اتجاه
ما بين الضربة الإيرانية «الثانية» فى العمق الإسرائيلى، أوائل «أكتوبر» الجارى، وبين اتصال الرئيس الأمريكى جو بايدن، مع رئيس الكيان الصهيونى، بنيامين نتنياهو، مرت 10 أيام، هى فى الحسابات الإسرائيلية - الأمريكية، تعد من أصعب الأوقات فى تاريخ البلدين، وكانت محمومة بالنقاشات الساخنة، حول مستوى وقياس مساحة الرد العسكرى، الذى تصر «تل أبيب»، أن يستهدف منشآت استراتيجية، عسكرية ونفطية وأيضاّ نووية، تجعل «طهران» تدفع الثمن الباهظ، كلفة ما سببته من دمار فى 3 قواعد جوية ومواقع عسكرية عدة، وما دون ذلك من بنى تحتية، فى عموم إسرائيل، يوم أطلقت إيران 200 صاروخ باليستى «فرط صوتى»، فى ضربة «الوعد الصادق2».
< ومع حتمية الصعوبة والارتباك، فيما تنوى حكومة «نتنياهو»، أن تقرره بشأن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران، تظل المخاوف مصدر القلق، من أن تكون جدية التهديدات الإيرانية مكافئا قويا، قد يتجاوز قدرة إسرائيل فى ميادين الضربات، سواء كانت استباقية أو متبادلة، ونفس المخاوف أو أكثر منها، ما يبدو أن الإدارة الأمريكية فى مأزق، ربما أشد قسوة من مأزق الحكومة الإسرائيلية، ذلك أن «واشنطن»، تنظر على الجانب الآخر، بأن إيران تملك من أوراق اللعبة، ما قد يضمن تفوقها العسكرى، إذا ما فرضت عليها إسرائيل استحقاق المواجهة، وفى هذه الحالة، سوف يترسخ فى يقين الأمريكيين، أن يلحق الضرر بمصالحهم فى الشرق الأوسط، على المستويين العسكرى والسياسى.
< على المستوى العسكرى، تخشى «واشنطن» أن توجه إيران، ومحور المقاومة من العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن، ضربات صاروخية لقواعدها العسكرية، المنتشرة فى بلدان عربية وشرق أوسطية، ومن ثم يبدو هذا السيناريو الأخطر، فى حال استهدف الجنود الأمريكيين، ما قد ينتهى بهزيمة للقوات الأمريكية، تلحق بهزائم لها فى أفعانستان، قبل 3 أعوام، وما سبق فى البلقان والصومال، وما يزعج الإدارة الأمريكية، مدى دقة التسريبات، بأن إيران تمكنت من صناعة «سلاح نووى»، وما تتحدث عنه فى خطابها التهديدى، ويتعلق بتغيير عقيدتها النووية، فى حال ردت إسرائيل عسكريا، وما وراء الرد من حلفاء أمريكيين وأوروبيين، على حد سواء.
< وفى المستوى السياسى، إن لم تكبح إدارة الرئيس «بايدن»، جنون الصهيونى «نتنياهو»، ويجنب المنطقة حرباّ شاملة، ليست مختصة بإيران وحدها، بقدر ما يتسع معها الميدان لدول عديدة، ما يعنى فشلا ذريعا للسياسة الأمريكية، لا يضع مصالحها ونفوذها فى المنطقة -وحسب- تحت تصنيف الخطر، لكنها سوف تؤذيها الخسارة الكبرى، عندما ينظر المجتمع الأمريكى، إلى حقيقة الضعف المهين، فى قيادة الديمقراطيين لبلدهم «أمريكا»، الأمر الذى سوف يترتب عليه، رفض الناخبين لمرشحة الحزب الديمقراطى- حزب «الرئيس بايدن»- التى هى كمالا هاريس، ومن ثم خسارة انتخابات «5 نوفمبر» الرئاسية، لصالح مرشح الحزب الجمهورى، الرئيس السابق دونالد ترامب.
الخطابات الدعائية، التى تخرج من العاصمة «طهران»، ومن العاصمتين «تل أبيب» و«واشنطن»، تطرح فكرة إيران عن سلام قوى، واحترام سيادة الدول، على العكس من ترويج إسرائيل للتصعيد وفتح جبهات حرب جديدة، وهو ما تحول معه موقف الولايات المتحدة، فى اتجاه «تبريد» غضب البلدين، ووسط هذه الفوضى، عرض «بايدن» على «نتنياهو»، مبادلة الرد العسكرى، بعقوبات إضافية على إيران، ليتفادى التورط فى أى مواجهة محتملة، حماية للمصالح الأمريكية هنا، فى الشرق الأوسط، وكسب الانتخابات هناك، فى أمريكا.. وهو توجه أقله مقبول، وأكثره أن يُجبِر إسرائيل على وقف العدوان فى غزة ولبنان.. إن كان عنده مصداقية، ويريدنا أن نُصدِقه.
[email protected]