الإسرائيلية لتشجيع تهجير ب الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة وضم الأراضى.
وعلى مدار عقود سعت دولة الاحتلال إلى ترسيخ سيطرتها تدريجيًا فى الضفة الغربية، فبنت مئات المستوطنات، غالبًا على أراضٍ فلسطينية خاصة، لمئات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين، وبنت هيكلًا قانونيًا من مستويين وصفه المنتقدون بنظام الفصل العنصرى.
وتسارعت الجهود الرامية إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة بعد أن تولت الحكومة الإسرائيلية الحالية السلطة فى عام 2022.فقد تم منح بتسلئيل سموتريتش، أحد زعماء المستوطنين الذى أصبح وزيراً للمالية، سلطة على جزء من وحدة عسكرية مؤثرة تسيطر على مشاريع البناء الفلسطينية فى معظم الأراضى.
وقد أدى تمكينه إلى زيادة الشكوك حول نوايا الحكومة: فقد نشر سموتريتش خطة مطولة فى عام 2017 اقترحت سيطرة إسرائيلية دائمة على الضفة ودفع الأموال لأولئك الذين لا يقبلون السيطرة الإسرائيلية للهجرة، أو قتلهم إذا لجأوا إلى المقاومة.
كما فرضت الحكومة الإسرائيلية قيوداً متزايدة على حركة الفلسطينيين فى الضفة وحظرت عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)؛ ولم تفعل الكثير لكبح الجهود التى يبذلها مستوطنون إسرائيليون من اليمين المتطرف لإجبار آلاف الرعاة الفلسطينيين على مغادرة المناطق النائية ولكن الاستراتيجية فى المنطقة.
وقالت مها نصار، المؤرخة الفلسطينية الأمريكية فى جامعة أريزونا: «ما يجعل هذه اللحظة غير مسبوقة ليس فقط حجم النزوح ولكن أيضا الخطاب المصاحب، والذى يعمل بشكل متزايد على تطبيع فكرة النزوح القسرى الدائم وأضافت أن هذا يمثل تصعيدا كبيرا فى الصراع المستمر منذ فترة طويلة، والذى يهدد بتغيير المشهد السياسى والديموغرافى فى الضفة المحتلة بشكل جذرى».
