خبير: تخطيط الاحتلال لاستهداف السد العالي ليس بجديد.. وتأمينه جزء من كرامة مصر

يتعرض السد العالي، أحد أبرز معالم الحضارة، لتهديدات إسرائيلية قد تشير إلى إمكانية تنفيذ عملية عسكرية من قبل تل أبيب، هذا ما أشار إليه تقرير أو تقارير إعلامية إسرائيلية تناولت سيناريوهات محتملة لاستهداف السد الذي تم بناؤه في الستينيات، وما قد يترتب على ذلك من عواقب كارثية على البلاد.
التقرير الذي نشره موقع "زيف" العبري تناول كيفية تنفيذ هجوم صاروخي على السد الواقع في مدينة أسوان، بهدف إحداث انهيار جزئي أو كامل، مما قد يؤدي إلى دمار شامل في المناطق المأهولة من جنوب البلاد حتى العاصمة القاهرة.
التصور الإسرائيلي يتحدث عن استخدام صواريخ متطورة قادرة على اختراق التحصينات، ما قد يؤدي إلى انهيار السد بشكل يسبب كارثة إنسانية تودي بحياة مليون وسبعمائة ألف شخص على ضفتي نهر النيل، بالإضافة إلى تدمير شبكات الكهرباء والنقل والاتصالات.
ومع ذلك، أشار خبراء عسكريون مصريون إلى أن مثل هذا التحرك يبدو مستحيلاً، نظرًا لعلم تل أبيب بأن رد مصرعلى خطوة مشابهة سيكون حازمًا للغاية، ما قد يلحق أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية الإسرائيلية، كما أن السد العالي، منذ إنشائه، قادر على تحمل ضربات عسكرية ثقيلة تمنع تدميره بشكل كامل أو التسبب في أزمة على مستوى البنية التحتية في البلاد.
الحديث عن تدمير السد العالي ليس جديدًا، فقد سبق أن هدد وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان عام 2001 بقدرة إسرائيل على تدمير السد، وهو ما أثار انتقادات شديدة وُصفت بأنه تصريحات مراهقة سياسية.
ورغم أن هذا الموضوع لم يتناول بشكل رسمي من قبل المصادر الدبلوماسية في تل أبيب والقاهرة، إلا أنه يعكس الفجوة بين البلدين التي نتجت عن المطالبات الأمريكية الأخيرة لمصر والأردن باستقبال أهالي قطاع غزة بعد تهجيرهم، بالإضافة إلى الحرب الإسرائيلية في غزة التي استغلتها تل أبيب لخرق اتفاقية السلام الموقعة عام 1979 عبر السيطرة على محور فيلادلفيا.
العميد محمود محي الدين، الخبير العسكري والاستراتيجي، قال إن الحديث عن تدمير السد العالي في أول ثلاث ساعات بعد قصف السد العالي ستؤدي إلى غرق أسوان والأقصر ثم القاهرة كلام غير منطقي سواء من الناحية العملية أو النظرية.
وأكد السد العالي معروف بأنه ليس كأي سد، بل هو عبارة عن بناء طبيعي يتكون من كتل حجرية مشابهة لتلك التي بُنيت منها الأهرامات، منوها إلى أن الجانب الإسرائيلي يعلم تمامًا أن السد العالي مقاوم لفكرة التفجير أو الانهيار، بينما يمكن أن تحدث بعض الأضرار لمحطات توليد الكهرباء، فإن تدمير جسم السد نفسه يعد أمرًا صعبًا للغاية ويتطلب قنابل نووية.
وأكد أنه من الناحية النظرية، فالجانب الإسرائيلي يدرك تمامًا خطورة مثل هذه التصريحات، حتى وإن كانت صادرة عن موقع غير معروف، منوها إلى أن التسريبات قد تكون استخباراتية تهدف إلى نشر الدعاية السوداء والتأثير على الحالة المعنوية للشعب المصري، خاصة في ظل الوحدة التي أظهرها الشعب خلف القيادة السياسية في رفض التهجير.
وشدد على أن الجانب الإسرائيلي يعلم تمامًا أن منظومة الدفاع الجوي المصري مشهورة عالميًا بأنها متكاملة، فمصر لا تعتمد على دولة واحدة في تسليحها، بل تدمج أربع اتجاهات تسليحية: الغربية، والشرقية الروسية، والصينية، والأوروبية. بالإضافة إلى التعديلات التي يجريها علماء مصريون على هذه المنظومات.
وأكد أن مصر هي الدولة الوحيدة التي واجهت دولًا عظمى، ولم تنكسر في حروبها. في حرب 1956، واجهت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، ورغم ذلك حققت النصر، وفي حرب 1967، ورغم الفارق التكنولوجي، لم تنكسر مصر.
ونوه إلى أن الحديث هنا ليس عن الجيش المصري فقط، بل عن الشعب المصري، إسرائيل تتبنى نظرية الأمن القومي التي تهدف إلى الحفاظ على السلام مع مصر، مردفا: “نحن نشهد تطورًا وقوة ونهوضًا معنويًا في الشعب المصري، ما يجعل إسرائيل تدرك أن الشعب المصري ليس سهلًا”.
وتابع: “يجب تأمين السد عسكريًا، منذ تصريحات ليبرمان في التسعينيات، تم إجراء مراجعات كبيرة في منظومة الدفاع عن الأهداف الحيوية الاستراتيجية، السد مؤمن بعدد من المنظومات التي لا يمكن الإفصاح عنها، وهو يمثل جزءًا من كرامة الشعب المصري”.
وأكمل خلال حواره لقناة “المشهد”: “نحن ندافع عن السد العالي كأحد أهم الأهداف الحيوية في الدولة، وقد تم تطويره خلال السنوات العشر الماضية. إسرائيل تدرك ذلك، لأن هذا لم يعد خفيًا، وأحيانًا يكون إظهار القوة وسيلة للردع”.