رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سكرتير مفوضية الأمم المتحدة يشرح لـ"الوفد" أبعاد قرار محكمة العدل الدولية

وائل نجم، سكرتير
وائل نجم، سكرتير مفوضية الأمم المتحدة

كشف المحامي وائل نجم، سكرتير مفوضية الأمم المتحدة للإعلام بالشرق الأوسط، أبعاد قرار محكمة العدل الدولية والذي ينص بأن يتعين على إسرائيل وقف هجومها على رفح الفلسطينية.

وقال نجم في تصريح خاص لـ"الوفد"، إنه فى ظل العدوان الوحشي والذي أدى حتى الآن لسقوط أكثر من 32 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال - واستمرار تواصل إسرائيل وتصميمها على استكمال حربها على قطاع غزة، فقد كان قرار مجلس الأمن رقم 2728 الصادر في 25 مارس 2024  علامة على الاتجاه الدولي تجاه تكثيف الضغوط على إسرائيل؛ بسبب الحرب على غزة- وظهر ذلك في امتناع واشنطن عن التصويت مما سمح بتمرير القرار الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان الماضى تحترمه جميع الأطراف مما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار - وكذلك الحاجة الملحة لتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين وتعزيز حمايتهم في قطاع غزة بأكمله مع الطلب من الأطراف بالامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالمحتجزين جميعهم

وأضاف أنه بالرغم من أن قرار مجلس الأمن لم يتضمن أي صياغة تحمل صفة الإلزام فإنه من الواضح أن الضغط على إسرائيل بات أكثر استحكاما  بعد انخراط حلفائها في محاولات الدفع نحو التوصل لوقف لإطلاق النار،  مما جعلها تواجه خطر اهتزاز علاقاتها الدولية.

وأشار سكرتير مفوضية الأمم المتحدة للإعلام بالشرق الأوسط، إلى أن محكمة العدل الدولية تمارس وظيفة استشارية من خلال إصدار فتاوى في قضايا تحال عليها من هيئات الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، لافتا إلى أن هذه التدابير الجديدة من المحكمة التي تعد أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة تأتي استجابة لطلب من جنوب إفريقيا ضمن دعوى شاملة رفعتها بريتوريا فى ديسمبر 2023، وتتهم فيها تل أبيب بـارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

وتابع "في البداية نثمن قرار محكمة العدل الدولية الذي يمثل إجماعاً دولياً على مطلب وقف الحرب الشاملة على غزة، هذا القرار الهام لمحكمة العدل الدولية، يضاف إلى جميع القرارات الدولية السابقة التي أكدت أن دولة الاحتلال ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطينى وتتطلب تدخلاً دوليًا عاجلاً لوقفها فورًا، فأمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف الهجوم العسكري على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة فورا".

واستكمل "دعا رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام إسرائيل إلى ضمان وصول بعثة تقصي الحقائق من أجل التحقيق بمزاعم الإبادة الجماعية وأي بعثة أممية أخرى إلى قطاع غزة من دون عراقيل  وأن على إسرائيل  أن تبقي معبر رفح مفتوحاً للسماح بتقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها من دون عوائق وبكميات كبيرة".

وقال رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام، إن المحكمة خلصت إلى أن إسرائيل لم تعالج بشكل كاف المخاوف التي تأتي بالتوازي مع العملية العسكرية في رفح، وأن المحكمة استنتجت أن العملية العسكرية في رفح ستسبب مخاطر لا يمكن السكوت عنها، بداية فإن مسؤولية الدول في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة تنبع بشكل واضح من جملة من الالتزامات التي تتضمن تعهدا أو واجبا على الدول باحترام تطبيقها ومنع انتهاك أحكامها والتي من بينها:

 قرارات مجلس الأمن

أثار قرار مجلس الأمن الأخير بشأن الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، حالة من النقاش بشأن مدى إلزامية قرارات المجلس.

بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن لمجلس الأمن سلطة إصدار قرارات تكون ملزمة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلا أن العقود الماضية شهدت جدلا بشأن الصيغة التي تجعل القرار ملزما وليس توصية، وهو الجدل الذي انسحب على عشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بما فيها القرار الشهير 242 بشأن الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967.

 وبينما كان هناك إجماع على أن نصوص قرارات المجلس التي يتم اتخاذها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تكون ملزمة فقد درج خلال العقدين الماضيين استخدام المجلس عبارات أكثر وضوحا في التعبير عن إلزامية القرار ومنها الإشارة إلى وجود تهديد للسلم الدولي أو إخلال به أو وقوع عمل من أعمال العدوان بموجب المادة 39 من الميثاق والتي تدخل ضمن أحكام الفصل السابع إضافة إلى تضمن فقرات القرار عبارة (يقرر) ومن ثم فإن هناك فرقا بين عبارة (يحث/يطالب مجلس الأمن) و (يقرر مجلس الأمن).

  اتفاقية منع الإبادة الجماعية

كان شهر يناير من العام الجاري فاصلا في إبراز تنامي عزلة إسرائيل الدولية وترسيخ القناعة بأن انتهاكاتها ضد المدنيين الفلسطينيين بلغت حدا غير مسبوق ولا يمكن السكوت عنه.

وقد باتت إسرائيل في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية للمرة الأولى منذ تأسيسها تحت طائلة انتهاك التزاماتها، بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

وبموجب المادة الأولى من الاتفاقية، فإنه يقع على عاتق الدول الموقعة مسؤولية واضحة في منع جريمة الإبادة الجماعية ووقفها.

واستندت جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل على المادة التاسعة من الاتفاقية والتي تتيح لمحكمة العدل الدولية النظر في أي نزاع ينشأ بين الأطراف في الاتفاقية بشأن تفسير المعاهدة أو نطاق تطبيقها بما في ذلك المسؤولية عن جريمة إبادة جماعية.

أما المادة الثامنة من ذات المعاهدة فتمنح الأطراف إمكانية استدعاء الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة لاتخاذ ما يلزم من تدابير لمنع ووقف أفعال الإبادة الجماعية وفقا لنصوص الاتفاقية.

وأشارت محكمة العدل الدولية إلى جملة من التوضيحات بشأن دور الدول الأطراف في الاتفاقية في منع الجريمة وفي قرارها في قضية البوسنة ضد صربيا فقد رأت المحكمة أنه حتى مع استدعاء الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة بموجب المادة الثامنة فإن ذلك لا يعفي الدول الأطراف من اتخاذ كل ما بوسعها من إجراءات لمنع وقوع الإبادة الجماعية، بما يتناسب مع ميثاق الأمم المتحدة وأي قرارات تصدر عن الأجهزة المختصة في الهيئة الأممية.

وفي هذا الصدد، أشارت المحكمة إلى مبدأ (العناية الواجبة) الذي يمكن من خلاله الاستنتاج بالتزام الدول الأطراف بمنع جريمة الإبادة الجماعية.

وقد اعتبرت المحكمة أن الالتزام وما يقابله من واجب التصرف ينشآن في اللحظة التي تعلم فيها الدولة أو كان ينبغي لها عادة أن تعلم بوجود خطر جدي بارتكاب جريمة إبادة جماعية".

عكس ماحدث في الدعوى التي رفعتها أوكرانيا ضد روسيا عام 2022 بشأن انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية أشارت المحكمة إلى أن الاتفاقية لم تحدد التدابير التي يجوز للأطراف المتعاقدة اتخاذها للوفاء بالتزاماتها بمنع الجريمة بيد أنه يبقى من واجب الأطراف تنفيذ هذا الالتزام بحسن نية مع مراعاة أحكام الاتفاقية خاصة المتعلقة باللجوء لمحكمة العدل الدولية أو الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة.

اتفاقيات جنيف لعام 1949

أشارت عشرات القرارات الدولية الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة المختلفة إلى انطباق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها شرقي القدس.

وقد نصت المادة الأولى المشتركة في الاتفاقيات الأربع على أن تتعهد الأطراف السامية بأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال.

وفي تعليقها على المادة المذكورة، أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى البعد الخارجي المتعلق بضمان احترام الاتفاقيات والذي لا يفرض على أطراف النزاع الالتزام بالاتفاقيات فحسب بل يوجب على الدول الثالثة (غير الأطراف) سواء كانت محايدة أو حليفة أو معادية أن تفعل كل ما بوسعها لكن بصورة معقولة لضمان احترام الاتفاقيات من قِبل أطراف النزاع.

وهي بذلك لا تبرر لتلك الأطراف التهديد باستخدام القوة أو حتى استخدامها بما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة بل تفرض عليها التزامات ومن بينها الامتناع عن نقل الأسلحة إذا كان يعتقد أنها ستستخدم في انتهاك الاتفاقية أو عدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن انتهاك الاتفاقيات كما يجري تفسير المادة الأولى على أنها تمنح الدول الأطراف في الاتفاقية استخدام كافة التدابير الملائمة في حدود المعقول التي تضمن احترام أطراف النزاع للاتفاقيات.

 التدابير المضادة ووقف الانتهاكات الإسرائيلية

خلال العقود الماضية تعارف المجتمع الدولي على ما يعرف (بـالتدابير المضادة) والتي تعني في مجملها الإجراءات التي تتخذها الدول في مواجهة سلوك غير مشروع لدول أخرى وتشمل تلك التدابير على سبيل المثال تعليق العلاقات الدبلوماسية أو وقف مبيعات الأسلحة أو قطع العلاقات التجارية وغيرها.

وفي الأسابيع الأولى للعدوان على قطاع غزة، أقدمت عدة دول على سحب سفرائها من تل أبيب أو قطع العلاقات الدبلوماسية معها بالكامل.

ولاحقا أخذ السلوك الدولي يتصاعد ضد إسرائيل حتى من قبل حلفائها خاصة بعد رفع جنوب أفريقيا دعواها بشأن انتهاك إسرائيل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، حيث أعلنت عدة دول من بينها كندا وإسبانيا وبلجيكا وغيرها حظر توريد الأسلحة إلى إسرائيل على خلفية الحرب في غزة.

بعد هجمات السابع من أكتوبر حظيت إسرائيل بشرعية واسعة على المستوى الدولي مكنتها من القيام بأكبر عملية إبادة جماعية للفلسطينيين منذ النكبة.

ودأبت الدول الحليفة لإسرائيل على دعم العدوان العسكري على قطاع غزة في البدايات والتأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكن الارتفاع غير المسبوق في أعداد الضحايا وفي غضون فترة زمنية قياسية أدى إلى تصاعد الأصوات المنددة بالحرب حول العالم خاصة في الغرب.

وفي حين تبدي إسرائيل رفضا لمطالب وقف إطلاق النار في غزة فإن قرار مجلس الأمن الأخير قد يؤدي إلى تصاعد الحراك الدولي الذي يستهدف الضغط على إسرائيل من خلال (التدابير المضادة) التي قد تنال من العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بين عواصم العالم وتل أبيب، وبالتالي التأثير على مجرى الحرب وحدتها.

إسرائيل فوق القانون

ولأن دولة الاحتلال تعتبر نفسها دولة فوق القانون الدولي ولا يمكن محاسبتها بفضل الدعم الأميركي الأعمى وحلفاؤها الذين يوفرون لها الدعم والحماية والإفلات من العقاب والمنحاز لصالح الاحتلال، فعلى المجتمع الدولي إلزام دولة الاحتلال بتنفيذ قرارات محكمة العدل والضغط عليها لاحترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي وتنفيذها.